تهيئته لحمل الرسالة


  

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن استن بسنته واهتدى بهديه واقتفى أثره وسار على نهجه إلى يوم الدين. أما بعد:

 

تهيئته لحمل الرسالة:

ثم كانت تلك الحادثة العظيمة في بني سعد في شق صدره ونزع حظ الشيطان منه تهيئةً له لتحمل الرسالة:

روى ابن إسحاق بسند جيد أن الصحابة سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه فقال: «نعم أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى - عليهما السلام -، ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام، واسترضعت في بني سعد بن بكر، فبينا أنا في بهم لنا أتاني رجلان عليهما ثياب بيض معهما طست من ذهب مملوء ثلجاً، فأضجعاني فشقا بطني ثم استخرجا قلبي فشقاه فأخرجا منه علقة سوداء فألقياها، ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج، حتى إذا أنقياه رداه كما كان، ثم قال أحدهما لصاحبه. زنه بعشرة من أمته. فوزنني بعشرة فوزنتهم، ثم قال: زنه بمائة من أمته. فوزنني بمائة فوزنتهم. ثم قال: زنه بألف من أمته. فوزنني بألف فوزنتهم، فقال: دعه عنك، فلو وزنته بأمته لوزنهم» (ابن هشام 1175، ابن كثير السيرة 1299).

وروى مسلم عن أنس بن مالك: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاه جبريل - عليه السلام - وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه، فاستخرج القلب واستخرج منه علقة سوداء، فقال: هذا حظ الشيطان، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه، ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه - يعني ظئره - فقالوا: إن محمداً قد قتل. فاستقبلوه وهو منتقع اللون. قال أنس: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره».

 

كفالته بعد وفاة والدته:

وقد ماتت أمه وعمره ست سنوات، فكفله جده عبد المطلب ثم مات بعد سنتين فأوصى به إلى عمه أبي طالب فكفله عمه وحنّ عليه ورعاه.

وقد شب مع عمه أبي طالب تحت رعاية الله وحفظه له من أمور الجاهلية وعادتها السيئة.

«فكان أفضل قومه مروءةً، وأحسنهم خلقاً، وأكرمهم مخالطةً، وأحسنهم جواراً، وأعظـهم حلماً وأمانةً، وأصدقهم حديثاً، وأبعدهم من الفحش والأذى، ما رؤي ملاحياً ولا ممارياً أحداً، حتى سمّاه قومه الأمين، لما جمع الله فيه من الأمور الصالحة» (سيرة ابن كثير 1249).

 

إرهاصات وعلامات نبوته:

وقعت عدة أحداث كانت بمثابة إرهاصات وعلامات ودلالات على نبوته - صلى الله عليه وسلم - ومنها:

1- تسليم الحجر.

فعن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث. إني لأعرفه الآن» (رواه مسلم 41782).

 

2- الرؤيا الصادقة.

أما الرؤيا الصادقة فكما روت عائشة - رضي الله عنها - أن أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصادقة فكان لايرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح (رواه البخاري ومسلم).

 

3- العزلة والتحنّث.

لقد حبب إليه الخلوة فكان يخرج إلى غار حراء فيتحنّث فيه وهو التعبّدُ اللياليَ ذواتِ العدد. كما في الصحيحين.

وفي التعبّد درس للمسلم والداعية ليستعين بعبادة الله - تعالى -على مقاومة نزعات النفس، وشهواتها، ومغريات الحياة وأعراضها، ويتحمل مشاقّ الدعوة ومشاكلها وشدائدها، ويصبر على تربية الناس وتوجيههم وما يصدر عنهم من إعراض أو مشاقّة للداعية.

وصلّ اللّهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply