أزمة الأخلاق


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 إن أزمة الأخلاق بين المسلمين هي من أشد الأزمات بروزاً لاعتقادهم أنه ليس ثمة تلازم بين العبادة والسلوك.

فهو مع اعتقاده بأنه مسلم والحمد لله ويصوم رمضان وقد يصلي أولاً، إلا أن ذلك لا ارتباط له البتة في سلوكه الظاهر والباطن.

فهو مسلم يكذب، مسلم مفتري، مسلم يستهزأ بالآخرين، مسلم يسب الدين، مسلم يكره الجهاد وشعائر الإسلام، مسلم متسلط، مسلم منافق، مسلم متسلق على الآخرين، مسلم يفرح بهزيمة المؤمنين وتدمير دولهم، مسلم ينصر الكفار على المسلمين ويدعمهم، مسلم مرتشي، مسلم لسانه رطب بالسب والشتيمة.

وعلى المستوى النفسي الداخلي فهو مسلم حقود، مسلم حسود، مسلم متشبث في الدنيا أكثر من الدنيا نفسها.

مسلم أناني، مسلم ربه الدرهم والدينار، مسلم عابد لشهوته وهواه، مسلم ولاءه وقلبه مع أعداء دينه، مسلم لا يهمه أمر المسلمين في أي مكان وإنما يهمه نفسه وخاصته.

إن هذه الأزمة الكبرى برزت على كل المستويات فهي في العلمانيين والليبراليين والإسلاميين ، وغيرهم ممن ينتسب للإسلام.

وقد جلت الأدلة الشرعية على أن هناك تلازماً وتبعاً بين العبادات والأخلاق فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فهي ليست حركات جوفاء بل لها أثر على السلوك والعبادة حتى العطف على المسكين هو من آثار الصلاة قالوا ((ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين)).

فلو صلوا لأطعموا المسكين ((فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون))، فلو صلوا لما منعوا الماعون.

وليس الصوم مجرد إمساك عن الطعام والشراب بقدر ما هو تهذيب للنفس البشرية ولذا قال - صلى الله عليه وسلم - \" ما لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه \".

وليست الزكاة هي أداء حق واجب بشكل مجرد بقدر ما هي شعور بالآخر وطهارة لنفس خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها.

إن العبادات التي يمارسها الناس إذا لم يكن لها أثر على أخلاقهم وسلوكهم اليومي فلن تتحصل منها على فائدة مرجوة وتمعن معي في حديث المفلس الذي يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصوم إلا أنه شتم هذا وأخذ مال هذا وسفك دم هذا، إن الصلاة لم تؤثر في سلوكه،

فتأخذ حسناته وتوزع على من ظلمه ثم تؤخذ سيئاتهم فتلقى عليه ثم يطرح في النار.

بل وكثرة العبادات بأنواعها وخاصة للنساء إذ لم تؤثر على سلوكها فإنها في النار كما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن امرأة تكثر من الصلاة والصوم إلا أنها تؤذي جيرانها فقال: لا خير فيها هي في النار.

وسئل عن امرأة تصوم وتصلي لكن ليس لها عبادة كثيرة ولا تؤذي جيرانها فقال: هي في الجنة.

ولذا قال - صلى الله عليه وسلم -: \"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده\".

نعم إن هذه الصور من العبادات الظاهرة إذا لم تعكس إحساساً عميقاً بانتماء الإنسان لهذا الدين العظيم وتفاعله مع أوامره وتعاطفه مع أهله وقضاياه فإنه لباس شفاف ظاهر لا يستر ما تحته كما قال - تعالى - ((قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)).

إنه إسلام اللسان دون حقيقة أثره في القلب.

إن المسلم الحقيقي هو من يحمل أخلاق الإسلام وعقيدة الإسلام لا أن يحمل اسماً بغير معان تترجمه على أرض الواقع.

إن أقواماً من المسلمين نقضوا إيمانهم وهن يظنون أنهم ما زالوا على الإسلام فسبوا الدين واستهزؤوا بالمؤمنين وفرحوا بهزيمة أهل الإسلام ووالوا أعداء الدين ونبذوا شريعة الله وحاربوا المصلحين كل ذلك ظنا منهم أنها حرية وفي سبيلها تجاوزاً الخطوط الحمراء وكسروا حاجز الولاء والبراء.

ومثلهم من يبحث عن الشهرة من خلال سب حملة الدين.

إننا في حقيقة واقعنا لا نحتاج إلى كثير من المعرفة ولا إلى المعلومات.

بقدر ما نحتاج إلى بيان أثر هذه المعلومات والعبادات على سلوكنا وأخلاقنا.

أي أخلاق يحملها من حرص على الإسلام ظاهراً وهو يمارس النفاق والكذب وسوء الأدب باطناً وحرص على الدنيا وتكبر وصد عن المسلمين.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply