هذه قصة طريفة مؤثرة (!) نهديها إلى الآباء والأمهات، يحكيها أستاذ جامعي عربي، عندما كان في \"هولندا\"، وذات مرة جاورته في القطار امرأة هولندية ومعها طفلها الصغير، وفجأة بدأ الطفل في البكاء، فمدت الأم يدها في حقيبتها تفتش عما تصرفه به عن البكاء، والأستاذ يراقب الموقف وينتظر خروج الحلوى أو اللعبة التي ستلهي الأم طفلها بها، فإذا بها تخرج..كتاباً!
قد يبدو ذلك عجيباً مدهشاً..لكن الأعجب من ذلك - كما يقص الأستاذ بقية المشهد ـ هو سرور الطفل بالكتاب وإقباله عليه بشغف وارتياح.. وانقطاعه عن البكاء!!
قد تكون مشاعر الغبطة هي الشعور الذي يحس به كثيرون بعد هذه القصة، وتمنّي أن يكون أطفالهم على هذه الشاكلة حباً للعلم والقراءة، ومن ثم خوض ميادين النجابة والتفوق.. لكن ما شعورنا ـ في المقابل ـ عندما نعلم من إحدى الإحصائيات أنَّ نصيب الطفل العربي من القراءة هو.. ست دقائق في العام (أي دقيقة واحدة كل شهرين)؟!
وكم نغبن في طاقات صغارنا ومواهبهم حين نغفل عن هذه الوسيلة المهمة في تنمية ملكاتهم ومداركهم؟! وهل في بيوتنا مثل هذا الطفل في شغفه بالقراءة وإقباله عليها؟!
بل إن شئنا مزيداً من الصدق والشفافية:
هل في بيوتنا مثل هذه الأم في حرصها على إشباع طاقته بغذاء الروح، كحرصها على غذاء بدنه؟!
الواقع يقول إن في أمتنا خيراً كثيراً، وفي مجتمعاتنا طاقات رائعة، ولدى أطفالنا مواهب مكنونة، لكننا لم نحسن اكتشاف هذه الطاقات والمواهب، أو لم نحسن توظيفها وتوجيهها!
ومن هنا فإن المقارنة بين نسب القراءة بين أطفالنا وأطفال الغربيين.. ليست مقارنة للحصول على المزيد من علامات التعجب والدهشة، بل هي دعوة لإعادة النظر في هذه الوسيلة المهمة المنسية - أو المهملة! - لتخريج النجباء والعباقرة.. لاسيما حين يُقرن تحبيب العلم والقراءة إلى قلوب الناشئة.. بتعظيم الوحي، وتقديم حفظ القرآن والسنة على غيرهماº حتى ينطلق أولادنا مباركين مزوّدين بوعي يميزون به الخبيث من الطيب، والضار من النافع، لا تغويهم مخططات غزو العقول والقلوبº بل يحذرون هم منها ويكشفون للناس وجهها القبيح!
والمسؤولية هنا تعمّ كل من يحمل همّ الإسلام من الدعاة والمربين.. بنشر الوعي بهذه القضية، ودورها في صلاح الأجيال ورقي الأمة وتبوّئها مكانتها اللائقة بين الأمم، وإعادة أمجادها الغابرة!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد