حول مسألة الحياء في الطب


  

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..وبعد:

فقد روى الشيخان البخاري ومسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الحياءُ لا يأتي إلا بخير».وفي رواية لمسلم: «الحياءُ خيرٌ كله».أو قال: «الحياءُ كُلّه خَير».

قال العلماء عليهم رحمة الله: «الحياء خلق يبعث على ترك القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق».

 

الحياء شعبة من شعب الإيمان

والحياء شعبة من شعب الإيمان يقول الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: «الإيمانُ بِضعٌ وسَبعونَ (أو بضعٌ وسِتُونَ) شُعبَة- فأَفضَلُهَا قَولُ لاَ إلَه إلاَّ الله، وأَدنَاها إِمَاطَةُ الأَذى عن الطَريقِ، والحياءُ شُعبةٌ مِن الإيمَان».

[متفق عليه]

ولقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد الناس حياءً حتى إنه كان أشد حياءً من الفتاة العذراء في سترها.

روى الشيخان البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: «كَان رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَشَدَّ حَيَاءً مِن العَذرَاء في خدرها، فإذا رأى شَيئًا يَكرَهُه عَرَفنَاه في وجهه».

ولقد كان نبي الله موسى بن عمران - عليه السلام - شديد الحياء ستيرًا لا يكاد يُظهِر شيئًا من جلده حتى آذاه بنو إسرائيل: فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا [الأحزاب: 69].

ويقول بعض كبار الأطباء: «لا حياء في الطب».

فأيهما نتبع: كلام سيد ولد آدم - عليهما السلام -؟ أم كلام بعض كبار الأطباء (وصغارهم) من المفتونين؟ إن الذي يؤسف له أن عامة الناس أعرضوا عن كلام الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وخلعوا (برقع الحياء) وتجردوا بذلك من شعبة من شعب الإيمان، واتبعوا ضلالات بعض الأطباء الذين زين لهم سوء عملهم فرأوه حسنًا، حتى أصبح المنكر معروفًا.

ومن أمثلة ذلك:

 

التجرد من شعب الإيمان

أولاً: كثير من النساء إذا مرضت إحداهن لا تبالي بالتداوي لدى طبيب رجل، ويزداد الطين بلة إذا كان هذا الطبيب غير مسلم، وفي أهون الأمراض يطلب منها الطبيب أن يكشف صدرها في حضور زوجها أو في عدم حضوره (إن كانت متزوجة)، ويصل الأمر إلى حد كشف العورة حين الولادة أو عند إجراء عملية جراحية في منطقة العورة، أو في غير ذلك من الحالات، وتزداد حسرة المؤمن الغيور عندما يحدث ذلك في مستشفى تعليمي حيث يأتي طلاب كلية الطب أفواجًا وجماعات فيطلعون على عورة تلك المرأة التي تجردت من شعبة من شعب الإيمان، مع أن الطبيبات كثيرات في أغلب فروع الطب بدءًا من تخصص الأمراض الباطنية ومرورًا بأمراض النساء والتوليد، بل إن بعض التخصصات في مهنة الطب تزيد فيها نسبة الطبيبات على نسبة الأطباء.

ولكن الذي يدفع أغلب النساء إلى عدم المبالاة هو إما البخل الشديد، أو قلة ذات اليد، فتلجأ المرأة إلى إحدى المستشفيات الحكومية سعيًا وراء العلاج المجاني، وكثيرًا ما تجد الطبيب يقوم بتوليد ابنته أو أخته أو ربما أمه أو زوجة أخيه أو أخت زوجته أو جارته أو زميلته أو زوجة صديقه أو... أو... على الحياء والمروءة والفضيلة!

الحجة الداحضة بأن الأطباء أمهر من الطبيبات السبب الثاني: هو زعم أغلب النساء أن الأطباء أمهر من الطبيبات، وهذه الحجة داحضة، وإلا فما هو المبرر لالتحاق البنات بالدراسة في كليات الطب؟ ثم إن أغلب الحالات تكون غير مستعصية بحيث لا تحتاج إلى مهارة شديدة في مهنة الطب: مثل الأمراض الباطنية الشائعة، ومثل حالات الولادة ومتابعة الحمل، حيث كانت القابلة (ومازالت) تقوم بتلك المهمة (بنجاح) على مر العصور، ونحمد الله أن لدينا الآن

طبيبات يمكنُهن إجراء العملية القيصرية في حالات الولادة المتعسرة.

 

الطالبات في كلية الطب والاطلاع على عورات الرجال

السبب الثالث: هو أن بعض النساء عندهن ميل شديد للتكشف أمام الرجال، وفي مقابل ذلك فهناك نساء أخريات فضليات توقع الواحدة منهن على إقرار بعدم إدخال أي طبيب رجل عليها مهما كانت الظروف أثناء الولادة أو أثناء إجراء أي عملية جراحية أخرى حتى لو أدى ذلك إلى موتها أثناء إجراء العملية أو بعدها، ومثل هذه المرأة المتسترة -يحفظها الله - ولا يخذلها حيث علم صدقها، يقول الله - تعالى -: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجعَل لَهُ مِن أَمرِهِ يُسرًا [الطلاق: 4].

ثانيًا: الطالبة في كلية الطب تطلع على عورات الرجال الأموات والمرضى، بل وتمسها في حصص التشريح وفي حصص الجراحة والأمراض الجلدية والتناسيلة وغيرها (وأثناء الامتحانات الشفوية)، وذلك أمام زملائها الذكور، بل وربما أمام أقارب المتوفى أو المريض، وأحيانًا يكون الأستاذ هو أبوها أو أخوها أو جارها أو... أو... وفي ذلك إهدار للمروءة وإعدام للحياء لدى الطالبة ولدى أبيها وأخيها وزوجها، ثم إذا تخرجت الطالبة وأصبحت طبيبة وعملت بأحد المستشفيات الحكومية فإنها كثيرًا ما تضطر (طوعًا أو كرهًا) للكشف على الرجال والاطلاع على عوراتهم ومسها.

ولقد سألت والد إحدى طالبات الطب: «هل تطيب نفسك أن ترى ابنتك (العذراء) تطلع على عورات الرجال وتمسها؟ » فقال بالحرف الواحد: «هل من بديل؟ ».

إجابة محزنة: والحقيقة أن فقدان المروءة والفضيلة والحياء هو الذي يسوغ لمثل هذا الأب أن يشجع ابنته على مثل هذه الفضائح في سبيل «البالطو الأبيض» وفي سبيل مائة وعشرين جنيهًا في آخر كل شهر، والله - تعالى -يقول: تُرِيدُونَ عَرَضَ الدٌّنيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ [الأنفال: 67]. والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: «تَعِسَ عَبدُ الدِينَارِ وَعَبدُ الدِرهَم». [رواه البخاري]

ثالثًا: الطبيبة التي تعمل في مستشفى تضطر إلى المبيت بالمستشفى ليلة في كل أسبوع (مثلاً) خلال الوردية الليلة التي تكون بالتناوب، وتقضي ليلتها بلا محرم مع زميلها أو مع مريضها أو مع غيرهما من موظفي المستشفى وعماله، هل هذا يرضي الله؟ واإسلاماه!!

 

طلبة مدرسة التمريض والإنسلاخ من الحياء

رابعًا: طالبة مدرسة التمريض يتم تدريبها على الانسلاخ التام من الحياء ومن الأدب (بمجرد إتمام الدراسة الابتدائية (يعني وهي في الثانية عشرة من عمرها) أو بعد إتمام الدراسة الإعدادية (أي عندما تصل إلى الخامسة عشرة من عمرها) أو بعد حصولها على شهادة الثانوية العامة والتحاقها بكلية التمريض (وهي في الثامنة عشرة من عمرها).

وهي إذ ذاك تتعرض يوميًا (منذ صغرها) للاطلاع على عورات الرجال من المرضى والموتى أكثر من طالبات كلية الطب، ولقد سألت أحد أساتذة الطب: «هل هناك رجل يقبل الزواج من الممرضة والحال هكذا؟ » فكان رده: «كلهن متزوجات».

ويبلغ الضلال مداه حينما ترى الممرضة تقوم بتغيير ملابس المريض وتكشف عورته أمام أولاده (أو إخوته) الذكور في حين أنهم يستطيعون القيام بتلك المهمة اليسيرة التي لا تحتاج إلى خبرة، ولكنه التسيب والتبلد والرضا بالمنكر والسكوت عنه.

ثم إن الإنسان ليكاد يصعق عندما يرى عاملة النظافة أو عاملة المطبخ تبقى في حجرة المريض أثناء كشف عورته ولا تسارع إلى الخروج حيث لا ضرورة لوجودها البتة في ذلك الوقت، وكأن العمل بالمستشفى يبيح المحظورات!!

ولقد دخلت إحدى النساء إلى مستشفى خاص للكشف في قسم أمراض البطن ظنًا منها أنها ستجد امرأة طبيبة فوجدت طبيبًا رجلاً ومعه طبيب آخر صديق يحادثه، فرجعت، فلما رأى المرأة رجعت قال: ادخلي يا مدام فهو طبيب مثلي، فسبحان الله امرأة تستحي، وطبيب متخرج في كلية الطب لا يفهم في الحياء شيئًا، لدرجة أنه يعتبر أن وجود طبيب آخر- لا ضرورة لوجوده- كأنه محرم للمرأة أو معه حصانة ضد الحياء فلا يستحيى منه، لمجرد أنه طبيب، والحقيقة أن أمثال هؤلاء ضيعوا الحياء وفقدوه، وإذا لم تستح فاصنع ما شئت.

ما السبب؟

 

صيانة عورات المسلمين والمسلمات من الابتذال

لا شك أنه يتعين على المسلمين بذل كل الجهود لصيانة عورات المسلمين والمسلمات من الابتذال، وعلى كل ذي مال وعلى كل ذي فكر أن يدلي بدلوه على النحو التالي:

 

إحياء خلق الحياء

1- تكريس الحاجز النفسي بين المرأة والرجل وإحياء خلق الحياء لدى الرجال والنساء بحيث إن قطع رقبة الرجل يكون أهون عليه من أن ترى عورته امرأة غير زوجته، بل يحفظ عورته عن سائر الرجال إلا لضرورة قهرية، وكذلك المرأة أهون عليها أن تموت ولا يرى عورتها (ولا أي شيء من بدنها) رجل غير زوجها، بل وتحجب عورتها وزينتها عن سائر النساء (خصوصًا الكافرات والفاسقات) إلا لضرورة، يقول المولى- تبارك وتعالى -: وَالَّذِينَ هُم لِفُرُوجِهِم حَافِظُونَ (5) إِلاَّ عَلَى أَزوَاجِهِم أَو مَا مَلَكَت أَيمَانُهُم فَإِنَّهُم غَيرُ مَلُومِينَ [المؤمنون: 5- 7].

ويقول أيضًا: قُل لِلمُؤمِنِينَ يَغُضٌّوا مِن أَبصَارِهِم وَيَحفَظُوا فُرُوجَهُم ذَلِكَ أَزكَى لَهُم إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصنَعُونَ (30) وَقُل لِلمُؤمِنَاتِ يَغضُضنَ مِن أَبصَارِهِنَّ وَيَحفَظنَ فَرُوجَهُنَّ [النور: 30، 31].

قال العلماء عليهم رحمة الله: «حفظ الفروج هو صيانتها عن الزنا وعن الاستمناء وعن الكشف لغير الأزواج».

 

إقتصار النساء على تطبيب النساء

2- ضرورة أن تقتصر النساء على تطبيب النساء وتمريضهن، وأن يقتصر الرجال على تطبيب الرجال وتمريضهم إلا أن تكون هناك ضرورة ملحة، يقول المولى- تبارك وتعالى -: فَمَنِ اضطُرَّ غَيرَ بَاغٍ, وَلاَ عَادٍ, فَلاَ إِثمَ عَلَيهِ [البقرة: 173].

لأن ما يحدث في مهنة الطب- بل وفي كليات الطب الآن هو عين الفوضى، بل وعين الانسلاخ من الحياء ومن المروءة والفضيلة، بل هو مروق من الدين.

ونحمد الله أن هناك من الطبيبات (في كثير من التخصصات) من تكتب على باب عيادتها لافتة تقول: «للنساء والأطفال فقط».

وفي مقابل ذلك فإن أحد كبار أساتذة قسم أمراض النساء والولادة في إحدى كليات الطب أقسم أنه لن يسمح لأي طالبة (أو معيدة) بدخول قسم أمراض النساء في تلك الكلية طالما أنه على قيد الحياة.

وبالفعل لم يتم رفع ذلك الحظر الجهنمي إلا بعد هلاك ذلك الأستاذ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

 

تشجيع إنشاء المستشفيات النسائية

3- تشجيع إنشاء المستشفيات النسائية الخالصة التي لا يدخل من بابها إلا النساء فقط (مريضة- طبيبة- ممرضة- موظفة- عاملة... إلخ). ويقوم ولي المرأة بتسليمها لإدارة المستشفى عند البوابة ثم ينصرف، ثم تقوم إدارة المستشفى بالاتصال به للحضور لتسلمها فور انتهاء الكشف عليها أو فور انتهاء إقامتها بالمستشفى إن كانت تحتاج إلى إقامة.

وعلى حد علمي فإن أول مستشفى نسائي في العالم تم إنشاؤه في لندان! ثم توالى إنشاء المستشفيات النسائية في الأردن وفي جدة ثم في القاهرة (مستشفى العزيز بالله بالزيتون)، أكثر الله المستشفيات النسائية في بلاد المسلمين، اللهم آمين.

 

فضائح توفير الجثث والهياكل للطلبة

4- ومن الفضائح التي تحدث في كليات الطب عملية توفير الجثث والهياكل العظمية للطلاب، فعلى سبيل المثال يحتاج طلاب كلية طب قصر العيني وحدها إلى (800 ثمانمائة) هيكل عظمي سنويًا يتم الحصول عليها من قتلى حوادث المرور الذين يصلون إلى المستشفى ولا يدركهم أهلوهم في خلال 24 ساعة، وكذلك من المحكوم عليهم

بالإعدام- أو غير ذلك- بِطُرُقٍ, وحشية، حيث يوضع القتيل في الغلاية ويبقى بها حتى ينضج لحمه، ثم يتم التخلص من اللحم والمرق بطريقة مهينة، ثم يباع الهيكل بستين جنيهًا (مثلاً).

وفي مقابل ذلك فإن التشريح محرم في إسرائيل، وتوجد بها وبالبلاد المتحضرة الأخرى التي تراعي حقوق الإنسان (من رعاياها)، توجد هياكل عظيمة صناعية (من البلاستيك) يتدرب عليها طلاب كليات الطب.

لذا نناشد كل ذي رأي سديد من علماء الدين وعلماء الطب الاجتهاد في البحث عن طريقة آدمية (مشروعة) لتوفير الجثث والهياكل العظيمة بغرض التعليم في كليات الطب.

وَاللَّهُ يَقُولُ الحَقَّ وَهُوَ يَهدِي السَّبِيلَ [الأحزاب:4].

والحمد لله رب العالمين.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply

التعليقات ( 1 )

.

20:23:27 2019-07-24

اولا علاج الطبيب الرجل للمراه جائز ثانيا ليس هناك علاقه بين دخول المراه للطب ورغبتها بالتكشف