الموت أحب إلى أحدهم من الحياة


  

بسم الله الرحمن الرحيم

\"نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله\"، هكذا قالها عمر الفاروق لأبي عبيدة عامر بن الجراح - رضي الله عنهما -، عندما قدم الشام ليتسلم مفاتيح بيت المقدس من البطاركة، وقد كان يلبس ثوباً مرقعاً، ويركب بغلة يتناوبها مع غلام له، فأرادوا منه أن يغير ملابسه وبغلته، ذلك أن المسلمين إنما فتحوا البلاد وقلوب العباد بحبهم لربهم، وسيرهم على نهج نبيهم وتعلقهم بجنة خالقهم، فما عرفت الدنيا طريقاً إلى قلوبهم، ولا تسلطت على نفوسهم.

 

وفي القصة التالية ما يشير إلى هذا المعنى، إذ لما فتح المسلمون مصر بقيادة الصحابي الجليل عمرو بن العاص أرسل المقوقس رسلاً إلى عمرو، فحبسهم عمرو عنده يومين، ولما رجعوا إلى المقوقس سألهم: كيف رأيتم؟ فقالوا: \"رأينا قوماً الموت أحب إلى أحدهم من الحياة، والتواضع أحب إليهم من الرفعة، ليس لأحدهم في الدنيا رغبة ولا نهمة، وإنما جلوسهم على التراب، وأكلهم على ركبهم، وأميرهم كواحد منهم، ما يُعرف رفيعهم من وضيعهم، ولا السيد من العبد، وإذا حضرت الصلاة لم يتخلف عنها منهم أحد، يغسلون أطرافهم بالماء، ويخشعون في صلاتهم\".

فقال المقوقس عند ذلك: والذي يحلف به، لو أن هؤلاء استقبلوا الجبال لأزالوها، وما يقوى على قتال هؤلاء أحد!

لأجل هذا هابهم الأعداء وخشيهم الألداء، ولما تنكّبت الأجيال من بعدهم الطريق تداعت على أمتنا الأمم كتداعي الأكلة إلى قصعتها، وما هم بقليل، ولكنه حب الدنيا وكراهية الموت.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply