آداب الأكل والشرب


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ما أجمل الجلوس مع الزوجة والأكل معها وتبادل أطراف الحديث سوياً....

ونحب أن نذكركما هنا ببعض الآداب التي ينبغي مراعاتها، ومن ذلك:

• تناول الطيب والبعد عن الحرام

قال - تعالى -: (يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقنَاكُم وَاشكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُم إِيَّاهُ تَعبُدُونَ) (البقرة: 172) وفي الحديث: (أيما جَسَد نَبتَ عَلى السُحتِ فالنَّار أولى به)

• غسل اليدين قبل الطعام. وهو من المستحبات، فقد يعلق بالأيدي شيء من الأوساخ ونحوها

 

• غسل اليدين بعد الطعام

فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكل كتف شاةِ فمضمض وغسل يديه وصلى. رواه أحمد وابن ماجه.

 

• يستحب للجنب أن يتوضأ و يغسل يديه قبل الأكل

فعن عائشة -رضي الله عنها-: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان جنباً فأراد أن يأكل أو ينام توضأ وضوءه للصلاة)، وعند أحمد: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة فإذا أراد أن يأكل أو يشرب غسل كفيه ثم يأكل أو يشرب إن شاء) رواه أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم.

 

• التسمية في ابتداء الأكل والشرب، وحمد الله - تعالى -بعدهما.

من السنة أن يسم الآكل قبل أكل طعامه، ويحمد الله - تعالى -بعد الفراغ منه. فعن عمر بن أبي سلمة- رضي الله عنهما- قال: كنتُ غلاماً في حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك. فما زالت تلك طِعمتي بعد) رواه البخاري ومسلم.

 قال ابن القيم - رحمه الله -: والتسمية في أول الطعام والشراب، وحمد الله في آخره تأثيرٌ عجيب في نفعه واستمرائه، ودفع مضرته. قال الإمام أحمد: إذا جمع الطعام أربعاً فقد كمل: إذا ذُكر اسم الله في أوله، وحُمد الله في آخره، وكثرت عليه الأيدي، وكان من حِل. زاد المعاد.

* إذا نسي الآكل أن يسمِّ الله قبل الطعام ثم ذكر في أثنائه فإنه يقول: (بسم الله أوله وآخره) أو (بسم الله في أوله وآخره). رواه أبو داود والترمذي

 

• الأكل والشرب باليد اليمنى والنهي عن الشمال.

 ففي حديث عمر بن أبي سلمة: (يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك)رواه البخاري. وعن جابر ابن عبد الله -رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تأكلوا بالشمال فإن الشيطان يأكل بالشمال) رواه مسلم. وقال - صلى الله عليه وسلم -: إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه وإذا شرب فليشرب بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله) رواه مسلم

 

• الأكل مما يلي الآكل.

فعن عمر بن أبي سلمة، - رضي الله عنه - أنه قال أكلت يوماً مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعلتُ آخذ من لحمٍ, حول الصحفة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كل مما يليك) رواه مسلم.

• استحباب الأكل من حوالي الصحفة، دون أعلاها.

فعن ابن عباس-رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا أكل أحدكم طعاماً فلا يأكل من أعلى الصحفة، ولكن ليأكل من أسفلها فإن البركة تنزل من أعلاها). رواه أبو داود

 

• استحباب الأكل بثلاثة أصابع ولعق اليد بعده.

من هديه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يأكل بأصابعه الثلاث، وكان يلعق يده بعد الفراغ من طعامه. فعن كعب ابن مالك عن أبيه أنه قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل بثلاث أصابع ويلعق يده قبل أن يمسحها) رواه مسلم. ويستحب للزوجين أن يتبادلان لعق الأصابع، فعن ابن عباس-رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا أكل أحدكم فلا يمسح يده حتى يلعقها أو يُلعقها)وعند أحمد وأبي داود: (فلا يمسح يده بالمنديل حتى يلعقها أو يُلعقها) رواه البخاري ومسلم.

 

• حمد الله - تعالى -بعد الفراغ من طعامه أو شرابه

وفي ذلك فضل عظيم فعن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها) رواه مسلم

ومن صيغ الحمد: (الحمد لله كثيراً طيباً مباركاً فيه غير مكفيٍّ, ولا مودَّعٍ, ولا مستغنًى عنه ربنا). (الحمد لله الذي كفانا وأروانا غير مكفيٍّ, ولا مكفور).

( الحمد لله الذي كفانا وأروانا غير مكفيٍّ, ولا مكفورٍ,. وقال مرة: الحمد لله كثيراً طيباً مباركاً فيه غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا). رواه البخاري.

 

• احترام النعمة ورفع الساقط من الأكل

فعن جابر ابن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان.. الحديث) وفي رواية: (إن الشيطان يحضُرُ أحدكم عند كل شيء من شأنه، حتى يحضرُه عند طعامه. فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط ما كان بها من أذى ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان. فإذا فرغ فليلعق أصابعه فإنه لا يدري في أيِّ طعامه تكون البركة ) رواه مسلم وأحمد.

 

• عدم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة.

جاءت الأحاديث بالوعيد الشديد لمن شرب في آنية الذهب والفضة، أو أكل في صحافهما. فعن حذيفة -رضي الله عنه- قال: (سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما، فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة) رواه البخاري ومسلم، وعن أم سلمة -زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (الذي يشرب في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم) رواه البخاري ومسلم.

 

• الحذر من الأكل متكئاً، أو منبطحاً على وجهه.

فقد ورد النهي عن ذلك، روى أبو جحيفة أنه قال: (كنت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لرجل عنده لا آكُلُ وأنا متكئٌ) رواه البخاري. وذلك لأنها من فعل الجبابرة وملوك العجم، وهي جلسة من يريد الإكثار من الطعام. وعن ابن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مطعمينº عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر، وأن يأكل وهو منبطح على بطنه) رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الألباني.

• الحذر من عيب الطعام واحتقاره.

فعن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: (ما عاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعاماً قط، كان إذا اشتهى شيئاً أكله وإن كرهه تركه) رواه البخاري ومسلم. وعلى الزوج أن يراعي زوجته فلا يعيب الطعام، خصوصاً في بداية الحياة الزوجية، وعليه أن يأتي بالأسلوب المناسب كأن يقول لو قللتي الملح لو كثرتي ونحو ذلك...

 

• كراهية التنفس في الإناء، والنفخ فيه

فعن أبي قتادة-رضي الله عنه-: (إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء) رواه البخاري ومسلم. وعن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (نهى أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه) رواه الترمذي وغيره.

 

• كراهية الشرب من فيِّ السقاء.

فعن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشرب من فم القربة أو السقاء وأن يمنع جاره أن يغرز خشبة في جداره ) رواه البخاري. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الشرب من فيِّ السقاء) روه البخاري.

 

• استحباب الكلام على الطعام.

مخالفة للعجم فإنها من عاداتهم، والمشابهة منهيٌ عنها. قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: قال إسحاق بن إبراهيم: تعشيت مرة أنا وأبو عبد الله[أحمد بن حنبل] وقرابة له، فجعلنا لا نتكلم وهو يأكل ويقول: الحمد لله وبسم الله، ثم قال: أكلٌ وحمدٌ خيرٌ من أكل وصمت. ولم أجد عن أحمد خلاف هذه الرواية صريحاً، ولم أجدها في كلام أكثر الأصحاب. والظاهر أن أحمد - رحمه الله - اتبع الأثر في ذلكº فإن من طريقته وعادته تحري الاتباع.

 

• كراهية الإكثار من الطعام، أو الإقلال منه بحيث يضعف الجسم.

فعن مقدام ابن معدي كرب قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (ما ملأ آدميٌ وعاءً شراً من بطنٍ,، بحسب ابن آدم أُكلاتٌ يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلثٌ لطعامه، وثلثٌ لشرابه، وثلثٌ لنفسه) رواه البخاري

 

• تحريم الجلوس على مائدة بها خمر.

فعن ابن عمر بن الخطاب-رضي الله عنهما - قال: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مطعمين، عن الجلوس على مائدة يُشرب عليها الخمر، وأن يأكل الرجلً وهو منبطح على بطنه) رواه أبو داود، وعند أحمد بلفظ: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يُشرب عليها الخمر... الحديث) والحديث صريحٌ في النهي، والعلة في ذلك أن الجلوس مع وجود ذلك المنكر فيه إشعارٌ بالرضى والإقرار عليه.

 

• عدم الإسراف في المأكل والمشارب:

فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا ما لم يخالطه إسراف أو مخيلة) رواه ابن ماجه وحسنه الألباني

 

• الوضوء من لحوم الإبل:

فعَن جَابر - رضي الله عنه - أنَّ رجلاً سَألَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: أأتَوضَأُ مِن لُحُومِ الغَنَمِ؟ قَال: (إِن شِئتَ فَتَوضَأ، وإِن شِئتَ فَلا تَتَوضَأ) قال: أَتوضَأُ مِن لُحُومِ الإبِل؟ قَال: (نَعَم فَتَوضَأ مِن لُحُومِ الإبِل) قَال: أُصلِي فِي مَرَابِضِ الغَنَم؟ قَال: (نَعَم) قَال أُصَلِي فِي مَبَارِك الأِبِل؟ قَال: (لا) رواه مسلم

 

• تجنب الجشاء على الطعام وغيره

عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: تجشأ رجل عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (كف عنا جشاءك فإن أكثرهم شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة) رواه الترمذي وابن ماجه وحسنه الألباني في صحيح الترمذي

 

• استحباب الأكل مع المملوك والخادم والعيال

فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين فإنه ولي علاجه) رواه البخاري

• يستحب الأكل مما تأكل منه الزوجة وتتبع مكان أكلها وشربها ففي ذلك خلق جم وتعامل يدل على حسن العشرة، فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كنت أشرب وأنا حائض، ثم أناوله النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع فاه على موضع فيّ فيشرب، وأتعرق العَرق وأنا حائض، ثم أناوله النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع فاه على موضع فيّ. رواه مسلم

فعلى الزوجين أن يراعيا هذه الآداب، ولا يغفلا عنها، وفق الله الجميع للحياة السعيد في الدنيا والآخرة.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply