كيف تجعل ابنك ذكيًا ؟


 

بسم الله الرحمن الرحيم

قبل الإجابة عن هذا السؤال لابد أن نعلم أن عصرنا هو عصر انفجار المعلومات، والذي أدى إلى ذلك هو استخدام الإمكانيات العقلية التي وهبنا الله - تعالى - إياها بمهارة عالية.

ومن الآن فصاعدًا لن يكون الحصول على المعلومات في معظم الأحيان يشكل أي مشكلة للناس، ولن يشكل امتلاك المعلومات في المستقبل فارقًا جوهريًا بين الأمم والأفراد، وإنما ستأتي الفوارق الكبرى من مهارات الناس في استخدام المعلومات وتحليلها، وتوظيفها، ولذا فإن تنمية المهارات العقلية لدى الأطفال ستكتسب أهمية إضافية.

[دليل التربية الأسرية ـ أ. د عبد الكريم بكار]

* تعريف العقل في الإسلام:

ذكر القرآن الكريم العقل من حيث الوظيفة والآثار التي يقوم بها، وهي التعقل، والتذكر، والتفكر، والتدبر، لأن الله - تعالى -أودعه في كيان الإنسان ليكون مبعث أفكاره ومرشده وقائد مسيرته في الحياة الدنيا، ومميزًا بين الخير والشر والهدى والضلال، والعقل سر من أسرار الله وعلمه وحكمته.

والعقل سر من أسرار الله - تعالى -في خلقه لا يمكن للإنسان معرفة كنهه، وهو وسيلة لتحصيل العلوم والمعارف، ويمنع صاحبه من التهلكة والانحدار إلى الكفر والنفاق، وهو أداة التمييز والإدراك بين الخير والشر، ويحث المؤمن على استخدام عقله وتحكيمه، ويوبخ الذين يفعلون المنكر ويقلدون غيرهم دون فهم أو إدارك، ويهملون عقولهم فهم كالبهائم.

* أهمية العقل:

والعقل في الإسلام شرط تحمل المسئولية والتكليف، فمن كان فاقدًا للعقل فهو غير مسئول عما يفعل، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [رفع القلم عن ثلاث، عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق].

والتربية الإسلامية لكي تحقق هدفها الأسمى، وهو عبادة الله - تعالى -، والخضوع له، والتفكر في قدرته وعظمته - تعالى -، تحث على تربية العقل وصياغته وتنميته ليستفيد من كل ما خلق الله - تعالى -في هذا الكون ويتم إعماره.

وإذا كانت المهارات العقلية لدى الأطفال تكتسب أهمية كبيرة، وأساسها هو العقل، الذي به قوام الرشد والمجد، فأول مراتب ودرجات تنمية هذا العقل، هو دافع الحب الاستطلاع لدى الأطفال.

* مفهوم حب الاستطلاع:

وحب الاستطلاع لدى الطفل يعتبر من العلاقات الفطرية التي تعبر عن مدى شغفه وحب للمعرفة، وإرواء عطشه من العلم والفهم منذ نعومة أظفاره.

ويظهر حب الاستطلاع في الطفل عندما يبلغ من العمر خمسة شهور، وتظهر علامات حب الاستطلاع عندما يجد الأطفال أنفسهم أمام أشياء غير مألوفة، ولكنها ليست غريبة عنهم، كأن يجد الطفل شيئًا مألوفًا في محل جديد، أو يفقد شيئًا عزيزًا اعتاد أن يراه في مكان معروف، وفي الثانية من العمر يظهر حب الاستطلاع في أمارات الفرح والسرور التي تظهر على الطفل عندما يفتح الأدراج والخزانات والألعاب لمعرفة محتوياتها، ويراهم ينتبهون ويتطلعون بتلذذ واشتياق إلى الأشياء التي أثارت فيهم حب الاستطلاع، ويقتربون رويدًا رويدًا من هذه الأشياء.

فإذا استطاع المشي واتسع عالمه امتدت يداه إلى كل ما يستطيع تناوله، فإذا به يفكك ما يعثر عليه من أدوات ليرى ما بداخلها فالاستطلاع يقترن بمعالجة الأشياء في لعب الأطفال بالرمي.

ويشاهد سلوك الاستطلاع والاستكشاف بكثرة عند طفل الحضانة حيث يلاحظ تكوين المفاهيم، ويكون ذلك عن طريق الخبرات المتكررة معًا للأشياء والناس، والأحداث والمواقف، مثل مفهوم الأمن ومفهوم المكان أو الاتساع، ومفهوم العدد، والأشكال الهندسية، وبالتدرج يستعين الطفل باللغة النامية لديه وخبراته في تكوين مفاهيم تتضمن المأكولات والمشروبات والملبوسات والشخصيات، وكلها مفاهيم حية، أما المفاهيم والمعاني المجردة فتأتي بعد ذلك.

ويجب إشباع حب الاستطلاع وتنميته عند الأطفال، إذ يتعلم الأطفال باللمس بأصابعهم، ولا يستوعب الأطفال ما يقوله لهم الناس في غياب تجربتهم الحسية العقلية للأشياء، فمن التعسف أن نقول للأطفال الصغار لا تلمس إذ معنى ذلك أن نقول لا تتعلم، لا تنمو.

ابنك والذكاء:

الذكاء هو القدرة على إدراك العلاقة بين الأشياء، والقدرة على الإبداع، والتجديد، والقدرة على التعلم، والتفكير، والفهم، والاستيعاب، والتخيل، والتذكر، والإحساس، والقدرة على حل المشكلات، والقدرة على القيام بعمل على درجة من الصعوبة أو التعقيد. والذكاء فطري موروث ولكن البيئة المحيطة أيضًا تتدخل في زيادة نسبة الذكاء عن طريق الخبرات والمعلومات المكتسبة والمعارف.

وزيادة نسبة الذكاء تكون بما يلي:

1ـ التعليم: فباستمرار التعليم المدرسي ترتفع درجة القدرة العملية أكثر من الذي لا يتعلم أو لا يكمل تعليمه أو الذي يحصل على مؤهل متوسط.

2ـ الرعاية الصحية: هناك تلازم بين النمو الجسمي والعقلي، فالنمو العقلي يتوقف على سلامة ومرونة الجهازين العصبي والفردي.

3ـ التغذية: فالتغذية السليمة المحتوية على العناصر الغذائية اللازمة للجسم مهما كانت قيمتها المادية قليلة، إلا أنها تؤثر على ذكاء الطفل.

4ـ الرياضة: ممارسة الرياضة أو إحدى الألعاب الرياضة بصفة مستمرة يؤثر على تركيز الطفل والإنسان عامة وينشط الغدد في الجسم، لأن الدم يصعد إلى المخ، فتنمو قدرات الطفل الرياضي العقلية، ويتفوق عن مثيله غير الرياضي.

5ـ استقرار الحالة الانفعالية: زيادة الضوضاء والمشاجرات وأفلام العنف تؤثر على القدرات العقلية سلبًا بشكل كبير، بعكس استقرار الحالة الانفعالية والهدوء.

6ـ التشجيع على الابتكار والإبداع: فالطفل عندما نشجعه إذا أتى بفكرة جيدة، سيأتي بأفضل منها.

7- اللعب: وهو في مرحلة الطفولة المبكرة من أهم مجالات التعليم والنمو باعتباره مدخلاً لنشاط الطفل في هذه المرحلة، كما أن اللعب ينمي القدرات الإبداعية لأطفالنا.

8ـ القراءة والاطلاع: فالكتاب العلمي خاصة يساعد على تنمية الذكاء، ويطور عقل الطفل، وينمي فيه القدرات الإبداعية. فالعلم والاطلاع يمنحان الطفل وعيًا صادقًا بالحياة والطبيعة والنفس والمجتمع والتاريخ، وبالله الخالق للكون كله، وفي ممارسات الحياة ابتداءً من فلاحة الأرض وانتقاء البذور على غزو الفضاء، والمكتبة واحدة من أهم المؤسسات التي وجدت لتخدم الطفل، فهي تغذي عقله وتنمي قدراته وتساعده على التعليم الذاتي.

9ـ الهوايات والأنشطة الترويحية: وهذه تعتبر خير استثمار لوقت الفراغ لدى الطفل وهو الذي يؤثر على تطورات ونمو الشخصية وتكسبه العديد من الفوائد الخلقية والصحية والبدنية والفنية، والأنشطة الترويحية كالرحلات والمعسكرات والجوالة والكشافة والألعاب الجماعية لها أثر كبير في اكتساب الخبرات وتنمية المهارات والقدرات.

[فن تربية الأولاد في الإسلام ـ محمد سعيد مرسي]

* تنمية الجانب العقلي لدى الطفل:

من خلال إتاحة المثيرات الملائمة للنمو العقلي وتنمية الدوافع والاهتمام بالإجابة عن تساؤلات الطفل يتناسب مع عمره العقلي، وتعليمه كيف ومتى يسأل وتدريبه على صياغة الأسئلة الجيدة.

الاهتمام بالقصص التربوية، وعدم المبالغة في القصص الخيالية رغم أهميتها في اتساع خيال الطفل حتى لا يؤدي ذلك إلى تشويه الحقائق المحيطة بها وتقوية نموه العقلي.

تنمية الخبرات المتنوعة واستغلالها في تنمية قدرات الطفل المختلفة مع إتاحة فرصة ممارسة أشياء متشابهة لإدراك أوجه الشبه والاختلاف بينهما.

رعاية التفكير وتهيئة الجو الفكري الصالح، وإتاحة الخبرات الحية والتوجيه السليم تساعد الطفل في تكوين مفاهيمه تكوينًا واضحًا منتظمًا فعالاً لا يردي إلى علاج المشكلات بصورة قوية.

البدء مع الأطفال بالمحسوسات والانتقال منها تدريجيًا إلى المعنويات. هذا وبإمكان الأسرة أن تضع اللبنة الأولى في الصرح الذهبي، عن طريق تعليم الطفل كيفية تنمية مهاراته الذهنية وجعلها جزءًا من الألعاب التي يمارسها مع أهله في المنزل وفي الرحلات ومع أبناء الجيران والزملاء.

وسيكون من الرائع أن تعقد الأسرة اجتماعًا شهريًا لمدة نصف ساعة، يتم فيه ما يسمى بالعصف الذهني حيث يطرح موضوع ما للمناقشة، ويدلي كل واحد من أفرادها بما لديه فيه.

* المسجد ودروه في تنمية ذكاء الطفل:

هذا وللمسجد دور هام في تنمية ذكاء الطفل، حيث يكون له تأثير كبير وخصوصًا على الأطفال فيما بعد سن السابعة من عمرهم، ورغم أن الصلاة لم تفرض إلا على البالغين إلا أنها تظهر الحكمة من تشجيع الأطفال على الصلاة في المساجد وتعويدهم الصلاة في هذه السن المبكرة، وقد يمتد دور المسجد بعد ذلك ليشمل حفظ القرآن الكريم الذي ينمي التفكير العلمي لدى الطفل، وينشط عقله وقدراته الذهنية بحفظ القرآن الكريم والتدبر في معانيه، وكذلك يشمل دور المسجد بث وتدريس مجموعة من القيم الأخلاقية والسلوكية للأطفال

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply