بعض ممن يشرحون السيرة النبوية، يحصرون أحداث السيرة في العهد المكي بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين وبين قريش، مما يفهم منه أن الدعوة كانت محلية، علما بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى الطائف، وكان يعرض نفسه على القبائل في الحج، وجاءه الجن واستمعوا إليه، وجاءه فريق من نصارى الحبشة والشام حين سمعوا به - صلى الله عليه وسلم - فتلى عليهم القرآن وأسلموا. وفيهم نزل قول الله - تعالى -. في سورة القصص: ( ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون. وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين ) [القصص: 52، 53]
وأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعض أصحابه إلى الحبشة لتكوين نواة أخرى احتياطية للدعوة الإسلامية، ولم يكن سبب الهجرة هو الهروب من التعذيب كما تتكلم بعض المصادر، وإنما أصح من ذلك أن يقال أنها كانت لتكوين نواة احتياطية للدعوة الإسلامية، يدل على ذلك كون من هاجروا إلى الحبشة ممن لهم شوكة في مكة مثل جعفر بن أبي طالب وعثمان بن عفان...
وكونهم لم يرجعوا بعد الهجرة مباشرة بل بعد سبع سنيين من الهجرة حين استقرت الدولة الإسلامية بوضوح.
وبعد ذلك كاتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الملوك يدعوهم إلى الإسلام، فقد كانت الدعوة عالمية من يومها الأول وفي كل مراحلها.
أضف إلى ذلك البشارات التي كان يتكلم بها الرسول - صلى الله عليه وسلم - من فتح فارس والشام وجاء في الحديث \" تُفتَحُ اليَمَنُ فَيَأتِي قَومٌ يُبِسٌّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهلِهِم وَمَن أَطَاعَهُم وَالمَدِينَةُ خَيرٌ لَهُم لَو كَانُوا يَعلَمُونَ وَتُفتَحُ الشَّأمُ فَيَأتِي قَومٌ يُبِسٌّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهلِيهِم وَمَن أَطَاعَهُم وَالمَدِينَةُ خَيرٌ لَهُم لَو كَانُوا يَعلَمُونَ وَتُفتَحُ العِرَاقُ فَيَأتِي قَومٌ يُبِسٌّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهلِيهِم وَمَن أَطَاعَهُم وَالمَدِينَةُ خَيرٌ لَهُم لَو كَانُوا يَعلَمُونَ \"
وفي الحديث \" إِذَا هَلَكَ كِسرَى فَلَا كِسرَى بَعدَهُ وَإِذَا هَلَكَ قَيصَرُ فَلَا قَيصَرَ بَعدَهُ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَتُنفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ \"
وفي الحديث \" تَغزُونَ جَزِيرَةَ العَرَبِ فَيَفتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ فَارِسَ فَيَفتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تَغزُونَ الرٌّومَ فَيَفتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تَغزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفتَحُهُ اللَّهُ \"
فالدعوة كانت عالمية من يومها الأول، ومن المهم جدا التنبيه على هذا الأمر. فهناك من يردد أن الدعوة كانت محلية عربية، قرشية. ثم تحت أطماع استعمارية أصبحت عالمية.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد