سعادة غامرة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

استمعت من جميع طلاب الحلقة آيات كريمة مما حفظوه من قبل، ثم أصغيت إليه أيضاً... كانت قراءته لا بأس بها لكنها قراءة خائف، حاولت تشجيعه وتوجيهه، ولكنه لم يستجب... ويمضي شهر وحاله لم يتغير، إنها هي هي.

لم أجد بداً من مراسلة والده وإعلامه حال ابنه محمد، وعَزَيتُ ذلك إلى الشدة في المعاملة... ويأتي الرد في اليوم التالي.

يُرجَى نقله من حلقة إلى حلقة أخرى، لكن المشرف على حلقات التحفيظ لم يأبه لكلام والده، وبقي محمد عندي رغماً عنه وبدأت بالتقرب منه وأشعرته بحبي في الله الصادق له، وأخذت بالدعاء له في ظهر الغيب، وأكثرت من التشجيع والثناء، ولم أنس منحه الثقة بنفسه وإبعاد شبح الخوف عنه، من خلال بعض العبارات التي تأتي بشكل عرضي ولا تتجه صوبه، فكثيراً ما كنت أردد أمامه المسلم لا يخاف أحداً ولا يخشى إلا الله.. اسمعوا معي قوله تعالى: ( ...فَلا تَخشَوهُم وَاخشَونِي وَلِأُتِمَّ نِعمَتِي عَلَيكُم وَلَعَلَّكُم تَهتَدُونَ...) البقرة:150. واستمعوا معي أيضاً قوله تعالى: (... وَتَخشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقٌّ أَن تَخشَاهُ ...) الأحزاب: 37.

وما هي إلا أسابيع حتى تغيرت حال محمد، الابتسامة بدأت ترتسم على شفتيه، أسنانه البيض الصغيرة والجميلة أخذت هي الأخرى في الظهور شيئاً فشيئاً.. وينطلق محمد في القراءة لكتاب الله ويبتعد الخوف عنه ويصبح في عداد الطلبة الأُوَل...، وأشعر بسعادة غريبة تغمرني عندما سألته وما أجملها من كلمة سمعتها منه حين سألته:

- هل تحب أن تنتقل إلى حلقة أخرى يا محمد؟ فأجاب بعدما افتر ثغره عن ابتسامة تنمٌّ عن سروره: لا يا أستاذ، أنا أحب أن أبقى عندك في الحلقة.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply