التوبة النصوح


 

بسم الله الرحمن الرحيم

السؤال:

سؤالي عن التوبة النصوح، فهل يجب على التائب قضاء ما فاته من الصلوات والصيام والزكاة وغيرها؟ وماذا عن حقوق العباد، مثل: الأشياء المسروقة من محلات أصحابها كفار، وتتضمن أشياء مثل السجائر؟

الجواب:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فلا شك أن الجميع محتاجون إلى التوبة النصوحº امتثالاً لقوله - تعالى -: \"وتوبوا إلى الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم تفلحون\"[النور: 31]، وقوله - سبحانه -: \"يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً\"[التحريم: 8].

واعلم حفظك الله- أن التوبة ممكنة، بل واجبة من كل ذنب مهما عظم وكبر، حتى لو كان كفراً أو شركاً ناقلاً عن الملة، وتأمل قوله - تعالى -: \"لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم\" [المائدة: 73-74].، فمع أن هؤلاء المذكورين في الآية جعلوا الله ثالث ثلاثة وهو نهاية الجحود والكفر البواح إلا أن الله يدعوهم إلى التوبة بقوله: \"أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه\"[المائدة: 74].

وأما قضاء ما فاته من الصلوات، أو الصيام، أو نحوه فهذه مسألة طويلة، وجوانبها متعددة، وخلاف أهل العلم حولها كثير، وخلاصة الأمر أنه لا بد من التفريق بين هذه الفوائت المضيقة إذ ترك بعضها، كالصلاة كفر مخرج عن الملة متى ما كان تركها عن عمد حتى خرج وقتها، فتارك الصلاة لا يطلب منه إعادة أو قضاء ما فاته من الصلوات أو الصيام ونحوهماº لأنه كافر كفراً أكبر على الصحيح من أقوال العلماء.

وأما إن كان ما تركه من الواجبات لا يبلغ به حد الكفر، كأن يترك الزكاة لأمواله بخلاً دون جحود لأصل وجوبها، أو يفطر في رمضان بلا عذر دون جحد منه لفرضية الصوم، أو نحو ذلك، فمثل هذا المفرط يعد عاصياً مرتكباً لكبيرة أو أكثر من كبائر الذنوب، لكنه لم يخرج عن دائرة الإسلام على الصحيح من أقوال أهل العلم في هذه القضايا الممثل لها أعني: الصوم والزكاة.

وبناء على ما ذكرنا، فإن هذا الإنسان يلزمه قضاء ما تركه من الصيام في السنوات الماضية، وإخراج ما وجب في ذمته من الزكاة المفروضة عن الأعوام السابقة، وهلم جرا من الأمور المماثلة.

وأما حقوق العباد، فلا تصح توبة عبد إلا بأدائها إلى أصحابها، إلا أن يعفو صاحب الحق ويتنازل عن حقه، ولا فرق بين كفر صاحب الحق مسلماً أو كافراً ما لم يكن حربيًّا.

وأما سرقة الأشياء المحرمة كالسجائر ونحوها فأنصح من ارتكب فعلاً كهذا أن يقلع عن هذه الممارسات الخاطئة ويتوب منها، وأما ما مضى فأرجو أن يغفرها الله تعالىولا يلزمه إعادة أثمانها، حيث أباح بعض أهل العلم إتلاف آلات اللهو والمعازف ونحوها دون ضمان لقيمتها، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply