من فتاوى فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان
- ما معنى هذا الحديث عن سفيان بن أسيد - أو بن أسد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \" كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثاً هو لك به مصدق وأنت له به كاذب \" -رواه أبو داود في سننه من حديث سفيان بن أسيد الحضرمي - رضي الله عنه؟
- نعم معناه واضح في تحريم الكذب في الحديثº لأن هذا فيه تغرير بالمسلمين، وفيه استعمال كبيرة الكذبº لأن الكذب من الكبائر، والله - تعالى - يقول: -إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون - النحل: 105-، وقوله - سبحانه وتعالى - : \" فنجعل لعنة الله على الكاذبين\" آل عمران: 61-، والكذب من صفات المنافقين كما قال - صلى الله عليه وسلم -: \" آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان \" -رواه الإمام البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -º فالكذب لا يجوز للمسلم أن يستعمله في حق أخيه المسلم ليغرر به وليخدعه.
الظن المنهي عنه
- يقول المولى- تبارك وتعالى -في محكم التنزيل: \"اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم\" الحجرات: 12-، فهل يعني قوله: أن الإنسان يظن بأخيه المسلم ظناً وهو لا يعلم هل صدر منه ذلك الأمر أم لا؟، فيقول: إن الله لم ينه عن الظن كله مثلما نهى عن الزنى حيث قال: -ولا تقربوا الزنى-الإسراء: 32-، لم يقل: بعض الزنى، فهل هذا يعني أن الظن إلزام على كل الناس؟
- الظن المنهي عنه هنا هو مجرد التهمة التي لا دليل عليها كمن يتهم غيره بالفواحش، ولم يظهر عليه ما يقتضي ذلك، ونهيه - سبحانه - عن كثير من الظن من أجل أن يتثبت الإنسان ولا يندفع مع الظنون من غير تثبت لئلا يقع في الظن الذي فيه الإثم، ولم ينه عن كل الظنº لأن من الظن ما يجب اتباعه والأخذ به، فإن أكثر الأحكام الشرعية مبنية على غلبة الظن كدلالة القياس ودلالة العموم، والظن المنهي عنه كأن يظن بأهل الخير سوءاً، فأما أهل السوء والفسوق فلنا أن نظن بهم شراً حسبما يظهر منهم.
التلفظ باللعن والسب والتنقص
- ما الحكم في التلفظ بكلمة فيها لعن لشخص آخر؟
- لا يجوز التلفظ باللعن والسب والشتم والتنقص للناس قال - تعالى -: \" ولا تنابزوا بالألقاب \" الحجرات: 11-، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: \"لعن المؤمن كقتله\" -رواه الإمام البخاري في صحيحه وقال: \" ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء\" -رواه الترمذي في سننه من حديث عبد الله - رضي الله عنه - فالمؤمن من يصن لسانه من التفوه بالسباب والشتم، وأشد ذلك اللعن، فإن اللعنة إذا صدرت منه إلى غير مستحق فإنها تعود عليه كما أخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن اللعنة ترجع على من قالها إذا كان من أصدرت إليه لا يستحقها، فلا يجوز للمؤمن أن يستعمل اللعن لا في حق الآدميين ولا في حق البهائم ولا في حق المساكين ولا غير ذلك، فإن هذه الكلمة شنيعة وقبيحة لا تليق بالمسلم.
العمل في المجتمعات المختلطة
- هناك مجتمعات قائمة على الاختلاط..فهل على المسلم أن ينأى بنفسه عن هذا المجتمع في حين أنه لا يملك التغيير؟ كذلك هل يتعامل مع كل وسائل اللهو أم يمنع نفسه؟..أم ماذا يفعل؟
- لا شك أن غالب المجتمعات البشرية في العالم الآن تموج بأنواع من الفتن التي أخبر عنها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وموقف المسلم من هذه الفتن وتلك المستجدات يجب أن يكون موقف المسلم الصحيح.. فإذا كان يترتب على اختلاطه بهذه المجتمعات أن يتمكن من أن يغيَّر شيئاً منها وأن يدعوهم إلى الله ويرشدهم إلى الصواب، فهذا أمر مطلوب وهو من مقاصد الدعوة. أما إذا كان ليس باستطاعته التأثير عليهم، بل في اختلاطه هذا خطر عليه وعلى ذويه، فعليه أن يهاجر بأن ينتقل إلى بلاد أخرى يمكن فيها ذلك، فالله - عز وجل - وسع المجالات وعدد الفرص، -ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب-الطلاق: 2-3-، فعلى الإنسان ألا يبدي العجز.. فالله قد تكفل بالأرزاق وجعل مع العسر يسراً ومع الكرب فرجاًº ولهذا فالإنسان عليه أن يحسن الظن بالله ويتوكل عليه ويخشاه، فالله قد وعد باليسر للمسلم وهو لا يخلف وعده. والسفر إلى بلاد الكفار فيه مخاطر على دين الإنسان، فإذا كان ليس مضطراً إليه فلا يسافر، وإن كانت هناك ضرورة له فعليه أن يتقي الله حسب استطاعته، -فاتقوا الله ما استطعتم-التغابن: 61-، فالإنسان الذي يلقي نفسه في الخطر ولا يأخذ بالأسباب الواقية، فهذا هو الذي يضيع نفسه، أما الذي يواجه الخطر بالأسباب الواقية بتقوى الله والتزام طاعته، والابتعاد عن الشر مهما أمكن فهذا حري أن يوفق ويحفظ.
تغيير اسم من أشهر إسلامه
- لقد هداني الله وأدخلني دين الحق والإسلام على أيدي بعض الشيوخ وتبع ذلك تغيير اسمي من عبد الصليب إلى عبد الله، ولكن ذلك لم يرضِ والدي الذي أمرني ألا أعتدي على اسمه واسم العائلة، وقد احتد بيني وبينه الخلاف مما جعلني أغادر مكان إقامة والدي وأهاجر إلى الديار الكريمة، إلا أنني ما زلت في حيرة من أمري هل الإسلام يطالبني بإرضاء والدي والعمل على طاعته ولو كان نصرانياً؟ أم يطالبني بأن أتجاهل ما قاله لي الوالد علماً بأن والدي نصراني وما زال يتعصب للنصرانية، واسمي السابق كان عبد الصليب؟
- أولاً: نشكر الله - سبحانه وتعالى - على ما وفقك من معرفة الحق والدخول في دين الإسلام الذي هو الدين الحق، والذي كلَّف الله به جميع أهل الأرض على اختلاف مللهم ونحلهم أن يتركوا ما هم عليه، وأن يدخلوا في هذا الدين الحق، الذي هو دين الله - سبحانه وتعالى - الذي ارتضاه لنفسه، فنشكر الله أن وفقك لهذا الخير العظيم، ونسأل الله أن يثبتك على دين الإسلام.
وأما من ناحية تغيير الاسم من عبد الصليب إلى عبد الله فهذا هو الواجب عليكº لأنه لا يجوز أن يعبد أحد لغير الله - عز وجل - فلا يقال: عبد الصليب، ولا عبد المسيح، ولا عبد الرسول، ولا عبد الحسين، قال الإمام ابن حزم: -أجمعوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله حاشا عبد المطلب-.
وأما المسألة الثانية: وهو علاقتك بوالدك، فالله - سبحانه وتعالى - أوجب بر الوالدين بالمعروف والإحسان ولو كانا كافرين، وقال - تعالى -: -ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون-لقمان: 14-15-، فيجب عليك أن تحسن إلى والديك الإحسان الدنيوي. وأما في الدين فأنت تتبع الدين الحق ولو خالف دين آبائك، مع الإحسان للوالدين من باب المكافأة فأنت تحسن إليهما وتكافئهما على معروفهما ولو كانا كافرين، فلا مانع أن تصل والدك وأن تبر به وأن تكافئه، ولكن لا تطعه في معصية الله - عز وجل -.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد
التعليقات ( 1 )
العلم نور
-فاعل خير
15:22:21 2020-07-09