محبة مفترضة:
من حقوق النبي - صلى الله عليه وسلم - محبته، وقد ورد الأمر بها في القرآن. قال الله - تعالى -: {قُل إن كَانَ آبَاؤُكُم وَأَبنَاؤُكُم وَإخوَانُكُم وَأَزوَاجُكُم وَعَشِيرَتُكُم وَأَموَالٌ اقتَرَفتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخشَونَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرضَونَهَا أَحَبَّ إلَيكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ, فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأتِيَ اللَّهُ بِأَمرِهِ وَاللَّهُ لا يَهدِي القَومَ الفَاسِقِينَ} [التوبة: 24].
وموضع الشاهد: ما في الآية من الوعيد، لمن كانت محبته لشـيء، أكثـر مـن محـبته لله - تعالى - ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، في كلمتين هما:
أولاً: قوله: {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأتِيَ اللَّهُ بِأَمرِهِ} والتربص هنا للعقوبة، ولا تكون العقوبة إلا لترك واجب.
ثـانـياً: قوله: {وَاللَّهُ لا يَهـدِي القَومَ الفَـاسِـقِينَ} فقد وصـفهم بالفسقº وذلك لا يكون إلا بفعل كبيرة فما فوقها، من كفر وشرك، لا في صغيرة.
فمن قدّم شيئاً من المحبوبات على محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو فاسق، متربص ببلية تنزل عليه.
وقد اقترنت محبته - صلى الله عليه وسلم - بمحبة الله تعالىº وذلك يفيد التعظيم، كاقتران طاعته بطاعة الله - تعالى -.
وثمة نصوص نبوية صريحة، في وجوب تقديم محبته ـ - عليه الصلاة والسلام - ـ على كل المحبوبات الدنيوية:
3 النص الأول:
كان النبي آخذاً بيد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال له عمر:- «يا رسول الله! لأنت أحب إليَّ من كل شيء إلا من نفسي.
- فقـال النبـي - صلى الله عليه وسلم -: لا، والذي نفسي بيده! حتى أكون أحب إليك من نفسك.
- فقال له عمر: فإنه الآن والله! لأنت أحب إليَّ من نفسي.
- فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الآن يا عمر! ». [البخاري، الأيمان والنذور، باب: كيف كانت يمين النبي].
النفي المؤكد بالقسم يدل على وجوب تقديم محبته - عليه الصلاة والسلام - على النفس.
فأَمرُه بتأخير محبة النفس، وتقديم هذه المحبة النبوية عليـها ـ مع كون محبة النفس جِبِلَّة في الإنسان، يقدمها على كل شيء، ولا يُلامُ على ذلك في أصل الأمر، إلا إذا تجاوز بها إلى محظور ـ دليل وجوب، لا استحباب.
إذ لا يؤمَر الإنسان بترك فِطرة فُطِرَ عليها، وليست مذمومة في أصلها، إلا إذا قادته إلى محظور. وتقديم محبة النفس على محبة النبي - صلى الله عليه وسلم -، تقود إلى فعل المحظورات، كما هو مجرّب، فلذا وجب التقديم.
أمر ثانٍ,: النفس هالكة لولا فضل الله - تعالى - على الناس بهذا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو سبب نجاتها، فمحبته أحق بالتقديم.
3 النص الثاني:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» [البخاري، الإيمان].
هذا نص في وجوب أن يكون - عليه الصلاة والسلام - أحب إلى المرء من كل شيء دنيوي، وذلك لأمور:
- كونه نفى حصول الإيمان إلا بكونه أحب شيء، والإيمان واجب، وما تعلق به فهو واجب.
- ثم إن الخطاب جاء في حق الأعيان في قوله: «أحدكم»، فكل مؤمن مخاطب بهذه المحبة.
- ثم إنه أتى بصيغة التفضيل: «أحب»، وهو صريح في تقديم محبته مطلقاً على كل شيء دنيوي.
وهـذه المحـبة الواجبة من فرّط فيها فهو آثم مذنب، ومن قـدّم عليـه محـبة: الآباء، أو الأبناء، أو الإخوان، أو الأزواج، أو شيء مـن متـاع الدنـيا، فهو آثم فاسق، مستحق للعقوبة، فقـوله: «لا يـؤمـن أحـدكم...» نفي للإيمان الواجب، بمعنى أن من فعل ذلك فقد نقص إيمانه نقصاً يستحق به الإثم والعقوبة.
فالشارع لا ينفي واجباً، ثبت وجوبه، إلا لترك واجب فيه.
والإيمان واجب، ولا ينفي بقوله: «لا يؤمن... » إلا لترك واجـب فيـه، كالصـلاة لا تنفى إلا لترك واجب فيها، كقوله: «لا صلاة لمن لا وضوء له» [أخرجه أحمد].
والإثم والعقوبة متفاوت بحسب نوع التقديم:
فتارة يكون كفراً، وذلك في حالين:
- الأول: إذا كان التقديم مطلقاً، فلا يتعارض شيء مع محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا قدّم ذلك الشيء، وهكذا في كل شيء، فهذا يعبد هواه، ولا يعبد الله - تعالى - في شيء.
- الثاني: إذا كان التقديم في بعض الأحوال، لكن في أمور كفرية، ينقض بها أصل دينه، فيقدم محبة الأمور الكفرية على محبة النبي - صلى الله عليه وسلم -، كمن نصر الكافرين على المسلمين.
- وتارة يكون كبيرة، وذلك إذا قدّم محبة الكبائر على محبة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فشرِبَ الخمر وزنى، ولم يطع النبي - صلى الله عليه وسلم - في نهيه عنها، فهذا قدّم محبة هذه الكبائر.
- وتارة صغيرة، وذلك إذا فعل الصغائر، فقدم حبها على حبه النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وطاعتَه.
عبودية لا إلهية:
وليـس فوق محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا محبة الله تعالىº فإن محبة الله - تعالى - هـي أعلـى المحبـوبـات وأوجـبها على الإطلاق، ولا يجـوز أن يسـاوى بينه - تعالى - وبين غيره في المحبة، حتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن محبته وإن كانت عظيمة مقدمة على المحبوبات الدنيوية، لكنها تبقى في مرتبة البشرية، لا تبلغ مرتبة الألوهيةº فلله - تعالى - محبة تخصه تسمى: محبة التألٌّه، والخلة. ويقال كذلك: المحبة الذاتية. فلا يجب محبة شيء لذاته إلا الله - تعالى -.
ومــن هـنا يُفـهَم خـطأ من بالـغ في محـبة النبـي - صلى الله عليه وسلم -، حتى جـعله كمحبة الله - تعالى -، فنسب إليه خصائص الخالق - سبحانه -، من:
- علم الغيب.
- وتدبير الخلق.
- ونسبة إجابة الدعوات إليه.
- ودعائه والاستغاثة به من دون الله - تعالى - في قضاء الحوائج، وتفريج الكربات.
- وسؤاله شيئاً لا يقدر عليه إلا الله - تعالى -.
فـإن محبـة النـبي - صلى الله عليه وسلم - وإن اقـتـرنـت بمحبة الله - تعالى - إلا أنها كاقتران طاعته بطاعته. أما المحبة الإلهية فشيء وراء المحبة البشرية، وما أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ليعلّق القلوب بالله - تعالى -، ويخلص الناس محبتهم لله - تعالى - فلا يشركون فيها معه غيره، وهذه هي العبودية، التي قال - تعالى - فيها:
ـ {وَمَــا خَـلَقـتُ الـجِـنَّ وَالإنـسَ إلاَّ لِيَـعبُـدُونِ} [الذاريـات: 56]، أي: ليخلصوا المحبة والخضوع والطاعة لله - تعالى -.
وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من هذا المسلك غاية التحذير، وحرص على منع كل ذريعة تفضي إلى مساواته بالله - تعالى - في المحبة، فقال - عليه الصلاة والسلام - :
- «لا تُطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريمº فإنما أنا عبده، فقولوا: عبدُ الله ورسوله».
ومعنى الأثر: لا تبالغوا في مدحي، وتغلوا فيّ كغلوِّ النصارى في عيسى - عليه السلام -.
فإن النصارى زعموا فيه أنه إله، وأنه ابن الله - تعالى -: {كَبُـرَت كَلِمَةً تَــخرُجُ مِـن أَفوَاهِهِم إن يَقُولُونَ إلاَّ كَذِبًا} [الكهف: 5]، فقد خشي النبي - صلى الله عليه وسلم - من هذا المسلك، فنهى عن المبالغة في مدحه.
وقد وقع ما نهى عنه - صلى الله عليه وسلم -º حيث غلا فيه أناس حتى جعلوه في مرتبة الألوهية والربوبية:
- فنسبوا إليه ما لا يليق إلا بالخالق، وصنعوا به كما صنع النصارى بالمسيح، غير أنهم لم يقولوا: هو ابن الله، لكنهم نسبوا إليه: التصريف، وعلم الغيب، وإجابة الدعاء، وهذا إنزال له في مرتبة الألوهية، وإن لم يقولوا: إنه اللهº فإن العبرة بالمعاني والحقائق.
- كما أنهم ابتدعوا له عيداً، يحتفلون فيه بمولده - صلى الله عليه وسلم -، كابتداع النصارى عيد الميلاد للسيد المسيح - عليه السلام -، ولم يفعله ولم يأمر به - عليه السلام -، كما لم يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يأمر في حق نفسه الشريفة.
لقد اتبع طائفة من المسلمين سنن اليهود والنصارى حذو القُذة بالقُذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلوه، كما أخبر الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم -.
نعـم! النـبي - صلى الله عليه وسلم - أعـظم الخـلق، وسـيد ولـد آدم، وخليل الله - تعالى -، وأعـلى النـاس منـزلة يوم القيامة، وفي الجنة، وهو إمام الأنبياء والمرسلين، لا يبلغ مقامه نبي مرسل، ولا مَلَك مـقرَّب، غيـر أنـه تحت سقف العبودية، دون مرتبة الألوهية، وقولُه:- «إنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله».
تقريرٌ لهذه الحقيقة، ولجم وإبطال لدعاوى فريقين:
الأول: الغالي، الذي رفعه عن مرتبة العبودية، وذلك بقوله: «فقولوا: عبد الله».
والثاني: الجافي، الذي عامله كسائر الناس، فلم يميزه بالمرتبة العالية، وذلك بقوله: «ورسوله».
قال الله - تعالى -: {قُل لاَّ أَملِكُ لِنَفسِي نَفعًا وَلا ضَرًّا إلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَو كُنتُ أَعلَمُ الغَيبَ لاستَكثَرتُ مِنَ الـخَيرِ وَمَا مَسَّنِيَ السٌّوءُ إن أَنَا إلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَومٍ, يُؤمِنُونَ} [الأعراف: 188].
وتقديم محبته - صلى الله عليه وسلم - على كل شيء له أربعة أسباب: الاثنان الأولان منها على سبيل الوجوب، والآخران على سبيل الاستحباب:
الأول: أمر الله - تعالى - به، حيث تقدمت الأدلة الدالة على هذا، وهذا السبب وحده يكفي في الوجوب.
الثاني: منّته - صلى الله عليه وسلم - على أمتهº إذ هداهم الله به، ودلهم على طريق السعادة والنجاة من شقاء الدنيا والآخرة.
الثـالث: كماله الخُلقي: كرماً، وشجاعة، وإحساناً، ومـروءة، وصـدقاً، وعـدلاً، وأمـانـة، وحــلمـاً، ورحـمة، وعـفـواً وصفحاً. بالإضافة إلى العلم والفقه والبصيرة، وأية واحدة من هذه السجايا توجب محبة من تحلى بهاº فكيف بمن اجتمعت فيه على أكمل وجه. قال - تعالى -: {وَإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ, عَظِيمٍ,} [القلم: 4].
الرابع: كماله الخَلقي: فقد كان جميلاً، منيراً كالقمر، طيب الرائحة، عرقه كالمسك، معتدل القوام، حسن الشعر، جميل العين، أبيض البشرةº فله أوصاف الجمالº فمن رآه أحبه - صلى الله عليه وسلم -.
- الشوق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وعلامات المحبة - صلى الله عليه وسلم - متعددة، هي: الإيمان به، وتوقيره، ونصرته، وطاعته.
ثم إن منها كذلك: الشوق والأُنس عند ذكره، وتمني رؤيته، والجـلوس إليـه، ولو كـان ذلك لا يحصل إلا بإنفاق كل المال، وما عرف عن الصادقين من المؤمنين إلا مثل هذا الشعور الصادق، وهذه آثارهم:
1 ـ سأل رجل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: «متى الساعة؟
قال: «وما أعددتَ لها؟ »
قال: لا شيء، إلا أني أحب الله ورسوله.
فقال: «أنت مع من أحببتَ».
قال أنس: فما فرحنا بشيء فَرَحَنا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنت مع من أحببت».
- قال أنس: «فأنا أحب النبيَّ وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل أعمالهم» [البخاري، الأدب، باب: علامة الحب في الله دون قول أنس].
2 ـ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفس محمد بيده! ليأتين على أحـدكم يوم ولا يراني. ثم لأن يراني أحب إليه من أهله وماله معهم» [أخرجه مسلم في الفضائل، باب: فضل النظر إليه - صلى الله عليه وسلم -، وتمنيه، 4/1836].
3 ـ وجاء أن امرأة قُتِلَ أبوها وأخوها وزوجها يوم أحد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت:- «ما فعل رسول الله؟
- قالوا: خيراً، هو بحمد الله كما تحبين.
- فلما رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل» [الروض الأُنُف للسهيلي: 6/25، الشفا: 2/22].
4 ـ ولما احتُضر بلال - رضي الله عنه - قالت امرأته: «واحزناه! - فقال: واطرباه! غداً نلقى الأحبة.. محمداً وحزبه». [سير أعلام النبلاء: 1/359، الشفا: 2/23].
5 ـ ولمـا أخـرج أهـل مكة زيد بن الدثنّة - رضي الله عنه - من الحرم ليقتلوه، قال له أبو سفيان ـ ولم يكن قد أسلم بعدُ ـ:
- «أنشدك الله! أتحب أن محمداً الآن عندنا مكانك يُضرَب عنقه، وأنك في أهلك؟ ».
- فقال: «واللهِ ما أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة، وإني جالس في أهلي».
- فقال أبو سفيان: «ما رأيت من الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً». [السيرة النبوية الصحيحة للعمري: 2/400، سيرة ابن هشام: 3/160، الروض الأنف: 6/166، الشفا: 2/23].
6 ـ وكان خالد بن معدان لا يأوي إلى فراشه إلا وهو يذكر من شوقه إلى رسول الله وإلى أصحابه، ويسميهم ويقول: «هم أصلي وفصلي، وإليهم يحنّ قلبي، طال شوقي إليهم، فعجِّل ربِّ قبضي إليك»، حتى يغلبه النوم. [سير أعلام النبلاء: 4/539، الحلية: 5/210، الشفا: 2/21].
7 ـ وقد كانت الجمادات فضلاً عن المؤمنين تشتاق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتحبه وكذا البهائم:
- فقد كان - عليه السلام - يخطب إلى جذع نخلة، فلما صُنِع له المنبر، تحوَّل إليه، فحنّ الجذع، وسمع الناس له صوتاً كصوت العشار، حتى تصدع وانشق، حتى جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضع يده عليه فسكت، وكثر بكاء الناس لما رأوا به، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن هذا بكى لـِمَا فقد من الذكر، والذي نفسي بيده! لو لم ألتزمه، لم يزل هكذا إلى يوم القيامة»، فأمر به فدُفن تحت المنبر.
- وكـان الحـسن البصـري - رحمه الله - إذا حـدَّث بهـذا بكـى، وقـال: «يا عباد الله! الخشبة تحنّ إلى رسول الله شوقاً إليه بمكانه، فأنتـم أحـق أن تشتاقوا إلى لقائه». [بتصرف، وأصله مروي في صحيح البخاري، في المناقب، باب: علامات النبوة قبل الإسلام، 3/1314، انظر: الشفا: 1/304، صحيح الجامع: 2256].
8 ـ وقـد كان الطعام يسبِّح في يده، والشجر والجبل والحجر يسـلم علـيـه. [الشفا: 1/306، وأثر التسبيح عند البخاري، في المنــاقب، باب: علامـات النـبوة قبل الإسلام، 3/1312، وأثر تسليم الحجر في مسلم، الفضائل، باب: فضل نسب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتسليم الحجر عليه قبل النبوة، 4/1782].
9 ـ لما قـدم عمر - رضي الله عنه - الشام، سأله المسلمون أن يسأل بلالاً - رضي الله عنه - يؤذِّن لهم، فسأله، فأذّن يوماً، فلم يُرَ يوم كان أكثر باكياً من يومئذ، ذكراً منهم للنبي - صلى الله عليه وسلم -. [سير أعلام النبلاء: 1/357]
10 ـ عـن أُبَيِّ بـن كـعب - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله إذا ذهب ربع الليل قام، فقال: أيها الناس! اذكروا الله! اذكروا الله! جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه.
- فقلت: يا رسول الله! إني أُكثِرُ الصلاةَ عليكº فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت.
- قلت: الربع؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير.
- قلت: النصف؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير.
- قلت: الثلثين؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير.
- قـال: أجعل لك صلاتي كلها، قال: إذاً تُكفَى همَّك، ويـغـفر لك ذنـبك». [أخـرجـه الترمـذي: صفة القيامة، وأحمد: 5/136]º لأن من صلَّى على النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الله عليه بها عشراً، ومن صلى الله عليه كفاه همه وغفر ذنبه. [انظر: جلاء الأفهام: لابن القيم ص 46].
كثـير من الصالحين يرون النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام، بعضهم كان يـراه فـي كـل لـيلة، فـإذا مـا لم يره في ليلة اتهم نفسه بالنفاق، ورؤيته في المنام - صلى الله عليه وسلم - دليل على تعلق القلب به، واشتغال اللسان بالصلاة عليه، والعين بالنظر في سنته، والأذن في سماع حديثه.
أما أولئك الذين:
لا يصلٌّون عليه حتى إذا ذُكر.
ولا يسمعون لحديثه ولو تُلي.
ولا ينظرون في سنته، ولو مرّ بهم كتاب حديث.
فإنه لن يكون له في قلوبهم: ذكر، ولا شوق.
فأنَّى لهم أن يروه في المنام، ولو لمرة؟ فهل لهم أن يتهموا أنفسهم بالنفاق!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد