بسم الله الرحمن الرحيم
الرضا من أعمال القلوب، نظير الجهاد من أعمال الجوارح، فإن كل منهما ذروة سنام الإيمان. · قال أبو الدرداء: ذروة سنام الإيمان أربع خلال: الصبر للحكم، والرضا بالقدر، والإخلاص للتوكل، والاستسلام للرب - عز وجل -. · قال ابن عطاء: الرضا سكون القلب إلى قديم اختيار الله للعبد أنه اختار له الأفضل، فيرضى به.
قال ابن القيم: وطريق الرضا طريق مختصرة..قريبة جدا..موصلة إلى أجل غاية، ولكن فيها مشقة ومع هذا فليست مشقتها بأصعب من مشقة طريق المجاهدة.. وإنما عقبتها: همة عالية، ونفس زكية، وتوطين النفس على كل ما يرد عليها من الله.
قال الفضيل بن عياض: الرضا أفضل من الزهد في الدنيا، لأن الراضي لا يتمنى فوق منزلته.
وقيل: الرضا ارتفاع الجزع في أي حكم كان · وقيل: هو ترك السخط · كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى - رضي الله عنهما -: أما بعد، فإن الخير كله في الرضا، فإن استطعت أن ترضى وإلا فاصبر. · وسئل أبو عثمان عن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أسألك الرضا بعد القضاء) فقال: لأن الرضا قبل القضاء هو عزم على الرضا.. والرضا بعد القضاء هو الرضا. · أرفع الرضا: الرضا بالله ربا. · قال الهروي عن الرضا بالله ربا: وهو يصح بثلاثة شروط: أن يكون الله - عز وجل - أحب الأشياء إلى العبد، وأولى الأشياء بالتعظيم، وأحق الأشياء بالطاعة.
مدار رحى الإسلام على أن يرضى العبد بعبادة ربه وحده وأن يسخط عبادة غيره. · قال الربيع علامة حب الله: كثرة ذكره.. وعلامة الدين: الإخلاص لله في السر والعلانية.. وعلامة الشكر: الرضا بقدر الله والتسليم لقضائه.
وفي وصية لقمان لابنه: أوصيك بخصال تقربك من الله وتباعدك من سخطه: أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا. وأن ترضى بقدر الله فيما أحببت وكرهت. · قال بعضهم: من يتوكل على الله ويرض بقدر الله فقد أقام الإيمان وفرغ يديه ورجليه لكسب الخير. · قال أبو جعفر لرابعة: متى يكون العبد راضيا عن الله؟ فقالت: إذا كان سروره بالمصيبة مثل سروره بالنعمة. !!
· كان عمر بن عبدالعزيز كثيرا ما يدعو: اللهم رضّني بقضائك، وبارك لي في قدرك، حتى لا أحب تعجيل شيء أخرته ولا تأخير شيء عجلته. · قال أبو معاوية الأسود في قوله (فلنحيينه حياة طيبة) قال: الرضا والقناعة. · وكان الربيع يقول في شدة مرضه: ما أحببت أن الله نقصني منه قلامة ظفر.
قال الحسن: من رضي بما قسم الله له، وسعه وبارك الله له فيه، ومن لم يرض لم يسعه ولم يبارك له فيه.
قال سفيان في قوله (وبشر المخبتين): المطمئنين، الراضين بقضائه، والمستسلمين له. · قال الفضيل بن عياض: إن لم تصبر على تقدير الله لم تصبر على تقدير نفسك.
قال حفص بن حميد: سألت عبدالله بن المبارك: ما الرضا؟ قال: الرضا: لا يتمنى خلاف حاله.
قال محمد بن واسع: طوبى لمن وجد غداء ولم يجد عشاء، ووجد عشاء ولم يجد غداء وهو عن الله راض.
وقال أبو عبدالله البراثي: ومن وُهب له الرضا فقد بلغ أفضل الدرجات.
قال ميمون بن مهران: من لم يرض بقضاء الله.. فليس لحمقه دواء. · قال غيلان بن جرير: من أعطي الرضا والتوكل والتفويض فقد كفي.
قال أبو العباس: الفرح في تدبير الله لنا، والشقاء كله في تدبيرنا.
سئل أحدهم عن الرضا: فقال: أن ترضى به مدبرا ومختارا.. وترضى به قاسما ومعطيا ومانعا.. وترضاه إلهاً معبودا ورباً. · العبد ذو ضجر والرب ذو قدر والدهر ذو دول والرزق مقسوم والخير أجمع في ما اختار خالقنا وفي اختيار سواه اللوم والشوم.
قال بعض السلف: لو قرض لحمي بالمقاريض، كان أحب إلي من أن أقول شيئا قضاه الله: ليته لم يقضه.
اللهم اجعلنا ممن رضيت عنهم ورضوا عنك.