بسم الله الرحمن الرحيم
يجذبك بصموده وقوة احتماله.
يقابل البطش بابتسامة ساخرة!
يرد على الظلم بالإيمان.
يناقش بهدوء
لا يغضب ولا يحتد ولا يشكو.
قليل الكلام
تتوهم أنه صارم بينما هو رجل رقيق هادىء.
فيه طيبة ممتزجة بالذكاء الحاد وقوة الملاحظة
دائما ما كان يردد - رحمه الله -: -
\"إننى لا أهتم بالإخوان المظهريين ولا بذوي الألسنة ولا بالمتحمسين. إننى أريد الإخوان الذين يعملون ولا يتكلمون,والذين يعملون ويرجون وجه الله\"
فمن هو هذا الرجل القليل الكلام الكثير العمل؟
من هو هذا التقى الخفى؟؟
الذي يؤثر العمل الصامت المنتج على الدعاية والإعلان؟؟
إنه الأستاذ الفاضل
المستشار حسن الهضيبى
المرشد الثاني لهذه الجماعة المباركة
الذي تولى قيادة المسيرة فى فترة عصيبة من حياة هذه الدعوة
فاستطاع بفضل الله إيصالها إلى بر الأمان
* البطاقة التعريفية:-
• حسن إسماعيل الهضيبى.
• ولد عام 1891 م بعرب الصوالحة بمركز شبين القناطر بمصر.
• التحق بالأزهر ثم تحول إلى الدراسة المدنية.
• حصل على الشهادة الثانوية سنة 1911 م.
• تخرج في مدرسة الحقوق سنة 1915 م.
• عمل بالمحاماة حتى عام 1924 م ثم تحول إلى القضاء.
• ولى القضاء في مدينة أسيوط, وقنا, ونجع حمادى, والزقازيق, والمنصورة, والمنيا, والجيزة, ثم القاهرة حيث استقر فيها.
• كان أول من حلف اليمين القانونية أمام ملك مصر ولم ينحن كما كان العرف حينئذ, واقتدى به آخرون بعد ذلك.
• تدرج فى مناصب القضاء فأصبح مدير إدارة النيابات, فرئيس التفتيش القضائي, فمستشار محكمة الاستئناف, فمستشارًا بمحكمة النقض.
• انضم للإخوان المسلمين مبايعًا للإمام حسن البنا مرشد الجماعة سنة 1943 م
• اختاره الإخوان المسلمون مرشدًا بالإجماع وبايعوه خلفًا للإمام حسن البنا بعد اغتياله سنة 1949 م.
• قدم استقالته من القضاء المصرى سنة 1950 م ليتفرغ لمهام الجماعة.
بعد الثورة المصرية سنة 1952 م اتهم بالتآمر على حياة زعيمها جمال عبد الناصر وحكم عليه بالإعدام ثم خفف الحكم إلى المؤبد
• نقل من السجن إلى الإقامة الجبرية لإصابته بالذبحة الصدرية ولكبر سنه, ثم رفعت عنه الإقامة الجبرية سنة 1961 م ولكنه ما إن شفى حتى كتب إلى السلطات يبلغها أنه قد عوفي بحمد الله من عارض المرض الذي أوجب الإفراج عنه وأن باستطاعته العودة إلى السجن.
• أعيد اعتقاله سنة 1965م فى الإسكندرية بتهمة إحياء التنظيم وحكم عليه بالسجن 3 سنوات ذهب خلالها إلى المستشفى ثم أعيد إلى السجن.
• جددت مدة سجنه بعد انتهاء المدة حتى 15/10/1971 م حيث تم الإفراج عنه.
انتقل إلى رحمة ربه - تعالى - في الساعة السابعة صباح يوم الخميس 14 شوال 1393هـ الموافق 11 نوفمبر 1973 م. - رحمه الله -، وتغمده بواسع رحمته.
* من مؤلفاته: -
1- دعاة لا قضاة
2-هذا القرآن
3- الإسلام والداعية مجموعة كتابات جمعها أسعد سيد أحمد
****
* كهذا فليكن الرجال: -
فى كتابه الممتع مواقف من حياة المرشدين
يحكى لنا الأستاذ محمد عبد الحليم حامد عن بعض المواقف التي عايشها أو عاصرها للأستاذ المرشد - رحمه الله -
فلندع له المجال ولنصغي إليه ونستلهم من هذه المواقف الدروس والعبر
ولنعرف أي رجل كان مرشدنا00
يقول الأستاذ محمد عبد الحليم حامد: -
1- كنت في سجن مصر، ودخل علينا شخصية كبيرة من الحكومة إلى الزنزانة.
فقمت تلبية لـ (شخطة) العسكري: انتباه.
أما الأستاذ الهضيبي - رحمه الله - فلم يتحرك من مكانه، وكأنه لم ير أحداً ولم يسمع صيحة الشاويش.
فقال له رجل الحكومة: لو كنت على حق لنصرك الله علينا!!
فرد عليه وهو في جلسته الهادئة: إن المسلمين هزموا في موقعة أُحُد، وهم على الحق.
فلم يرد رجل الحكومة وانصرف ساكتاً. وبعد خروج هذا الشخص لامني فضيلته على قيامي وعلمني أن الظالم لا يحرق أعصابه إلا عدم اهتمام الناس بمظهره وقوته الجوفاء.
2-* رحم الله امرأ أراهم من نفسه قوة.
كان الأستاذ حسن الهضيبي- على كبر سنه - يقضي وقت فسحته في الحديقة المواجهة لمدير السجن، ويقوم بأداء تمرينات رياضية بملابس زاهية.
فأراد أن يعرف أحد الإخوان سر ذلك.
فقال الأستاذ: دعهم لا يرون منا إلا البشاشة، وارتفاع المعنويات، حتى يتحققوا أن سهامهم طاشت، ولم يبلغوا منا ما يريدون.
ألم يبلغك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (رحم الله امرأ أراهم من نفسه قوة).
3-* يشاركهم المحنة: -
اعتقل الإخوان في يناير 1954 م ثم أفرج عنهم في مارس 1954 م ثم أعيد اعتقالهم بعنف وقسوة بعد شهور قليلة...
وشاءت أقدار الله أن يكون الأستاذ الهضيبي خارج مصر في زيارة للسعودية، وسوريا، لبنان.
فما أن سمع بالمحنة حتى أمر بالتجهيز للعودة إلى مصر، وسارع بالرحلة إلى مصر ليكون مع إخوانه وجنوده في محنتهم يثبت بعضهم بعضاً بعون الله، ووفاءً بتبعة القيادة.
*******
4- الشعور عند حكم الإعدام
سئل الأستاذ الهضيبي:
ما شعورك عندما حكم عليك بالإعدام؟
فأجاب: كأني أنتقل من غرفة الجلوس إلى غرفة النوم
***
4- سأل رئيس محكمة النقض الأستاذ المرشد حسن الهضيبي فقال:
- يا حسن، ألست معي في أن أكثر أحكام التشريع المدني الحديث تقابل أحكاماً مماثلة في الفقه الإسلامي؟
قال الأستاذ المرشد:
- بلى.
قال الرئيس:
فما هو إذاً الأساس الكبير و المطالبة الملحة من جانبك بالرجوع إلى الشريعة الإسلامية وتطبيق أحكامها؟.
قال المرشد:
هو أن الله - تعالى -قال: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} ولم يقل: احكم بينهم بمثل ما أنزل الله.
وإن تحكيم شريعة الله في عقيدة المسلم عبادة تؤدى امتثالاً لأمر الله، وذلك هو مصدر بركتها، وسر قوتها في نفوس المؤمنين بها وفي كيان الجماعة المؤمنة.
5-الهضيبي ينام ببدلته على الرمل
يقول الأستاذ عمر التلمسني - رحمه الله -:
خرجنا مع فضيلة المرشد الهضيبي مرة في رحلة إلى صحراء حلوان ووادي حوف. وأدركنا وقت الغداء، فأكلنا على الأرض والرمل. وبعد الغداء اضطجع كما هو ببدلته على الرمل فنام قليلاً. وحرصت على أن أصوره على هذه الحالة الفريدة في عالم الزعماء . ولما أطلعته على الصورة، واستأذنته في نشرها، أبى قائلاً:
ما بالمسلمين من حاجة إلى دعاية، وحسبهم أن يعرفهم ربهم، وفي ذلك سعادتهم.
*****
5-* وهذه الدماء من يتحملها يوم القيامة أمام الله؟.
أخلص الإخوان في نصحهم للثورة، ولكن رجالها خانوا الأمانة وغدروا وفجروا وبطشوا بالإخوان.
في هذه الظروف سارع أحد الإخوان المقربين من الأستاذ المرشد وفي الوقت ذاته يحظى بثقة رجال الثورة. سارع إلى الأستاذ المرشد، وأخبره أن رجال الثورة مجتمعون في مقر كذا، وأنه يريد الإجهاز عليهم والتخلص منهم، انتصاراً للدعوة، وكفاً للأذى عن الجماعة.
فاكفهر وجه المرشد غضباً، وقال له:
لأن يهلك الإخوان عن آخرهم وللدعوة رب يحميها خير من أن نبلغ قمة النصر عن طريق الغدر والخيانة.
إننا مسلمون قبل كل شيء، ولو ملكان الدنيا بإهدار الخلق الإسلامي فنحن خاسرون.
وهذه الدماء من يتحملها يوم القيامة أمام الله؟.
*****
*من كلماته الخالدة:-
((إن جماعة الإخوان المسلمين تتطلع إلى مستقبل أفضل لهذه الأمة فى ظل إصرار الإخوان على مواصلة الجهاد فى سبيل تحقيق أهداف الدعوة, وإن دعوة الإخوان لا ترمي إلا إلى تطهير النفوس وإصلاح الأخلاق وتربية الأمة على منهج الإسلام فحسب ولكنهم يهدفون إلى إصلاح الحالة الاجتماعية لكل فرد فى هذا الشعب.
فالإسلام يفرض لكل مسلم حق الحياة الكريمة فى مسكن نظيف وملابس تقيه الحر صيفا والبرد شتاءا, والدولة مسئولة أن تقدم له العلاج مجانا, وتفسح له طريقه إلى العلم والتعلم كما هي مسئولة عن أمنه والحفاظ على كرامته وتهيئة الجو الذي يساعده على الاستقرار, والمسلم الذي لا يجد قوت يومه وقوت أولاده, ويجد أن الدولة منصرفة عن الوفاء بحقه عليه أن يجاهدها بالحسنى حتى يصل إلى حقه الذي شرعه الله\"
****
\"إن دعوتنا واضحة شاملة لا تقبل لتجزئة وأي خلاف فيما بيننا مرده إلى كتاب الله - تعالى - وسنة نبيه وهذا وحده هو الحكم, ولا نقبل أن نحتكم لأحد لا يؤمن بدعوتنا ولا يعمل لها, والذي لا يدرك ولا يفهم هذا فليراجع إيمانه\"
****
\"إن الدعوات لا تقوم على الرخص، وعلى أصحاب الدعوات أن يأخذوا بالعزائم. والرخص يأخذ بها صغار الرجال. وأنا لا أقول بالأخذ بالرخص ولكن أقول لكم: خذوا بالعزائم وتشبثوا بالعزائم\"
** شهادات بعض من عايشوه: -
يقول الأستاذ مصطفى مشهور- رحمه الله -:
كان أمة وحده، وقف للباطل والمبطلين بالمرصاد، لا يكل ولا يمل، حتى حافظ على الأمانة التي تحملها، والحق الذي آمن به، وكان - رحمه الله - يعرف وعورة الطريق، ويقدر عظم التبعة، ولم يكتمها عن صحبه، وإنما أعلنها ليأخذ كل أهبته
\"أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُترَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُم لا يُفتَنُونَ\" (العنكبوت: 2)
****
يقول عنه مصطفى أمين وقد لازمه فى السجن فترة : \"قليل الكلام تتوهم أنه صارم بينما هو رجل رقيق هادىء
فيه طيبة تمتزج بذكاء وقو الملاحظة\"
ثم يقول عنه: \" إننا لا تعرف قيمة المعادن إلا عندما ندخلها النار\"
***
يقول عنه الأستاذ محمود عبد الحليم - رحمه الله – :\" كان هذا الرجل مع صلابة عزمه رقيق القلب سريع الاستجابة للضعفاء بقدر ما هو عنيد لا ينثني أمام الأقوياء\"
****
\"أحسسنا بأن هذا الرجل بعزوفه عن الكلام مع مقدرته الفائقة على اتخاذ القرار وجرأته فى الحسم وجلاء بصيرته فى النظر إلى الأمور وبعد نظره فى الحكم عليها أحسسنا بأن هذا الرجل هو رجل الساعةº لأن الظروف التي أحاطت بالدعوة فى تلك الحقبة من الزمن كانت أحوج إلى تلك الصفات منها إلى ذلاقة اللسان وبراعة البيان\"
***
يحكى عنه الشيخ الباقوري - رحمه الله - وغفر له فيقول: \"لقد تعرفت على هذا الرجل وجالسته وحادثته وناقشته فسرني وأعجبني وملأ نفسي فى جميع الجوانب التي ننشدها فى قائد الدعوة غير أن شيئا بقي في نفسي جعلني لا أجرؤ على أن أخلطه بنفسي أو أخلط نفسي به ذلك أنني كنت أحس أن الرجل من طبقة الأرستقراطيين بحكم منصبه ومكانته الإجتماعية. حتى دعاني يوما إلى منزله فلما جاء وقت الطعام رأيت الطعام يقدم كما نقدمه فى بيوتنا, ويجلس أبناؤه معنا كأنهم أخوتنا ,حتى أنه بعد تناول الطعام اقترح على أن أقيل ساعة
فإذا بي أعطى وسادة كما أخذ كل من أبنائه, وسادة ونمنا على أرض الحجرة تماما كما كنا نفعل فى المركز العام وفى بيوتنا, وفى بيت الأستاذ الإمام فعلمت أنني كنت فى خطأ فى سوء ظني بالرجل فى هذه الناحية, ومنذ ذلك اليوم وأنا أشعر أنه منا ونحن منه , كما كنا مع حسن البنا - رحمه الله - وكان معنا.
***
يقول الدكتور أحمد العسال عنه: \"كان يتقدمهم جميعًا بقلب ثابت، وأعصاب هادئةº ليقول كلمته في وجه السفاح: إن هؤلاء خيرة شباب مصر، فاحفظوهم ذخيرة لها، وخذوا مني ما تريدون.
وفى النهاية:
إذا كان الإمام يؤثر الصمت، والبعد عن الأضواء، فإن ذلك تواضعًا منه، وفضلاً، ولكن من حقه - رحمه الله - ومن حق الإمام البنا، وكل من حمل الأمانة من بعدهم إلى اليوم أن يكونوا جميعًا أسوة وقدوة، بل ومنارات على الطريق، يلتمس العاملون للإسلام طريقهم في ضوئها، فالشباب اليوم يقلد من هنا وهناك، ويتلمس العظمة في بعض الرجال، إذا قيسوا بعظمة هؤلاء الأبطال، يصبحون أقزامًا بكل المقاييس.
فيا شباب: اذكروا هذه النماذج الفذة، والرجال الأبرار، اذكروا من أيقظوا فى الأمة الهمم، وبعثوا فيها العزائم، ووضعوا بصماتهم على التاريخ، وتشبهوا بهم إن لم تكونوا مثلهم.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد