المتحاورون .. وعلم لا ينفع ..!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

((اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعاء لا يسمع))

 

صلى الله عليك أيها الحبيب المصطفى.

إن السعي إلى العلم والمعرفة، والبحث والمطالعة في كافة الفنون، وبذل الجهد والوقت للازدياد من الثقافة والاطلاع.. إن ذلكم فعل حسن وعمل جيد، وهو كثير بحمد ربي في فئام لا بأس بها من بني قومي، غير أن القليل من هذا الكثير من يزكي علمه، ويطهر معارفه، ويتبع علمه بالعمل، ومعرفته بالتطبيق، فتغدو كثير من علومناº علم لا ينفع إن لم يضر ويهلك صاحبه.

إن العلم حين لا يصاحب بعمل، ولا يعقب بزكاة ونقاوة، ولا يميز صاحبه بخشية وتقوى، ما هو إلا ازدياد من حجة الله على صاحبه، فيكون علمه حجة عليه يعقبه حسرة وندامة.

وإننا نمارس في واقعنا تطبيقا كبيرا للعلم الذي لا ينفع، شعرنا بذلك أم لم نشعر، في مواقف يكون حظنا هو العلم لا العمل.

 

حين نعلم فضيلة الخلق الحسن، ومنزلة الأخلاق الفاضلة، ووجوب الإحسان إلى الناس جميعا بل وحتى الحيوان، وان نقول للناس حسنى، ونعلم أن نختار لإخواننا ليس حسن الكلام فحسب، بل وأحسنه وأطيبه..

حين نعلم ذلك، وتبقى الكثير من حوارتنا يسودها طابور من الأخلاق المشينة، والألفاظ البذيئة، وغير المهذبة، وامهر الأساليب والفنون في تنقص المخالفين وتحقيرهم..!

 

حينها ذلكم علم لا ينفع..!

 

وحين نعلم أن العدل واجب وفرض لازم، وان الشريعة الإسلامية توجب على المسلم أن يعدل مع الجميع، ولو كان عدوه وشانئه، فالعدل مبدأ لا مصلحة، وخلق لا تجارة..

حين نعلم ذلك، فإذا خصمنا أو خاصمنا نسفنا المخالف بكليته، ورمينا حقه وباطله، وغدت محاسنه مساويا لا يمكن أن يعتذر لصاحبها..

 

حينها ذلكم علم لا ينفع..!

 

وحين نعلم وجوب الرجوع إلى الكتاب والسنة، وفرضية التحاكم إليهما، وان لا خيار للمسلم في أن يختار أو يحتار في ذلك، وان الشرع حاكم لا محكوم..

حين نوقن بذلك، لكننا نغيب هذا كله، ونبحث عن أية أعذار أو مخارج لنتعلل ونتملص ونتصل من التزام حكم الشرع، ونضرب بأية حجة نسمعها في وجه الشرع، مع كونها لم تتخمر بعد، وربما نكون قد سمعنا بها ولم نعرفها حق معرفته.

 

حينها فذلك علم لا ينفع..!

 

وهكذا...

 

فكل علم لا يتبعه عمل وتطبيق واقعي، هو علم لا ينفع، وفي ظني أننا إلى عمل بما علمنا أحوج إلينا من مزيد العلوم والمعارف، فكثير من علومنا ومعارفنا تبقى حبيسة في رؤوسنا، وربما نبصرها في حوارات وصراعات ونزاعات، لكنها في الواقع والتطبيق نزر يسير..

وفق الله الجميع.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply