بسم الله الرحمن الرحيم
قبل عقد ونصف تقريباً التقيته في أقدس بقعة..على سطح الحرم المكي في صلاة التهجد، سلّمنا مع الإمام في ركعاتٍ, بينيّةº ثم التفت إليِّ ومد يده للسلام مبادراً..ألقيت يدي بين أصابع يده باستسلامº فشد عليها بحميميةٍ, دافئة.. وقال كلماتٍ, جميلة يصعب عليّ تذكرها الآن، واجتاحني بنظراتٍ, هادئة لكنها شاحنة تشع شيئاً لا يمكنني تفسيره بكلمات أو حروف، لكن عيناي فككت شفرة هذه الشحنة فامتلأت جوانحي بمحبة هذا الرجلº ومن نعمة الله - تعالى -على المرء أن يحب الصالحين ونحسب الشيخ عبد الله المطوع منهمº والمرء مع من أحب يوم القيامة.
آثاره الصالحة
بين يدي سيرة رجل الخير هذا وبمثل هذا السجل الطويل يحار القلم من أين يبدأ، فهذا الثمانيني محترف الخير ذو القلب الحاني المسكون بالفقراء والمساكينº وفقه الله - تعالى -لصناعة سيرة مكتظة بأعمال الخير في معظم قارات الدنيا.
ومن يقرأ سيرة أبي بدر ويستمع لمن عايشه يرى رحمة الله - تعالى -الذي سخره للضعفاء والمحتاجين، فجعل منه ماكينة للخير وسجلاً للمعروف... وإذا ما أردنا الاختزالº فحقاً كان الشيخ عبد الله المطوع - يرحمه الله تعالى -رجل الخير وفارسه.
أسلمة القوانين
لم يحصر أبو بدر - يرحمه الله تعالى -همه في خدمة الفقراء والمساكين فحسبº بل كان عالي الهمة يدرك أجندة الدعوة وأولوياتها، فكافح من أجل أسلمة القوانين، وسعى مع من سعى في أسلمة الاقتصاد كذلك، ووقف ناصراً للمقهورين من المسلمين في كل مكان، ولأن التجارة مهنته فقد كان المال أداته في النصرة.
لم ينس الشيخ المطوع - يرحمه الله - مكانة الكلمة في الدعوة، فكان له السبق في دعم الإعلام الإسلامي، وظل حتى آخر زفرة في أنفاسه يتابع مجلة المجتمع صوت المسلمين في العالم، أمدها بماله ورعاها بفكره وإدارته حتى آخر لحظة.
سافر في جهات الدنيا، وكان مقصده مشاريع الخير ولقاء \"سفراء ومندوبي الخير\" في بلدانهم.
إن ديوان هذا الرجل الكريم كان موئلاً لأهل الخير والصالحين والمصلحين، وقليلا ما كان يفرغ منهم، فكم من قضية تهم المسلمين نوقشت بين جنباته، وكم من أفكار مثمرة ولدت على موائده، وكم من مشاريع خيرية دشنت تحت سقفه، وكم من أشياء جليلة غيرها يعلمها الله - تعالى -.. سيجعلها المولى بإذنه مثاقيل في موازين أبي بدر - يرحمه الله تعالى -.
أجندة دعوية مرتبة
كان الشيخ عبد الله المطوع - يرحمه الله تعالى -رجل الدعوة المجرِّب الذي يفقه أجنداتها ويدرك سُلّم أولوياتها، هادئاً في طبعه، يصدر عن حكمة لا يستعجل الأمور، طويل النفس، واسع الصدر، ومفتاحاً كبيراً للخير لا يمل من فعله، وإذا ما كان للناس هواياتهم، فقد كانت هواية أبي بدر \"صناعة الخير\" وكأنه خلق لذلك.
شيعك أبا بدرٍ, عشرون ألفاً وصلت عليك خمس عشرة جماعة، ولكن محبيك الذين يدعون لك بظهر الغيب أكبر من جغرافية الكويتº لأن قلبك كان أكبر من أن تحويه دولة، ممتداً بعاطفته الكبيرة أينما كان المسلمون في الوطن الإسلامي الكبير.
هذه كلمات متواضعة في حق رجل له علينا فضل كبير، وهي لا شك أدنى من قامته، ولكن حسبي أن الديان الكبير هو الأقدر جل شأنه أن يجازي عبده المحسن أبا بدر، وأن يشركنا معه في الأجر.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد