أكل مال اليتيم


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إن الله - سبحانه وتعالى - أكد النهي عن أكل مال اليتيم ظلماً، فقال جل من قائل: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) [الإسراء: 34]. وقال: (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوباً كبيراً) [النساء: 2].

 

ثم ذكر آية مفردة في وعيد من يأكل أموال اليتامى، وحدد فيها نوع الجزاء والعقاب، فقال: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً) [النساء: 10]، أي إذا أكلوا مال اليتامى بلا سبب، فإنما يأكلون في بطونهم ناراً تتأجج في بطونهم يوم القيامة.

 

وهذه النار التي يأكلونها هي من نار جهنم. يروى أنهم يلقمون جمرات في النار تحرق أجوافهم، أو أنهم يسقون من الحميم الذي هو أشد حرارة مما يتصور، كما في قوله - تعالى -: ((وسقوا ماءً حميماً فقطع أمعاءهم)). (سورة محمد، الآية15).

 

فأخبر بأنهم إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً، أو أنهم يأكلون هذا المال الحرام ويعاقبون بأن يعذبوا في النار يوم القيامة، وهذا وعيد شديد.

 

وعلى المسلم أن يبتعد عن أكل أموال الناس بغير الحق، اليتامى وغيرهم، والله - تعالى -قد نهى عن أكل المال بغير حق، فقال - تعالى -: ((ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون)). (سورة البقرة، الآية: 188) يعني: لا تأكلوا أموال الناس التي تخصهم بغير حق ظلماً وعدواناً، فإنكم بذلك متعرضون لعذاب الله - تعالى -وغضبه.

 

ومن أكل أموال الناس بالباطل أكل مال حرام وسحت وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به)). (رواه أحمد والترمذي والدارمي).

 

 وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: \"اجتنبوا السبع الموبقات، قيل: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات\"

 

 قال السدي، يبعث آكل مال اليتيم يوم القيامة ولهب النار يخرج من فيه، ومن مسامعه وأنفه وعينيه، فيعرفه كل من رآه بأكل مال اليتيم.

 

 وروى ابن مردويه من حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: \"يبعث يوم القيامة القوم من قبورهم تأجج أفواههم ناراً، قيل: يا رسول الله من هم؟ قال: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً\".

 

 وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \"أحرِّج مال الضعيفين المرأة واليتيم\" أي أوصيكم باجتنابهما رواه ابن مردويه.

 

 

وقد ذكر - سبحانه وتعالى - الأكل، إلا أن المراد منه كل أنواع الإتلافات، فإن ضرر اليتيم لا يختلف بأن يكون إتلاف ماله بالأكل، أو بطريق آخر، فأكل مال اليتيم ظلماً إذاً كبيرة بالإجماع.

 

كما أن النار هي جزاء آكله وهذا ثابت كتاباً وسنة وإجماعاً.

 

ولا يستثنى من ذلك إلا أكل القائم على الأيتام والناظر في شئونهم، إذا كان فقيراً، وأكل من مالهم بالمعروف، لقوله - تعالى -: \"وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَليَستَعفِف وَمَن كَانَ فَقِيراً فَليَأكُل بِالمَعرُوفِ\" [النساء: 6].

 

وقد اختلف الفقهاء في الأكل بالمعروف ما هو؟

 

فذهب بعضهم إلى أنه أخذ المال على سبيل القرض، وأن لا يقترض من مالهم أكثر من حاجته.

وذهب آخرون إلى أنه يأكل ما يسد جوعته، ويكتسي ما يستر عورته ولا يلبس الرفيع من الثياب ولا الحلل.

وهذا كله إذا كان قائماً على الأيتام، ناظراً في أمورهم، فإذا لم يكن كذلك فلا يحل له شيء من مالهم.

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply