لويس سيديو
[1] \"لقد حلّ الوقت الذي توجه فيه الأنظار إلى تاريخ تلك الأمة التي كانت مجهولة الأمر في زاوية من آسية فارتقت إلى أعلى مقام فطبق اسمها آفاق الدنيا مدة سبعة قرون.ومصدر هذه المعجزة هو رجل واحد، هو محمد - صلى الله عليه وسلم -.. \"(1).
[2] \".. لم يعد محمد - صلى الله عليه وسلم - نفسه غير خاتم لأنبياء الله [- عليهم السلام -] وهو قد أعلن أن عيسى بن مريم كان ذا موهبة في الاتيان بالمعجزات، مع أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - لم يعط مثل هذه الموهبة، وما أكثر ما كان يعترض محتجًا على بعض ما يعزوه إليه أشد أتباعه حماسة من الأعمال الخارقة للعادة! \"(2).
[3] \".. إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أثبت خلود الروح.. وهو مبدأ من أقوم مبادئ الأخلاق. ومن مفاخر محمد - صلى الله عليه وسلم - أن أظهره قويًا أكثر مما أظهره أي مشرّع آخر.. \"(3).
[4] \".. ما أكثر ما عرض محمد - صلى الله عليه وسلم - حياته للخطر انتصارًا لدعوته في عهده الأول بمكة، وهو لم ينفك عن القتال في واقعة أحد حتى بعد أن جرح جبينه وخده وسقطت ثنيتاه.. وهو قد أوجب النصر بصوته ومثاله في معركة حنين، ومن الحق أن عرف العالم كيف يحيي قوة إرادته ومتانة خلقه.. وبساطته، ومن يجهل أنه لم يعدل، إلى آخر عمره، عما يفرضه فقر البادية على سكانها من طراز حياة وشظف عيش؟ وهو لم ينتحل أوضاع الأمراء قط مع ما ناله من غنى وجاه عريض.. وكان - صلى الله عليه وسلم - حليمًا معتدلاً، وكان يأتي بالفقراء إلى بيته ليقاسمهم طعامه، وكان يستقبل بلطف ورفق جميع من يودّون سؤاله، فيسحر كلماءه بما يعلو وجهه الرزين الزاهر من البشاشة، وكان لا يضج من طول الحديث، وكان لا يتكلم إلا قليلاً فلا ينمّ ما يقول على كبرياء أو استعلاء، وكان يوحي في كل مرة باحترام القوم له.. ودلّ - صلى الله عليه وسلم - على أنه سياسي محنّك.. \"(4).
[5] \"بدت في بلاد العرب أيام محمد - صلى الله عليه وسلم - حركة غير مألوفة من قبل، فقد خضعت لسلطان واحد قبائل العرب الغيرى على استقلالها والفخورة بحياتها الفردية، وانضم بعض هذه القبائل إلى بعض فتألفت أمة واحدة\"(5).
--------------
(1) قصة الحضارة، 13 / 21 22.
(2) نفسه، 13 / 38.
(3) نفسه، 13 / 47.
(4) نفسه، 13 / 59.
(5) نفسه، 13 / 167.
----------------------------------------
هنري سيروي
[1] \"ومحمد - صلى الله عليه وسلم - لم يغرس في نفوس الأعراب مبدأ التوحيد فقط، بل غرس فيها أيضًا المدنية والأدب\"(1).
[2]\"محمد - صلى الله عليه وسلم - شخصية تاريخية حقة، فلولاه ما استطاع الإسلام أن يمتد ويزداد، ولم يتوان في ترديد أنه بشر مثل الآخرين مآله الموت، وبأنه يطلب العفو والمغفرة من الله - عز وجل -. وقبل مماته أراد أن يظهر ضميره من كل هفوة أتاها فوقف على المنبر مخاطبًا: أيها المسلمون، إذا كنت قد ضربت أحدًا فهاكم ظهري ليأخذ ثأره، أو سلبته مالاً فمالي ملكه. فوقف رجل معلنًا أنه يدينه بثلاثة دراهم، فردّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - قائلاً: أن يشعر الإنسان بالخجل في دنياه خيرٌ من آخرته. ودفع للرجل دينه في التو. وهذا التذوق والإحساس البالغ لفهم محمد - صلى الله عليه وسلم - لدوره كنبي يرينا بأن (رينان) كان على غير حق في نعته العرب قبل الإسلام بأنها أمة كانت تحيا بين براثين الجهل والخرافات.. \"(2).
[3] \"إن المحاولة الإسلامية في التاريخ ذات أثر كبير، والعبقرية العربية تجد في محمد - صلى الله عليه وسلم - منشئًا لحضارة التوحيد التي تعتبر ذات أهمية كبيرة، إذا فكرنا في القيمة الفلسفية للتوحيد، وفي تفوقها الكبير الذي جعل كل الشعوب الآرية تمارس أفكار تلكم الفلسفة. وهذه الثروة الروحية الغزيرة في الأمة العربية، راجعة إلى الغريزة النبوية والتي تعد واضحة لدى الشعوب السامية، فاليهود الذين يستطيعون الفخر بأنبيائهم الكبار، يقرون بأن روح النبوة قد اختفت لديهم بعد هدم معبدهم الثاني، وهذا ما يفسر بمعنى أكيد العداوة العنيفة والكثيرة التكرار في القرآن بالنسبة إليهم\"(3).
[4] \".. إن الحضارة الفكرية الذهنية الحقيقية لم تظهر وتوجد لدى العرب إلا لدى وصول محمد - صلى الله عليه وسلم -\"(4).
----------------------------------------------
(1) فلسفة الفكر الإسلامي، ص 8.
(2) نفسه، ص 17.
(3) نفسه، ص 31.
(4) دفاع عن الإسلام، ص 24.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد