أبعاد التأريخ


  

بسم الله الرحمن الرحيم

يلمحُ القاريءُ لـ (التأريخ) أبعاداً كثيرة في مواضيع (التأريخ). وحاصل تلك الأبعاد ثلاثة:

الأول: البُعدُ المنهجي.

وذلك كون التأريخ علمٌ له أصولٌ وله قواعد تُحكِمُ حوادثه من حيثُ القبولُ والرد، ومن حيث تحقق وقوعها وعدمها.

وهذه القواعد أُولِيَت اهتماماً من العلماء كبيراً، فنثروها وحرروها، وسلكوا في ذلك مسلكين اثنين:

أولهما: مسلك الإفراد في التصنيف.

ثانيهما: مسلك التضمين في التأليف.

وبينهما فرقٌ كبير.

فالأول: إفراد للقواعد في تصنيفٍ, مستقلٍ, كما فعل (ابن خلدون) في (المقدمة).

والثاني: تضمين القواعد في بعض التآليف التأريخية والسِّيَرِيَّة.

الثاني: البُعدُ القصصي.

(التأريخ) أحوال وحوادث ووقائع، وهذا نوع من القصص المَحكِي، والخبر المروي.

وغالب القصص يكون مبناها على الخيال الواسع، والزيف البعيد، فتكاد أن تُقسمَ ببعد وقوعها حال القراءة والسماع، ثم ما تلبث أن تكون مصطدماً بكونها حكايةً واقعية، خبراً ثابتاً.

والقصص حيث كان التأريخ لصيق الشَبَهِ بها تفتقر إلى مقاييس نقدٍ, قصصية، وتفتقرُ إلى ذوقٍ, أدبيٍ, راقٍ,.

ولا يعني هذا البُعدُ أن التأريخ عبارة عن حكايات خيالٍ, لا مساس لها بواقع الناس، بل المَعنِي: قوة الشبه بين الأخبار التأريخية والحكايات الخيالية فيظُنٌّ القاريء أو السامع أن ذاك خبراً خيالياً.

الثالث: البُعدُ التفسيري للتأريخ.

تفسير التأريخ مُعتَمِدٌ على ما يُضمِرُهُ المؤرخ من اعتقاد ودين، فتراه يفسر التأريخ على حسبِ هواه، مماشاةًٍ, لنزعاته وأفكاره.

والمراد بـ (تفسير التأريخ) هو مبدأ (السببية) أي: سبب كينونة الشيء وحدوثه.

ونلحظ ذلك في اهتمامات كثير من المؤرخين بشأن أسباب نهوض الدول، وأسباب سقوطها.

ولتفسير التأريخ منهج مُحكَمٌ يُراعى لدى دارس التأريخ.

هذه الأبعاد الثلاثية للتأريخ جرى القلم مُقَيِّدَاً لها في ساعة إهمالٍ, لها ولغيرها من أصول التأريخ.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply