مواقف تربوية طريفة للشيخ علي الطنطاوي - رحمه الله - من الذي يستطيع أن يتحدث في المواقف التربوية ثم يتجاوز الشيخ الأديب الأستاذ علي الطنطاوي - رحمه الله -
والذي قضى فترة من عمره معلما تشرفت به مهنة التعليم في هذه الأزمنة أن يكون مثله معلما للمرحلة الابتدائية ومن يقرأ ما كتبه - رحمه الله - يدرك حجم ما ورد فيها عن التعليم من مواقف طريفة أو نقد لاذع أو ذكريات مضحكة أو باكية ومن هذه المواقف ما ذكره في معرض ثنائه على أستاذه عبد القادر المبارك فعندما كان يدرس في بغداد، أقيمت حفلة سمر في آخر سنة 1936م، فسأل الطلاب مدرسيهم، على عادة اعتادوها: هل يأذنون لهم أن يقلدوهم؟ فكان منهم من أذن، ومنهم من أبى وكان الشيخ علي - رحمه الله - ممن أذن، فقام طالب يقلد الشيخ بزعمه، ولكنه قلد الشيخ المبارك أستاذ الطنطاوي فقال الشيخ علي: ويحك هذا شيخنا المبارك فإذا بالطلاب يصيحون من الأركان الأربعة: بل هذا أنت، هذا أنت. فإذا الشيخ علي - رحمه الله - لطول ما حاكى الشيخ قد صار مثله …. يعني في لهجته ونغمته، لا في علمه ولغته فأين هو من علم الشيخ كما ذكر ذلك عن نفسه، وإن كان هو في أنفسنا أفخم من شيخه الذي لا نعرفه كمعرفتنا بالشيخ الطنطاوي - رحمه الله - ولكن هذا الثناء منه على أستاذه جميل ولطيف حيث بلغ إعجابه به إلى درجة أنه شابهه في حركاته ولهجته.
ولقد زرت الشيخ في بيته فذكر موقفا طريفا آخر حينما كان أيضا في العراق معلما فقد سبقت شهرته إلى المدرسة التي وجه إليها وكان لا يزال شابا فوقف عند باب الفصل يهيئ نفسه للدخول على الطلاب فسمع المدرس داخل الفصل يثني عليه وما تميز به من الأدب والعلم فدخل إلى الفصل بثقة وسرور ونسي مع دخوله الاستئذان على المعلم فلم يشعر المعلم إلا بهذا الشاب داخل الفصل يقطع عليه حديثه عن الشيخ علي الطنطاوي فالتفت إليه المعلم وقال: من أذن لك بالدخول يا حمار؟ وألجمت هذه الكلمات الأستاذ الطنطاوي وكانت صدمة له صورتان متضادتان في ثوان معدودة فبينما كان يمدحه إذا به يشتمه لابد أن هذا المعلم سمع بالشيخ علي الطنطاوي ولكنه لا يعرف أن هذا الشيخ هو هذا الشاب الذي أمامه وشرد ذهن الشيخ في هذه التداعيات ولم يرجع إلا على صوت المعلم يخاطبه سنعرف الآن أأنت أكثر علما أم الحمار؟ وألقى عليه مباشرة سؤالا عن بيت من الشعر، فانطلق فارس البيان في الجواب والتفصيل حول هذا البيت وقائله واستطرد في الحديث بصورة أدهشت المعلم حتى قال له: كأنك في علم وبيان الشيخ علي الطنطاوي ولكنك لست في صورته التي رسمتها له في ذهني فقال له: بل هذه الصورة الحقيقة لعلي الطنطاوي الذي سمعت عنه ولم تره. هذا الموقف الطريف لعل الشيخ قد كتبه بأسلوبه العذب في كتبه، ولكن حسبي أني رويت عنه هذا الموقف مشافهة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد