وفاة أم النبي صلى الله عليه وسلم وكفالة جده ثم عمه


 

بسم الله الرحمن الرحيم

توفيت أم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ست سنين بالأبواء بين مكة والمدينة، وكانت قد قدمت به على أخواله من بني عدي بن النجار تزيره إياهم، فماتت وهي راجعة به إلى مكة، ودفنت بالأبواء، وبعد وفاة أمه كفله جده عبد المطلب، فعاش في كفالته، وكان يؤثره على أبنائه أي أعمام النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد كان جده مهيبًا، لا يجلس على فراشه أحد من أبنائه مهابة له، وكان أعمامه يتهيبون الجلوس على فراش أبيهم، وكان - صلى الله عليه وسلم - يجلس على الفراش ويحاول أعمامه أن يبعدوه عن فراش أبيهم، فيقف الأب الجد بجانبه، ويرضى أن يبقى جالسًا على فراشه متوسمًا فيه الخير، وأنه سيكون له شأن عظيم وكان جده يحبه حبًا عظيمًا، وكان إذا أرسله في حاجة جاء بها وذات يوم أرسله في طلب إبل فاحتبس عليه فطاف بالبيت وهو يرتجل يقول:

رب رد راكبي محمدا ***  رده لي واصنع عندي يدا

 

فلما رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - وجاء بالإبل فقال له: يا بني، لقد حزنت عليك كالمرأة حزنًا لا يفارقني أبدًا.

ثم توفي عبد المطلب والنبي - صلى الله عليه وسلم - في الثامنة من عمره، فأوصى جده به عمه أبا طالب فكفله عمه وحنّ عليه ورعاه.

 

أرادت حكمة الله أن ينشأ رسوله يتيمًا، تتولاه عناية الله وحدها، بعيدًا عن الذراع التي تمعن في تدليله، والمال الذي يزيد في تنعيمه، حتى لا تميل به نفسه إلى مجد المال والجاه، وحتى لا يتأثر بما حوله من معنى الصدارة والزعامة، فيلتبس على الناس قداسة النبوة بجاه الدنيا، وحتى لا يحسبوه يصطنع الأول ابتغاء الوصول إلى الثاني وكانت المصائب التي أصابت النبي - صلى الله عليه وسلم - منذ طفولته كموت أمه ثم جده بعد أن حرم عطف الأب وذاق كأس الحزن مرة بعد مرة، كانت تلك المحن قد جعلته رقيق القلب مرهف الشعور، فالأحزان تصهر النفوس وتخلصها من أدران القسوة والكبر والغرور، وتجعلها أكثر رقة وتواضعًا.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply