الحمد لله ذو الجلال ومُحب الجمال، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على أفضل من تطيب ولبس وصلى وصام، وعلى آله وصحبه الكرام...وبعد:
أمر الله - سبحانه - عباده باللباس في قوله - تعالى -: {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم} الأعراف.كان المشركون في الجاهلية يطوفون بالبيت عُراة، الرجال بالنهار والنساء بالليل فأنزل الله هذه الآية آمراً عباده باللباس لما في ذلك من حفظٍ, لأعراضهم، وستراً لعوراتهم.
واللباس نعمة من نعم الله التي لا تُعد ولا تُحصى قال - تعالى -: {وإن تعُدوا نعمة الله لا تُحصوها إن الإنسان لظلومٌ كفار} [إبراهيم]، ولكن وللأسف أن كثيراً من الناس في هذا الزمان أساء استخدام اللباس، فنجد أن كثيراً من الرجال ـ هداهم الله ـ يُرخون لباسهم إلى ما أسفل من الكعبين وكأنهم تناسوا أن ذلك مما حرمه الله ورسوله - عليه الصلاة والسلام -، فتجد أن من الناس من يأتي إلى بيوت الله - عز وجل - بأردى الثياب وأوسخها على الإطلاق، ومنهم من يأتي بثياب النوم، ومنهم من يأتي بثياب شفافة قد لا تستر العورة ومعلوم أن ستر العورة شرط من شروط صحة الصلاة، فأين هؤلاء عن قول الله – عز وجل -: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} [الأعراف]، فهذا أمر من الله - سبحانه - لعباده المؤمنين بأخذ الزينة عند الذهاب إلى المساجد وذلك لأداء الصلوات أو استماع الخطب والمحاضرات أو غير ذلك من الأعمال الصالحة، وذلك لأن المساجد هي بيوت الله عزوجل، فأنت عندما تأتي للمسجد تأتي لمقابلة ملك الملوك تأتي للوقوف بين يدي من بيده ملكوت كل شيئ، إذاً من الواجب عليك أن تأخذ كامل الزينة من الثياب والطيب، وان تكون متهيئاً لمقابلة العزيز الجبار - سبحانه -، قال - صلى الله عليه وسلم -: {إن الله جميل يحب الجمال} [مسلم].
ولكن كثيراً من الناس في واقعنا هذا ضيعوا الاهتمام باللباس مع أن عندهم ـ ولله الحمد والمنة ـ الكثير والجميل من الثياب، ولكنهم ما أشعروا قلوبهم بأهمية هذا اللقاء مع الخالق - سبحانه -، وما شعُرت نفوسهم بحقيقة هذا اللقاء وأنه سيناجي ربه في صلاته، فلو امتلأ قلبه بأهمية هذا الموقف للبس أحسن اللباس وأغلاه وأجمله وأنظفه على الإطلاق، ولكن ما حصل هو العكس.
فكيف إذا أراد أحدهم أن يقابل مسؤولاً ما؟ كيف سيكون لباسه؟ وكيف سيكون عطره؟
وكيف سيكون الاهتمام والإنصات والاستماع إلى ذلك المسؤول؟ بالتأكيد سيتهيأ لهذه المقابلة من وقت بعيد ويشتري أفضل الملابس وأفضل العطور، وقد يقوم باستعارة بعض الملابس ولوازم المقابلة فالعقال من فلان والمشلح من آخر والحذاء من شخص ثالث والشماغ من رابع وكل ذلك اهتماماً بمقابلة ذلك المخلوق، فكيف بالخالق - سبحانه وتعالى - ـ فلله المثل الأعلى ـ لمن يكون التجمل والتهيؤ للخالق أم للمخلوق، للعبد أم للمعبود - سبحانه - قال - تعالى -: {إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً} [مريم].
إذاً اللباس الخاص بالخالق ينبغي أن يكون أفضل من لباس المخلوق، والتهيؤ للخالق أفضل وأعظم وأهم من التهيؤ للمخلوق قال - تعالى -: {قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار} [الرعد]، ومما يجب الانتباه إليه أن يكون اللباس موافقاً لما أمر الله به ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ويُجتنب ما نهى الله ورسوله عنه، قال - صلى الله عليه وسلم -: \" كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسرافٍ, ولا مَخِيلة \" [فتح الباري 11/423]، والمخيلة هي الكبر، والمخيلة تضر بالنفس حيث تُكسبها العُجب، وتضُر بالآخرة حيث تُكسب الإثم وتضُر بالدنيا حيث تُكسب المقت والكراهية من الناس، فالخيلاء هو التكبر ينشأ عن فضيلة يراها الإنسان في نفسه فيترفع بها عن الناس ويتكبر ويتعاظم عليهم وما علم ذلك المسكين أن من تعاظم على الله وضعه الله، قال - صلى الله عليه وسلم -: \" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر \" [مسلم]، وقال - عليه الصلاة والسلام -: \" أزرة المسلم إلى نصف الساق، ولا حرج أو قال لا جُناح عليه فيما بينه وبين الكعبين وما كان أسفل من الكعبين فهو في النار، ومن جر ثوبه خُيلاء لم ينظُر الله إليه يوم القيامة \" [صحيح رواه أبو داود والنسائي وغيرهما]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: \" وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل \" [قال في بهجة الناظرين الحديث ضعيف وورد بعض معناه في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود، عن بن مسعود قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: \" من أسبل إزاره في صلاته خُيلاء، فليس من الله في حل ولا حرم \".
فاحذر أيها المسلم، وانتبه أيها المصلي يا من تُسبل إزارك فأنت على خطر عظيم وصلاتك وأنت مسبل محل نظر من حيث صحتها، فالله الله باللباس الشرعي، أخي الحبيب اتّبع ما أُمرت به واترك الابتداع واحذ ر من مخالفة أوامر الله، فالسنة في لباس الرجال أن تكون ما بين نصف الساق إلى ما فوق الكعبين فما زاد فوق نصف الساق فهذا من التنطع، وما نزل عن الكعبين فصاحبه معرض لعقوبة الله ومقته وغضبه وسخطه، ومن قال أنه لم يجر ثوبه خُيلاء فالحقيقة أنه ذلك غير صحيح، ولو سئل لماذا أرخيت ثوبك أسفل من الكعبين؟ لقال أنها عادة، أخي الكريم العادة إذا خالفت الشرع والدين فليُضرب بها عرض الحائط فإنه لا حاجة لنا بها فالدين ولله الحمد والمنة كامل لا يحتاج إلى من يكمله قال - تعالى -: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً} [المائدة]، وإذا سئل من أمرك بأن تجر ثوبك؟ لسكت، لماذا لأنه اتباع للهوى والشهوات والشيطان وكل أساس ذلك هو الكبر والخيلاء ـ عياذاً بالله ـ وانزال الثوب أسفل من الكعبين محرم وفيه تعريض الثوب للأوساخ والنجاسات والتي يجلبها معه لبيوت الله، قال - تعالى -: {فليحذر الذين يُخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذابٌ أليم} [النور]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: \" بينا رجل يجر إزاره خسف الله به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة \" [البخاري]، فاحذر أخي المسلم أن يكتب الله عليك الشقاء واحذر من سوء الخاتمة ولتعتبر بهذه الأحاديث الصحيحة عن نبيك - صلى الله عليه وسلم - فلنا فيه القدوة والأسوة الحسنة، ولتعرف أخي الكريم أنك ما وجدت على هذه الأرض إلا لعبادة الله وحده واتباع أوامره - سبحانه - وأوامر رسوله - عليه الصلاة والسلام -، وكن مع الله وفي حزبه فإن حزب الله هم الغالبون، واحذر أن تكون مع الشيطان أوفي حزبه فإن حزب الشيطان هم الخاسرون فإن الشيطان سيتخلى عنك، فالشيطان مطرود من رحمة الله وقد كتب الله له النار يوم القيامة ولكن الشيطان طلب مهلة من الله إلى يوم القيامة، أتدري لماذا طاب هذه المهلة؟ طلبها ليقوم بغواية الناس وابعادهم عن دين الله عزوجل ثم بعد غواية للناس يتخلى عنهم، قال - تعالى -: {وقال الشيطان لما قُضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمونِ من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم} [إبراهيم]، وقال - تعالى -: {كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني برئٌ منك إني أخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها} [الحشر]، ولكن الواجب عليك أخي الحبيب أن تصبر على طاعة الله وقدره واعلم أن الله مع الصابرين، قال - تعالى -: {واطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين} [الأنفال]، فهنيئاً لك بالصبر لأن الله معك، ولا يضرك استهزاء الناس وسخريتهم منك أو بلباسك الموافق لما أمر الله به ورسوله واحتسب ذلك كله عند الله فما عند الله خيرٌ وأبقى، فلك في رسول الله قدوة حسنة فقد صبر على ما لقي من أذىً واستهزاء في دين الله واعلم أن ذلك ابتلاء من الله فالله - سبحانه - إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضى ومن سخط وتكبر وعاند وتجبر فله السُخط نعوذ بالله من ذلك. قال - صلى الله عليه وسلم -: \" ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم ولهم عذابً أليم: المُسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب \" [مسلم]، ففي هذا الحديث دلالة أكيدة على تحريم جر الثوب وإسباله خيلاء أو غير خيلاء، تكبراً أو غير تكبر، فيا أخي الكريم: إذا لم ينظر الله عزوجل إليك يوم القيامة فمن ينظر إليك؟ وإذا لم يرحمك الله - تبارك وتعالى - في ذلك اليوم العظيم فمن يرحمك؟ فأين سيكون مصيرك؟ وفي تطويل الثياب بالنسبة للرجال فيه تشبه بالنساء، لأن النساء مأمورات بتطويل ثيابهن وقد ورد النهي واللعن لمن تشبه من الرجال بالنساء، أتدري ماذا يعني اللعن، يعني الطرد والإبعاد من رحمة الله، فالأمر عظيم وشديد، وأنت أيها المسبل على خطر كبير، فالحذر الحذر من عذاب الله ومقته وغضبه.
وبعض الناس يحتج بالحديث الذي رواه بن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: \"من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة \" فقال أبو بكر: يا رسول الله إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: \" لست ممن يصنعه خيلاء \" [البخاري]، فالحديث ليس فيه حجة لهؤلاء، فأبو بكر - رضي الله عنه - وأرضاه كان رجلاً نحيفاً وكان كلما استرخى ثوبه ـ أي نزل ـ تعاهده ـ أي رفعه ـ فلنحافته - رضي الله عنه - كان الثوب يسترخي كلما تحرك بمشي أو غيره وذلك بغير اختياره، فهل تتعاهد أنت ثوبك كلما نزل؟ وأيضاً أبو بكر ليس مثلك فقد زكاه النبي - صلى الله عليه وسلم - وشهد له أنه ليس ممن يصنع ذلك خيلاء، وشهد له بالجنة، فهل حصلت أنت وفقك الله إلى مثل هذه التزكية وهذه الشهادة من رسول الله.
ولكنه أخي الكريم: الشيطان والهوى واتباع الشهوات وعدم قبول أوامر الله وأوامر رسوله صلى لله عليه وسلم، والحياء من الناس وعدم الحياء من الله، فالله أحق أن يُستحيا منه، والكبر والعناد، قال - تعالى -: {ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذابُ مهين} [النساء].
[فقد قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله رحمة واسعة - قال: والنبي - صلى الله عليه وسلم - أطلق الأحاديث في التحذير من الإسبال وشدد في ذلك ولم يقل إلا من أرخاها بغير خيلاء] ا. هـ، فمن قال أنه أرخاها بغير خيلاء فهذا غير صحيح.
أخي الكريم: هناك أمر خطير يغفل عنه كثير من الناس، ألا وهو أن من صلى بثوب محرم فصلاته غير صحيحة عند بعض العلماء، وبما أن الإسبال محرم فالصلاة في الثوب الطويل الذي هو أسفل من الكعبين الصلاة فيه في محل نظر ومحل خلاف بين العلماء، فانتبه واحذر. فإذا لم تكن صلاتك صحيحة فما فائدة بقية الأعمال إذاً. فالواجب على المسلم أن يتقي الله ويحذر مما حرمه عليه ويبتعد عن أسباب غضب الله – عز وجل -.
ويكون الإسبال أيضاً في الثياب والمشالح والسراويل والبناطيل وغيرها مما يلبسه الرجال، فعندما رأى عمر بن الخطاب شاباُ يمس ثوبه الأرض قال له: ارفع ثوبك فإنه أتقى لربك، وأنقى لثوبك. فاختر أخي القارئ: من اللباس ما هو جميل وموافق للسنة، ومن الطيب أفضله وأحسنه، وأفضل الثياب البياض ـ الأبيض ـ قال - صلى الله عليه وسلم -: \" البسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم \" [الترمذي وبن ماجه والنسائي وهو حديث صحيح الإسناد]، فكن قدوة حسنة لغيرك، فالوالدان قدوة، والمعلم قدوة، والإمام قدوة، والرئيس في عمله قدوة.
وإليك أخي القارئ الكريم هذا الحديث الجامع، قال - صلى الله عليه وسلم -: \" الإسبال في الإزار، والقميص، والعمامة، من جر شيئاً لم ينظر الله إليه يوم القيامة \" [أبو داود والنسائي وبن ماجه وهو حديث صحيح]، فالإسبال ليس في القميص فقط وإنما في كُم الثوب أيضاً، فالكم ينبغي أن يكون إلى الرسغ ـ وهو مفصل الكف ـ ويكون الإسبال في العمامة والغترة والشماغ، فينبغي ألا تصل إلى أسفل الآلية، فنجد أن كثيراً من شباب اليوم يلبس من الشماغ ما يمكن أن يُلبسه ويُلبسُ معه غيره، فيلبس من الغترة والشماغ ما قد يصل إلى وسط الفخذ من الخلف، وكل ذلك من الإسبال. فينبغي على المسلم إذا سمع أوامر الله ورسوله أن يقول: سمعنا وأطعنا، وألا يتشبه ويتمسك بما قالت اليهود، قالوا سمعنا وعصينا فلعنهم الله بقولهم هذا، قال - تعالى -: {إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون} [النور].
وقال - تعالى -: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً} [الأحزاب].
وأما اللباس عند النساء فعجيب ثم عجيب، فهن كما أخبر - عليه الصلاة والسلام -: \" كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وأن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا \" [مسلم]، فاعلمن أيتها المسلمات أن من أعظم الذنوب وأضر الفتن ما تفعله أكثر النساء في هذا الزمان من خروجهن متبرجات ومتطيبات ومقلدات لنساء الكفرة والفجور وأهل الفسق والسفور، ومتشبهات بلباس الرجال وذلك بلبس البناطيل التي هي في الأصل من لباس الرجال، والتي حرمها العلماء في هذا العصر لما فيها من التشبه بلباس الرجال، ولما فيها من إظهار لمفاتن المرأة، وقد ورد النهي عن التشبه بالرجال وورد اللعن لمن تتشبه من النساء بالرجال، وهن بذلك قد أغضبن الله، وأسخطنه، واستوجبن عقابه، ونقمته، وعذابه، قال - تعالى -: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} [النور]، وقال - تعالى -: {ولا يبدين زينتهن... } [النور]، فكلها أوامر من الله – عز وجل - للنساء بالتزام البيوت وعدم التبرج وعدم إظهار الزينة إلا لمحارمهن، فعلى النساء قبول أوامر الله - تعالى - وعدم العصيان، قال - تعالى -: {ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين} [النساء]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: \" من تشبه بقوم فهو منهم \" [حديث صحيح]، وقال بن عباس - رضي الله عنهما -: \" لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال \" [البخاري]، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: \" لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل \" [أبو داود بإسناد صحيح]، فقد وجد في هذا الزمان النساء الكاسيات العاريات، كاسيات بما عليهن من ثياب قصيرة وشفافة لا تستر ما تحتها، وعاريات بما ظهر من أجسادهن، وأسوأ من ذلك لبس الثياب الضيقة التي تُظهر مفاتن المرأة وتصور جسدها، وأكثر ما يلبس هذا الثوب العاهرات والكافرات الغربيات، ومن الألبسة المحرمة للنساء لبس النقاب المفتوح من قبل العينين وقد توسع النساء في النقاب وأشكاله حتى أصبح يُرى العينين والأنف والخدين فلم يعُد ذلك نقاب بل كأن المرأة كاشفة سافرة، ولا شك أن في ذلك فتنة للرجال، وقد يوقع البعض فيما حرمه الله - تعالى -، فاتقي الله يا من تلبسين هذه الثياب المحرمة والممنوعة شرعاً، واتقي الله يا أيتها المرأة المتبرجة أمام الناس واتقي الله يا من تخرجين إلى الأسواق غير متسترة، اتقي الله أيتها المرأة إن كنت تؤمنين بالله وبالوقوف بين يديه - سبحانه -، اتقي الله أيتها المسلمة وتوبي إليه إن كنت تفعلين شيئاً من هذه المنكرات فوالله إن عذاب الله شديد، واتقوا الله يا من تتركون نسائكم وبناتكم وأخواتكم على أي حال من هذه الأحوال، وألزموهن بالستر والحجاب والتحفظ والقرار في البيوت قال - تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} [التحريم]، فأين هؤلاء النسوة من نساء الصحابة وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهن، فعندما قال - صلى الله عليه وسلم -: \" من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: \" يرخين شبراً \" قالت: إذاً تنكشف أقدامهن. قال: \" فيرخينه ذراعاً لا يزدن \" [حديث صحيح أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي] فرحم الله أمهات المؤمنين، فلشدة حيائهن هاهي أم المؤمنين تخشى أن يتكشف شيء من جسدها فتطلب مزيد الستر، فأين هذا من حال نساء المسلمين المتبرجات التي تطلب أحداهن تقصير ثوبها ذراعاً أوباعاً، إنهن الكاسيات العاريات اللاتي أمر رسول الله بلعنهن نعوذ بالله من ذلك.
فأنت أيها المسؤول عن الأسرة، أيها القائم عليها، أيها المؤتمن عليها: ستُسأل عن هذه الأمانة يوم القيامة. قال - تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وانتم تعلمون} [الأنفال]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: \" كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته \" [متفق عليه]، وقال - عليه الصلاة والسلام -: \" ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاشٌ لرعيته، إلا حرّم الله عليه الجنة \" [متفق عليه]، فاعتبروا يا أولي الأبصار والعقول والأفهام.
ومما يؤسف له أيضاً في هذا الزمان، ومما عمت به البلوى وطمت، تقليد كثير من شباب المسلمين للكفار والمشركين، في لبسهم، وقصات شعرهم، وكثير من العادات التي حرمها الإسلام، ومن تشبه بقوم فهو منهم، والحقيقة أنه لا عزة للمؤمنين إلا بتمسكهم بدينهم واتباع سنة نبيهم - عليه الصلاة والسلام -، قال - تعالى -: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون} [المنافقون].
وهنا تظهر أهمية ولاة الأمر والوالدين والمعلمين والمعلمات والعلماء والدعاة وطلبة العلم لمنع مثل هذه الظواهر الخطيرة والدخيلة علينا في هذه البلاد الطيبة الطاهرة بلاد الأمن والأمان بلاد الإسلام والإيمان مهبط الوحي ومنبع الرسالات، وما هذه العادات إلا غزو فكري وعقدي لهدم عقيدة الشباب المسلم في هذه البلاد وفي غيرها من بلاد المسلمين، فلا بد من كبح جماح هذه الظاهرة ـ تقليد الكفار والمشركين ـ وذلك من خلال منع بيع مثل هذه الملابس المخلة بالدين، ففيها ما به صورة حيوانات أو رجال أو نساء وهذا مما يحرم الصلاة به، وهناك من الملابس ما هو مكتوب عليه عبارات تدعوا إلى الرذيلة والفساد وعبادة غير الله، ومعظم هؤلاء الشباب والشابات لم يدركوا معنى ما هو مكتوب على هذه الملابس، وإنما هو تقليد أعمى، فهم كالإمعة إن أحسن الناس أحسنوا وإن أساء الناس أساؤا، وكان الواجب عليهم إذا أحسن الناس أن يحسنوا، وإذا أساء الناس أن يجتنبوا هذه الإساءة، هذه الواجب على المؤمن، وكذلك الواجب على جميع المسلمين التعاون فيما بينهم على الخير والبر والتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يقفوا صفاً واحداً لمحاربة مثل هذه الأمور الدخيلة علينا.
أسأل الله العلي العظيم أن يوفق المسلمين والمسلمات لما فيه خير هذه الأمة وصلاحها، والالتزام بتعاليم هذا الدين الحنيف، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
والله أعلى وأعلم وأجل وأكمل، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد