اسمي هل يؤثر على شخصيتي؟


 

بسم الله الرحمن الرحيم

دخل السائق الجديد مكتب وكيل وزارة الصحة وقال له: أنا السائق الجديد يا دكتور.. كلفوني - في إدارة الجراج - أن أكون سائقك الخاص..[ فقال له وكيل الوزارة: ما اسمك؟ قال له: الصلاة على النبي يا دكتور، فقال الدكتور - عليه الصلاة والسلام -.. ما اسمك؟ قال له: الصلاة على النبي يا دكتور... ]، فأرغى وكيل الوزارة وأزبد وتوعَّده بالهلاك وطلب منه أن ينصرف ويأتي بمن عيَّنه سائقًا لوكيل الوزارة.. وثار الرجل ثورة عارمة وارتعدت فرائصه، وبعد قليل دخل السائق ومدير الجراج وبعد أن أسمعهم وكيل الوزارة ما يكرهون قدموا له بطاقة السائق فإذا به اسمه \"الصلاة على النبي إبراهيم مسعود\".. فضحك وكيل الوزارة، وضحك الحاضرون على أغرب اسم سمعوه في حياتهم.

 

فما حكاية الأسماء الغريبة؟ وهل للإنسان نصيب من اسمه؟ وماذا عن الذين يتفاءلون أو يتشاءمون من أسمائهم؟ ولماذا حرص رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - على أن يختار المسلم لأبنائه أحسن الأسماء؟

 

الأسماء الموضة:

تقول د. ناهد سلامه (أستاذة علم النفس بجامعة القاهرة):إن الصلة انقطعت في العصر الراهن بين اسم الشخص وشخصيته وسلوكه وتصرفاته.. وربما كانت هناك علاقة في الماضي البعيد بين اللقب الذي يطلق على الشخص وبين سلوكياته بوصف أن هذا اللقب يأتي في مرحلة متأخرة من السن، أو على الأقل في مرحلة الشباب، أما الآن فإن الأسماء تطلق على الأولاد والبنات بشكل تلقائي ربما جريًا وراء الموضة في التسميات التي تتغير من عام إلى عام،أو ربما تيمنًا وإحياءً لاسم أحد أفراد الأسرة.. ولم يعد أحد يطلق على المولود اسمًا بهدف أن يصبح هذا الاسم جزءًا من شخصيته وسلوكه - اللهم إذا كانت التسمية ذات صلة بالإسلام وأسماء المسلمين الأوائل مثل محمد وعمر وخالد وعمرو.. إلخ - لذلك فلا أعتقد أننا نستطيع أن توقع سلوك الشخص من اسمهº لأن موضوع السلوك معقد جدًا، وتتدخل في تحديده عوامل كثيرة وهي أبعد ما يكون عن اسم الإنسان. وكم من أسماء جميلة والفعل قبيح.. وعلى العكس نجد أسماء ريفية أو ألقابًا تثير الضحك ولكن أصحابها أناس طيبون.

 

أما د. محمد رشاد سالم (الأستاذ بجامعة الأزهر) فيقول: إن الاسم له بعض الأثر في نفسية صاحبه فلا أتصور اسمًا من الأسماء الجميلة وصاحبه من ذوي الأخلاق الشريرة،.. فلو أسميناه اسمًا صالحًا سنجده بمشيئة الله صالحًا.. وما شاهدته من بعض الأسماء يثبت ذلك، فنحن عرفنا الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله - وقد سمي بهذا الاسم تشبهًا بحجة الإسلام الغزالي، والشيخ الغزالي كان يعرف ذلك ولهذا كان يقتدي في سلوكه بحجة الإسلام الغزالي الكبير. وأنا أعرف رجلاً كان معجبًا بالشيوعية فسمى أبناءه لينين وستالين.. ولكن ستؤثر فيهما لا محالة تنشئة أبيهما الشيوعية لهما. ولذلك فإنني أعتقد أن الأسماء - من الناحية النفسية - تؤثر في أصحابها، وتحدد في بعض سلوكياتهم إما إلى الأحسن وإما إلى الأسوأ.

 

أما د. محمد رأفت عثمان (رئيس قسم الفقه المقارن في الأزهر) فيقول: إن من حق الطفل على والديه أن يسمياه اسمًا حسنًا وأن يكنياه كنية لطيفةº لأن للأسماء آثارًا تنعكس على شخصية الطفل.. فالأسماء القبيحة التي تمجها الأذواق وتشمئز من وقعها النفوس تجرح إحساس صاحب الاسم، فقد تكون مدعاة للاستهزاء به والسخرية منه، فينزوي عن المجتمع أو يحاول ردّ اعتباره بأساليب إجرامية.

 

وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غيَّر أسماء بعض من آمن به، فغير اسم العاص بعبد الله، وغيرَّ اسم برة إلى زينب. وكان - عليه الصلاة والسلام - يستحب الاسم الحسن، ويروى أنه ندب جماعة إلى حَلب شاة فقام رجل لحلبها فقال: ما اسمك؟ قال: مرة. فقال: اجلس. فقام آخر فقال له - صلى الله عليه وسلم -: ما اسمك؟ قال: حرب. قال: اجلس. فقام آخر فقال له: ما اسمك؟ قال: يعيش. قال: احلبها. وقد أمر رسول الله أمته بحسن اختيار أسمائهم تأسيًا بقوله - تعالى - [ ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ]. ومن الأحاديث الصحيحة عن رسول الله (تسموا بأسماء الأنبياء وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن) وقوله أيضًا: (إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم).. ولذلك فمن رأي د. رأفت عثمان أن المسلم إذا كبر ووجد اسمه غير لائق أو يثير السخرية أو التشاؤم فله أن يغيره باسمٍ, حسن.

 

التربية الصالحة شرط :

أما د. أحمد المجدوب (المستشار بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية) فيقول: إن الاسم ليس مرتبطًا بقدر الإنسان فليس من الضروري أن يكون صلاح صالحًا أو عبد الله عابدًا لله أو كريم كريمًا. فهناك مَن اسمه صادق وهو كاذب، وهناك من اسمه ذكي وهو غبي، وهناك من اسمه أمين وهو خائن.. إلخ. لكن الفيصل الرئيس في هذه النقطة هو أن يصاحب الاسم الحسن الذي اختاره الوالدان تربية صالحة وتنشئة أخلاقية سليمة.. في هذه الحال فقط يتأثر الإنسان تمامًا باسمه ويكون له نصيب منه.

 

ويضيف د. المجدوب أن اختيار الاسم هو نتيجة لتفاعل الإنسان مع بيئته والظروف المحيطة به. فالمجتمع الحضري له أسماء.

 

الاسم والإنتاجية:

لكن، هل يتأثر الإنسان باسمه في مهنته، كأن يكون محاميًا واسمه مصلح فيصلح بين الناس، أو يكون طبيبًا نفسيًا واسمه عقدة.. إلخ؟

يجيب د. حسن رياض (الأستاذ في كلية التربية النوعية) فيقول: لا يتأثر الإنسان باسمه في مهنته، فقد يكون المحامي اسمه مصلح وهو لا يعرف الصلح بين الناس ولا يعرف إلا إيقاع العداوة بينهم حتى يبتز أموالهم.. وهكذا.

 

لكن إذا وضع الإنسان هذا الأمر في بؤرة اهتمامه، وفكّر فيه طويلاً فربما يتأثر في مهنته فعلاً باسمه.. كأن يكون طبيبًا واسمه ماهر فيخجل أن يكون غير ماهر. هذا يحدث في بعض الأحيان لكن في بعضها الآخر قد لا تسعف الإنسان مواهبه وقدراته وتعليمه وتدريبه ونشأته أن يكون اسمًا على مسمى في مهنته.

 

ويضيف د. حسن رياض أن الأب والأم والأسرة قد يلفتون نظر الطفل من صغره إلى هذا الأمر، كأن يكون لقب العائلة الواعي أو الأستاذ.. فحينما يتكاسل الطفل عن واجباته المدرسية يقولون له: عيب عليك أن يكون اسمك الواعي وأنت لست واعيًا بل جاهلاً ومفرطًا في مستقبلك.. احرص على ألاّ يكون أحد من زملائك أوعى بدروسه منك.. وقد يتحمس الطفل لذلك ويتأثر به فيتحول الاسم إلى مسمى فعلاً.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply