بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله حمدا طيبا كثيرا كما يجبُ ربُنا ويرضاه.
وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريك له، لا رب غيرُه ولا معبودَ بحقٍ, سواه.
وأشهدُ أن محمدا عبدُه ورسوله أفضلَ نبيا وأشرفَه وأزكاه. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنتَه واقتدى بهداه.
أما بعدُ أيها الناس، اتقوا اللهَ حق التقوى.
أيها القومُ أعيروا سمعَكم إنني أقذفوا نارا لا كلاما
ما أنا الشاكي ولكن أمةُ أصبحت تشكو كما يشكوا اليتامى
تبصرُ الشرَ ولا تنُكره وعم المعروفِ جبنا تتعامى
وتداري كلَ دجالِ ولو بث في أبناءِها الرأيَ الحراما
وترجي من أعاديها الهدى وتواليهم قضاةً واحتكاما
كم صفيقَ الوجهِ صفقنا له وسفيهٍ, قد جعلنَه إماما
وشريفَ القصدِ شهرنا بهِ وظلمناهُ اعتداءا واتهاما
إنها القضيةُ التي علاها الغبش، وحجبت تحت أستارِ الضباب، وأبعدت حتى تباعدت عنها الأمة، وأقصيت حتى أقصينا عنها.
أما القرآنُ فقد قررها على أنها قضيةُ جازمةُ حاسمة، قضيةُ لا تقبلُ التمييع، إنها قضيةُ لا يقبلُ اللهُ فيها إلا الجدَ الصارم، الجدَ الذي يليقُ بالمسلمِ في شؤونِ دينِه.
إنها القضيةُ التي أبدأ القرآنُ فيها وأعاد، وأظهرَ وقرر، حتى قال أحدُ أئمةِ الدعوةِ المباركة:
ليس في كتابِ الله - تعالى - حكمُ فيه من الأدلةِ أكثرَ ولا أبينَ من هذا الحكمِ بعد التوحيد.
إنها قضيةُ الولاء (ولاؤُنا لمن؟).
ولاؤُنا لمن نمنحَهُ، وعن من نصرفُه؟
أما القرآنُ فقد أجابَ وأبان: (إِنَّمَا وَلِيٌّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزبَ اللَّهِ هُمُ الغَالِبُونَ).
هكذا إنما وليكُم الله، هكذا على وجهِ الحصرِ والقصر الذي لا يدعُ مجالا للتأويلِ، ولا يتركُ فرصةً للتمييع.
إن المسألةَ في صميمِها مسألةُ عقيدةٍ, وإسلام، حتى لا يكون الإسلامُ مجردَ عنوانٍ, أو مجردَ رايةٍ, أو شعار، أو مجردَ داعيةٍ, أو إعلان، أو كلمةً تقال باللسان، أو نسبا ينتقلُ بالوراثة، أو صفا يلحقُ المواطنينَ في مكانٍ, من لأرض. كلا.. وإنما ليكونَ دينا يستلزمُ الولاءَ الكاملَ للهِ - عز وجل -.
لا ولاء إلا لرايةٍ, واحدة، ولا تناصرَ إلا بين العصبةِ المؤمنة، لأنَه تناصرُ يستمدُ من العقيدة.
إن الأمرَ مفاصلةٌ بين الصفِ المسلمِ وسائرِ الصفوف، فكلُ صفٍ, لا يتخذُ الإسلامَ دينا فالشأنُ بينَه وبين المسلمينَ المفاصلة، وكلُ صفٍ, يتخذُ الإسلامَ دينا ومنهجا، ويبتغي فيه حكما وحاكما فالشأن بينَه وبين المسلمين الولاءُ والمناصرة.
بين الصفِ المسلم آصرةُ وثيقةُ وصلةُ أكيدةُ، وبناءُ ولُحمة مؤسسةُ على العقيدة، لا تنفصمُ عُراها، ولا تهمُ قواها: (وَالمُؤمِنُونَ وَالمُؤمِنَاتُ بَعضُهُم أَولِيَاءُ بَعضٍ, يَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
تلكَ ولايةُ استلزمها القرآن، وأحكمَها القرآن، وأنزلَها وشرعَها الرحمن، ثم رعاها وحماها من كلِ ما يضادُها أو يوهنُها أو يمزقُها أو يفرقُها.
ومن أعظمِ ما يوهنُ هذا الركنَ الركين، والأساسَ العظيم تبديدُ هذا الولاء ليكونَ للمؤمنينَ وغيرِهم، ليسَ قاصرا على المؤمنينَ وليس خاصا بهم، فجاءتِ الآياتُ صارمةً صارخةً واضحةً تبينُ أنه لا ولاءَ إلا بإيمان، لا ولاءَ إلا بعقيدة، فإن لم يكن إيمانُ فليسَ ثمةَ ولاءُ وإنما مفاصلة، إنما هو البرءُ والبراءة.
أصغِ السمعَ إلى هذه القوارعِ والنذر التي تجعلُ سياجا قويا على هذا المبدأِ الأساس وهو الولاءُ والموالاة:
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد