يعد الضرب أحد أساليب العقاب البدني الشائعة استخداما في مدارسنا لدرجة أنه أصبح عادة سلوكية لعدد لا بأس به من المعلمين خصوصا في مرحلة الطفولة المبكرة والمتوسطة من مرحلة التعليم الأساسي بحلقتيها الابتدائية والإعدادية.
ولعل أسباب هذه الظاهرة عديدة أهمها: -
أنه وسيلة سهلة لضبط سلوك التلاميذ خصوصا الأطفال كثيري الحركة وطريقة سهلة لسكوت الأطفال.
بعض الأفكار الخاطئة لعدد من المعلمين يعتقدون أن الأطفال الذين يأتون من أسر فقيرة اعتادت على الضرب لا ينضبط سلوكهم بالحب والتوجيه والإرشاد.. ولكن لا ينضبط سلوكهم إلا بالضرب.
يدعى بعض المدرسين أن أولياء الأمور يحضرون للمدرسة ويطلبون من المعلمين ضرب أبنائهم.
الضغوط النفسية للمعلمين والاقتصادية والإدارية التعليمية قد تكون أحد العوامل التي تجعل المعلمين يفرغون شحنة غضبهم وعدوانهم في التلاميذ..
هناك عدد من المعلمين يستخدمون الضرب كرد فعل عكسي لإسقاطات عدوانية دفينا منذ الصغر نتيجة لما وقع عليهم من ضرب سواء من معلميهم أو من أولياء أمورهم.
بعض المعلمين يستخدم الضرب كوسيلة لرفع مستوى العملية التعليمية وزيادة تحصيل التلاميذ وتأديبهم .
وللضرب آثار وخيمة على المعلم نفسه وعلى أبنائه التلاميذ .. خصوصا الضرب المبرح منه - فالآثار الوخيمة على المعلم يمكن أن نوجز أهمها فيما يأتي:
يعرض المعلم نفسه للمسألة القانونية فالضرب جريمة يعاقب عليها بالسجن مدة تتراوح بين شهر إلى عدة سنوات تبعا لنوع الجريمة والإصابة التي يحدثها المعلم للتلاميذ .
غالبا ما يندم المعلم على فعله بعد ضرب التلاميذ من حوادث الضرب الأليمة: فغالبا ما نسمع عن أطفال يتوفاهم الموت بالسكتة القلبية قبل ضربهم لمرضهم بالقلب، كذلك نسمع أن المعلم يخطئ عند ضرب تلميذ فقد يخلع عين تلميذ مجاور عندما تفلت العصا منه .. وهكذا يشعر المعلم بندم مدى الحياة ويعاقب بالسجن .
انفعال المعلم أثناء الضرب يسبب له آثارا سلبية صحية وجسمية عديدة حيث تضطرب أجهزته الصحية والمعدية فتحدث زيادة في الحموضة وتسبب له قرحة، واضطرابات في عصب القولون تسبب له آلاما معوية واختلال في وظائف البنكرياس وتسبب له مرض السكر على المدى الطويل، زيادة في ضغط الدم فيسبب أمراض القلب وهكذا تختل جميع وظائف.
جسمه وعقله.. أما الضرب بالنسبة للتلاميذ فإنه عظيم الخطورة والآثار الضار والمتعدد، ومن أهم أضراره .
الضرب يهدم الشخصية الإنسانية والشخصية القومية للمجتمع فالضرب يسهم في تكوين الشخصية المنافقة التي إذا تولت مركزا قياديا تتطلب من تابعيها النفاق والكذب والغش، إذا كانت مرؤوسة فأنها تنافق وتكذب وتغش رؤساءها، كما وأن الضرب يكون في الأطفال الشخصية الإنسانية المتسمة: الخوف والرعب والإرهاب والجبن وكبت الحريات وقتل الجمال والإبداع والتجديد والابتكار، واللامبالاة وافتقاد القدوة الحسنة، وعدم الأمن والأمان والشعور بالطمأنينة والتوتر العصبي للطفل والتبول اللاإرادي والأحلام المفزعة أثناء النوم وقرض الأظافر .. وغيرها من الأمراض النفسية والعقلية فضلا عن أن التلميذ يكره معلمه ومادته العلمية ويصدم من المدرسة ومن العملية التعليمية ونشاهد أطفالا كثيرين يقفون أمام المدرسة وترتعش أجسادهم ويبكون لدخول سجن المدرسة والذي يكون سجانه المعلم أو إدارة المدرسة.. وبالأحرى فإن الضرب يعمل على هدم الثروة البشرية وهدم السلوك الاجتماعي العام وإيجاد ما نسميه بالشخصية الفهلوية!! كما يسبب الأمراض الاجتماعية من سلوك عام مثل السرقة والرشوة، والغربة، وعدم الانتماء الافتقاد القدوة الحسنة من المعلم وإدارة المدرسة، ولعل معظم سلوكنا المرضي سواء كنا أفرادا أو سلوكا اجتماعيا عاما إنما يرجع جزء كبير منه إلى الضرب في الصغرº لأنه يترك بصمات أليمة في اللاشعوري في الصغر تظهر آثارها المرضية في سن الرشد والكبر، وتسهم في هدم الثروة البشرية المستقبلية للمجتمعº لأن طفل اليوم هو رجل المستقبل ونحن نربي لجيل غير جيلا وزمن غير زماننا وللأسف يجهل الأباء والمربون من المعلمين الآثار الخطيرة للضرب دون سوء نية أو قصد..
فلماذا نحن كأباء وأولياء أمور ومربين نبدأ بالعقاب قبل الثواب!! ولماذا نلجا للعقاب بالضرب والضرب أسوا أنواع العقاب البدني!! وهل نرسل أبناءنا للمدارس لحسن تربيتهم وتعليمهم أم لهدم شخصياتهم؟ وهل الدولة تنفق المليارات على التعليم لهدم الثروة البشرية أم لتنمية الإنسان مستقبلا؟ وهل العلاقة بين المعلمين المربين وبين التلاميذ هي علاقة عضلية من الأقوى جسميا وبدنيا إلى الجانب الضعيف وهو التلميذ والطفل والأمانة الموضوعة من ولى أمره ومن المجتمع والذي يجب أن يؤتمن عليها ولا يبددها؟ وهل الموقف التعليمي التربوي هو موقف إنساني عقلي يجب أن يسوده الود والمحبة والهدوء والاتزان الانفعالي العصبي من المعلم إلى المتعلم أن أنه موقف عدواني إرهابي يسوده الخوف والتوتر العصبي لطرفي النزاع: التلميذ والمعلم؟ أن الموقف التربوي عندما يسوده الحب والاحترام والتقدير لآدمية الطفل من المعلم سوف يسهم في يسر وسرعة في توجيه التلاميذ وإرشادهم وتوجيههمº لأن الأطفال كثيرا منهم ما يفتقدون ذلك في بيوتهم وبعضهم يذهب للمدرسة محروما من الحنان والعطف والحب, وعندما يجده يحب المعلم وإدارة المدرسة, ويحب المادة الدراسية وكذلك يشعر بثقة في نفسه.
بعض المعلمين يجهلون أن الطفل الكثير الحركة والمشاغب في الفصل يتميز بنوع من الفراغ والذكاء ويحتاج للحب والتقدير وشغل وقت الفراغ، وإذا ما أشبع المعلم شغل وقت فراغه وحبه وأمنه سهل ضبط سلوكه ومن ثم لا يحتاج المعلم إلى ضرورة للعقاب, أما إذا استمر التلميذ في جنوح سلوكه فيوجه للأخصائي الاجتماعي بالمدرسة ويستدعي ولي أمره لعلاج سلوك ابنه, ويعالج نفسيا إذا وجب ذلك وهذا يتطلب صبرا وطول بال وصدق نية في الإصلاح للثروة البشرية.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد