تشير كتب السيرة إلى التفوق التربوي الذي أحرزه علماءنا في إنشاء جيل من أبناءهم يحمل مزايا متعددة من العلم، والعبادة، والتقوى،...مما يدل على النظرة العميقة المتمرسة من هؤلاء العلماء في التربية الجادة الحانية التي أتت ثمارها على أكمل وجه.
فهذا صالح بن الأمام أحمد بن حنبل الذي حذا حذو أبيه فحدث عنه مروياته، وتفقه عليه، ولما تولى بكى وقال: كان أبى يبعث خلفي إذا جاءه زاهد أو متقشف لأنظر إليه يحب أن أكون مثله (سير أعلام النبلاء 12-530) أما ابن الأمام الشافعي صاحب المذهب فقد كان من العلماء، وتولى قضاء الجزيرة، ثم حلب وله مناظرة مع الأمام أحمد بن حنبل! (طبقات الشافعية 2-72) وتسير في هذه القافلة المباركة بقية العلماء كابن أبى حاتم وأبنه الذي رحل مع أبيه صغيراً...
والآن في ظل التطور الأكاديمي الذي نعيشه والثورة المعلوماتية، انك لتعجب من التغيرات التي بدأنا نلاحظها وعلانية في أبناءنا، أبناء من يحسبون على الصحوة مع التكثيف الهائل الذي يتلقونه هؤلاء الصبيان والفتيات، من أرضية خصبة: كالدروس العلمية ومدارس التحفيظ والرحلات الدعوية وغيرها!!
فلا زال بريق المدنية يأسر أبصارهم، و أضواء الموضة تأخذ ألبابهم... !!
فتُصر الفتيات على لبس أحدث الصيحات على ما فيها من محذورات، ولا تجد في نفسها حرجاً في الإصرار عليها أمام والديها وهى التي ربيت منذ نعومة أظفارها على الحجاب والستر؟!!
وتجد الفتى يقبل على مصادقة أهل الغناء والمعازف متبسطاً في حديثه معهم! معرضاً عمن نشأ معهم من فتية الصلاح والتقوى؟!!
ويفاجأ الأهل بقائمة عريضة من الممنوعات... أصبحت في نظر أبناءهم من المسلمات؟!!
فلعمري ماذا دهى أبناءنا من خطب موقع، وأصابهم من سهم موجع!!
ماذا حل بهذه الأيدي المتوضئة الرقيقة، وماذا أصاب الألسن الرطبة الندية؟!!
واليك شيئاً من هذه الأسباب:
(1) انشغال الآباء في أعمالهم، وأنشطتهم، والاتكال على الأمهات اللاتي لديهنّ مسؤولياتهن المنزلية.
(2) إهمال الجانب العاطفي من كلمة مديح، وحضن دافئ، ولمسة حنان...
(3) غياب الحوار، فهو للتوجيه والتوبيخ والعقاب، بعيداً عن الأحاديث الودية، والفكاهة المرحة، والمشاعر الصادقة؟!! فكثير منا يعتقدون أن التربية هي مجرد تعليم الطفل السلوك المنضبط والمبادئ الأخلاقية المختلفة.
(4) لم نربهم على التميز!! إننا في تربيتنا لأطفالنا نبني بالدرجة الأولى هويتهم، إدراكهم لذواتهم ولقيمتهم كأفراد متميزين في المجتمع الذي يموج بالمنكرات والفضائيات والاختلاط.
(5) الاتكالية على الآخرين، كالمربين أو المدرسين أو الموجهين في حلقات القرآن، وهذا حسن، ولكن لا بد في كل ما ينبغي عليه متابعته.
(6) عدم التشجيع والتكريم، حيث يعتقد أن الابن لا يتأثر في تقدير الأب وتشجيعه له، وهذا خطأ، بل إن الابن يتأثر بالكلمة الطيبة وتقديم شهادة الشكر أو الجائزة أشد التأثير.
(7) القسوة في التربية وأثرها السلبي في تربية الأولاد من الأبناء والبنات.
(8) التوبيخ أمام الآخرين، حتى لو كان أمام أهله.
(9) منعهم من الترفيه وفق الضوابط الشرعية، فلا رحلات داخلية ولا زيارات ولا مشاركة في برامج المراكز الصيفية، ولا نشك أن هذا الأمر قد يؤثر سلبياً على الأولاد.
(10) عدم فهم نفسية المراهق، فبعض الآباء والأمهات يتعاملون مع الولد الذي يبلغ العشرين وكأنه ابن العاشرة أو السابعة مما يكون له أثر سيء على تقبلهم التوجيهات.
(11) كثرة غياب الآباء بالأسفار عن أبناءهم.
(12) التنقص من أخطاءهم، والسخرية من زلاتهم؟؟
(13) دكتاتورية الآباء في التعامل مع الأبناء، ومصادرة إرادتهم، والإكثار من منعهم من غير موجب مشروع للمنع، مما يضطر بعض الأبناء إلى التمرد والرفض، وعدم الانصياع لأراء الآباء وأوامرهم.
(14) التناقض في أفعال الوالدين أو احدهما، كوقوعه في بعض الأمور التي كان ينهى عنها؟؟
(15) غفلة الأهل عن ما يدور في البيئة، من أخطار على الفتاة والولد.
(16) الرفقة السيئة وقد تكون من أسرة صالحة، فيجب أن ننظر إلى هذا الرفيق ولبس إلى أهله.
وتدل الدراسات أيضا أن أبرز ثلاث مشاكل يعاني منها الشباب في نطاق الأسرة- بناء على نتائج قياس حاجات التوجيه النفسي - مرتبة حسب درجة معاناتهم منها:
• صعوبة مناقشة مشكلاتهم مع أولياء أمورهم.
• صعوبة إخبار أولياء أمورهم بما يفعلونه.
• وجود تباعد كبير بين أفكارهم وأفكار أولياء أمورهم.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد