حق الرسول - صلى الله عليه وسلم - على أمته


  

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

وبعد:  فإن الله خلق البشرية لغاية واضحة، وهي غاية شريفة بمقدار ما يحققها الإنسان ترتفع منزلته عند الله، هذه الغاية هي: عبادته وحده كما قال - تعالى -:  (ومَا خَلَقتُ الجِنَّ والإنسَ إلاَّ لِيَعبُدُونِ)، وقال - تعالى -: (ومَا أُمِرُوا إلاَّ لِيَعبُدُوا اللَّهَ مُخلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ويُقِيمُوا الصَّلاةَ ويُؤتُوا الزَّكَاةَ وذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ)، وقد كانت بداية البشرية التوحيدº فكانت عليه حقبة من الزمن ثم ضلت عنه، كما جاء ذلك في الحديث الذي رواه مسلم في (صحيحه)، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يقول الله: إني خلقت عبادي حنفاء، فجاءتهم الشياطين، فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم).

قال ابن عباس: (بين آدم ونوح عشرة قرون، كلهم على التوحيد، ثم طرأً الشرك عليهم بعد إيمان، وأرسل الله الرسل للبشرية ليردوهم إلى الحق ويذودوهم عن حياض الشرك، (قُلنَا اهبِطُوا مِنهَا جَمِيعاً فَإمَّا يَأتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنُونَ).

وكان مبدأ الشرك من الغلو في الصالحين وإنزالهم فوق منزلتهم، واعتقاد أن الخير يأتي عن طريقهم، وأنه لا يُوصَل إلى الله إلا بهم.

قال المفسرون في تفسير قوله - تعالى -: (وقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُم ولا تَذَرُنَّ وداً ولا سُوَاعاً ولا يَغُوثَ ويَعُوقَ ونَسراً) قالوا: \" هذه أسماء رجال صالحين من بني آدم، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين يقتدون بهم: لو صورناهم لكانوا عوناً لنا على العبادة، ولذكرتنا صورهم فعل الخير، فصوروهم، فلما انقرض ذلك الجيل، وجاء مَن بعدهم: أوحى إليهم إبليس بأن آباءهم كانوا يعبدون تلك الصور، وبهم يسقون المطر، فعبدوهم).

 وهذا يدلنا على أن مبدأ الانحراف عن التوحيد إلى الشرك إنما كان بسبب الغلو في بعض من يظن بهم الصلاح.

 وقد حذر نبي هذه الأمة، محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - أمته أن تقع فيما وقعت به الأمم السابقة من الغلو والإطراء الذي لا تسيغه الشريعة، ولا يقبل به عقل سليم ولا يقره منطق قويم، حذرنا بقوله فيما رواه عنه عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد الله ورسوله) متفق عليه.

وقد كان من شأن النصارى أنهم قالوا في عيسى: هو الله، وبعضهم قال: هو ابن الله، وبعضهم قال: هو ثالث ثلاثة، كما حكى الله عنهم تلك الأقوالº ورد عليهم قولهم، فقال: (وإذ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابنَ مَريَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وأُمِّيَ إلَهَينِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَن أَقُولَ مَا لَيسَ لِي بِحَقٍ,ّ إن كُنتُ قُلتُهُ فَقَد عَلِمتَهُ تَعلَمُ مَا فِي نَفسِي ولا أَعلَمُ مَا فِي نَفسِكَ إنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ * مَا قُلتُ لَهُم إلاَّ مَا أَمَرتَنِي بِهِ أَنِ اعبُدُوا اللَّهَ رَبِّي ورَبَّكُم).

وقد غلا إخوانهم اليهود من قبل مثل هذا الغلو حين قالوا: عزير ابن الله، كما قال - تعالى -عنهم: (وقَالَتِ اليَهُودُ عُزَيرٌ ابنُ اللَّهِ وقَالَتِ النَّصَارَى المَسِيحُ ابنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَولُهُم بِأَفوَاهِهِم يُضَاهِئُونَ قَولَ الَذِينَ كَفَرُوا مِن قَبلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤفَكُونَ).

وقد جاء التحذير عاماً عن الغلو في كل شيء، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه عنه ابن مسعود: (هلك المتنطعون، قالها ثلاثاً) رواه مسلم.

وقد أخبر رسول الهدى أن هذه الأمة ستقلد الأمم السابقة فقال: (لتتبعن سَنَنَ من كان قبلكم حذو القُذَّةِ بالقُذَّةِ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) متفق عليه.

 وقد كان من متابعة الأمم السابقة: الغلو في الصالحين والأنبياء، ومن أمثلة ذلك: غلو بعض الناس بالنبي محمد، - صلى الله عليه وسلم -، فيعتقد أنه يعلم الغيب كما قال القائل: فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم وفات هؤلاء قوله - تعالى -: (ولَو كُنتُ أَعلَمُ الغَيبَ لاستَكثَرتُ مِنَ الخَيرِ ومَا مَسَّنِيَ السٌّوءُ).

ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يدري متى وقت الساعة كما جاء في حديث جبريل- عليه السلام -.

وبعضهم يعبد الله ومحمداً، فيصرفون له شيئاً من العبادة، ويجعلونه نداً لله، وبعضهم يقول:  إن الله خلق آدم وجميع المخلوقات من أجل الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -.

 وبعضهم يعتقد أن الأرزاق من كفه - صلى الله عليه وسلم -، وهذا مناقض لقوله - تعالى -: (قُل لاَّ أَقُولُ لَكُم عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ ولا أَعلَمُ الغَيبَ ولا أَقُولُ لَكُم إنِّي مَلَكٌ إن أَتَّبِعُ إلاَّ مَا يُوحَى إلَيَّ قُل هَل يَستَوِي الأَعمَى والبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ).

 والغلو لا يقف عند حدٍّ,، وإنما يجمعه أنه تجاوز القدر الصحيح، فالرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - هو محمد بن عبد الله، رسول الله، ونبيه، وعبده، لا يجوز هذه المنزلة، وهو سيد ولد آدم، والشافع لهم يوم الحشر بإذن الله كما قال - تعالى -: (قُل إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثلُكُم يُوحَى إلَيَّ أَنَّمَا إلَهُكُم إلَهٌ واحِدٌ فَاستَقِيمُوا إلَيهِ واستَغفِرُوهُ ووَيلٌ لِّلمُشرِكِينَ).

 وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد)، وكل مسلمٍ, يقول: (أشهد أن محمداً عبده ورسوله - وذلك في تشهد الصلاة).

  فكون الرسول بشراً لا ينقص من قدره، ولا يجعلنا نرفض الاقتداء به كما قال المشركون، (أبشراً مِّنَّا واحِدًاً نَّتَّبِعُهُ إنَّا إذًاً لَّفِي ضَلالٍ, وسُعُرٍ,)، بل إن بشريته هي التي تجعل منه القدوة التي نقتدي بها، والأسوة التي نتأساها، وقد اختار الله نبيه من خير الناس كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فأنا خيار من خيار من خيار).

واختاره لأعظم عملٍ,، وهو الرسالة وتبليغ دينه للعالمين، (اللَّهُ أَعلَمُ حَيثُ يَجعَلُ رِسَالَتَهُ) وقد استغرب المشركون اختياره دون واحد من العظماء، (وقَالُوا لَولا نُزِّلَ هَذَا القُرآنُ عَلَى رَجُلٍ, مِّنَ القَريَتَينِ عَظِيمٍ,)، ورباه الله على أحسن الخلق، (وإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ, عَظِيمٍ,).

 وقد قام بالبلاغ أتم قيام، وبلّغ رسالته للعاملين أتم بلاغ، كما قالت عائشة: من قال لكم إن محمداً كتم شيئاً مما أوحاه الله فقد أعظم الفرية، ولو كان مُخفياً شيئاً لأخفى قوله: (وتُخفِي فِي نَفسِكَ مَا اللَّهُ مُبدِيهِ وتَخشَى النَّاسَ واللَّهُ أَحَقٌّ أَن تَخشَاهُ).

وقد تحمل في سبيل تبليغ دعوته صنوف الأذى، والاضطهاد، وكابد المشقات حتى نصره الله وبلغ دينه.

 وله -في ذلك -على كل مسلم أجر، وله على كل مسلم حق، فما هو حق الرسول - صلى الله عليه وسلم - على أمته؟ º أهو إطراؤه -وقد نهى عنه-؟ º أم هو المدائح وفيها من الغلو الشيء الكثير؟ º أم هو صرف شيء من العبادة إليه كالاستشفاع والاستغاثة ودعائه من دون الله؟ إن كل هذا يناقض أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وقد نهى عنه أشد النهي كما تقدم، إذن ما هي حقوق الرسول - صلى الله عليه وسلم - على أمته؟ يمكن أن نجمل تلك الحقوق في أربعة أمور:

1- تصديقه، والإيمان به، واتباع سنته وطاعته.

 2- محبته - صلى الله عليه وسلم -، ومحبة سنته، ومحبة ما يحبه.

 3 - توقيره وتعزيره.

 4 - الصلاة والسلام عليه.

 وسنتعرض لهذه الأمور بذكر الأدلة عليها من القرآن والسنة، فنقول:

1 - تصديقه، والإيمان به، واتباع سنته وطاعته، وهذا هو معنى شهادة: أن محمداً رسول الله، قال - تعالى -: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنٌّورِ الَذِي أَنزَلنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعمَلُونَ خَبِير)، وقال: (ومَن لَّم يُؤمِن بِاللَّهِ ورَسُولِهِ فَإنَّا أَعتَدنَا لِلكَافِرِينَ سَعِيراً).

 وقد أمر الله عباده بطاعة نبيه فقال: (يَا أَيٌّهَا الَذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ ولا تَوَلَّوا عَنهُ وأَنتُم تَسمَعُونَ).

 وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (كل أمتي يدخل الجنة إلا من أبى، قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى) رواه البخاري والحاكم.

 وقد أمر الله عباده المؤمنين باتباع نبيه، والاقتداء بسنته، فقال: (قُل إن كُنتُم تُحِبٌّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحبِبكُمُ اللَّهُ ويَغفِر لَكُم ذُنُوبَكُم واللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، و:  (فَآمِنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَذِي يُؤمِنُ بِاللَّهِ وكَلِمَاتِهِ واتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُم تَهتَدُونَ).

 ورغَّب في قبول حكمه، والتسليم لقضائه والرضى بأمره، (فَلا ورَبِّكَ لا يُؤمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِم حَرَجاً مِّمَّا قَضَيتَ ويُسَلِّمُوا تَسلِيماً)، وقد جعل الله عبده محمداً قدوة المؤمنين وأسوة المتأسين، (لَقَد كَانَ لَكُم فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرجُو اللَّهَ واليَومَ الآخِرَ وذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) [الأحزاب: 21]، وحذر من مخالفته، والخروج عن أمره (فَليَحذَرِ الَذِينَ يُخَالِفُونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصِيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصِيبَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ)، (ومَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى ويَتَّبِع غَيرَ سَبِيلِ المُؤمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى ونُصلِهِ جَهَنَّمَ وسَاءَت مَصِيراً) [النساء: 114].

 

2- محبته - صلى الله عليه وسلم -، قال - صلى الله عليه وسلم -: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين) رواه الشيخان، وأخرجا عن أنس أيضاً: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنجاه الله منه كما يكره أن يقذف في النار).

وقال عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (لأنت أحب إليَّ من كل شيء إلا نفسي التي بين جنبي، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: لن يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه، فقال عمر: والذي أنزل عليك الكتاب لأنت أحب إليَّ من نفسي التي بين جنبي، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: الآن يا عمر)، رواه البخاري.

(وجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: متى الساعة يا رسول الله؟ قال: ما أعددت لها؟ قال: ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله، قال: أنت مع من أحببت) رواه مسلم والبخاري.

 ولمحبته - صلى الله عليه وسلم - علامات، منها: الاقتداء به، وإيثار شرعه، وتقديمه على أهواء النفس، وذكره بالصلاة عليه كما شرع، ومحبة أصحابه وما يحبه - صلى الله عليه وسلم - كحب أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وأزواجه مثل، عائشة التي سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من أحب الناس إليك فقال: عائشة، قالوا: من الرجال، قال: أبوها).

 

3 - تعزيره وتوقيره، وتعظيم أمره: قال - تعالى -: (إنَّا أَرسَلنَاكَ شَاهِداً ومُبَشِّراً ونَذِيراً * لِتُؤمِنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ وتُعَزِّرُوهُ وتُوَقِّرُوهُ وتُسَبِّحُوهُ بُكرَةً وأَصِيلا) [الفتح / 8 - 19]، وروى مسلم عن عمرو بن العاص قال: (وما كان أحد أحب إليّ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أجلّ في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت، لأني لم أكن أملأ عيني منه). وخير تعظيم لرسول الله تعظيم سنته.

 

 4 -الصلاة والسلام عليه: لقوله - تعالى -: (إنَّ اللَّهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلٌّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيٌّهَا الَذِينَ آمَنُوا صَلٌّوا عَلَيهِ وسَلِّمُوا تَسلِيماً)، والصلاة من الله: ثناؤه على أنبيائه، والصلاة من الملائكة: الاستغفار، ومن الناس: الدعاء والتعظيم والتكريم.

 والصلاة عليه من أعظم الذكر، روى الإمام أحمد عن عامر بن ربيعة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من صلى عليّ صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلَّى عليَّ، فليقلَّ عبدٌ من ذلك أو ليكثر).

وروى عبد الرحمن بن عوف وعمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إن جبريل أتاني فبشرني: أن الله - عز وجل - يقول لك: من صلى عليك صليتُ عليه، ومن سلم عليك سلمتُ عليه، فسجدتُ لله -عز وجل- شكراً).

 وروى الترمذي عن ابن مسعود: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاة).قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.

 وتتأكد الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في مواضع وأعمال، منها:  1- إذا ورد ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -، لقوله: (البخيل من ذكرت عنده فلم يصلِّ عليَّ) رواه أحمد وإسماعيل القاضي، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي، ورغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة) رواه الترمذي وقال: حسن غريب.

 ومثل هذا الحديث يدل على مشروعية الصلاة عليه كما ذكر، وقال بعضهم بوجوبها كلما ذكر، وقال بعض آخر: تجب أول مرة، وتسن فيما بعد.

 2 -الصلاة عليه في المجالس، لقوله - صلى الله عليه وسلم - عن أبي هريرة: (ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه، ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة، فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم).

 3- الصلاة عليه عند سماع المؤذن، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سمعتم مؤذناً فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة) رواه أحمد ومسلم و غيرهما.

 4- الصلاة عليه عند دخول المسجد والخروج منه، وعند المرور بالمساجد، لأنه - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم وقال: (اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك).

وإذا خرج: (صلى على محمد وسلَّم، ثم قال: (اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك). رواه أحمد.

  ولقول علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: (إذا مررتم بالمساجد فصلوا على النبي - صلى الله عليه وسلم -)، رواه إسماعيل القاضي في كتاب (الصلاة).

5- الصلاة عليه في التشهد الأخير، وهو ركن من أركان الصلاة أو واجب، وأما الصلاة عليه في التشهد الأول: فهي مستحبة.

 6- الصلاة عليه في صلاة الجنائز، فإن من السنة أن يقرأ في التكبيرة الأولى بفاتحة الكتاب، وفي الثانية يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي الثالثة يدعو للميت، وفي الرابعة يقول: اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنَّا بعده.

 7 - الصلاة عليه بين تكبيرات صلاة العيد، لما رواه إسماعيل، عن علقمة، وعن ابن مسعود، وأبي موسى، وحذيفة.

 8- تستحب الصلاة عليه عند ختم الدعاء، لقول عمر: (الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك) رواه الترمذي بسند صحيح.

 9- يوم الجمعة وليلته يستحب الإكثار فيه من الصلاة عليه، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من أفضل أيامكم يوم الجمعة، ففيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي، قالوا: يا رسول الله وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت - يعنى: وقد بليت؟ قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وقد ذهب الإمامان الشافعي وأحمد إلى وجوب الصلاة عليه والسلام في خطبتي الجمعة.  ولا تصح الخطبتان إلا بذلك.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply