الكلام الأخاذ ليحيى بن معاذ ( 11 )


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

221- ما أعرف حبه تزن جبال الدنيا إلا الحبة من الصدقة.

222- الطاعة خزانة من خزائن الله إلا أن مفتاحها الدعاء، وأسنانه لقم الحلال.

223- فقدنا ثلاثة أشياء فما نراها ولا أراها تزداد إلا قلة، حسن الوجه مع الصيانة وحسن القول مع الديانة، وحسن الإخاء مع الوفاء.

224- جاهد نفسك بأسياف الرياضة، والرياضة على أربعة أوجه: القوت من الطعام، والغمض من المنام، والحاجة من الكلام، وحمل الأذى من جميع الأنام، فيتولد من قلة الطعام موت الشهوات، ومن قلة المنام صفو الإرادات، ومن قلة الكلام السلامة من الآفات، ومن احتمال الأذى البلوغ على الغايات، وليس على العبد شيء أشد من الحلم عند الجفاء والصبر على الأذى، و تحركت من النفس إرادة الشهوات والآثام وهاجت منها حلاوة فضول الكلام، جردت سيوف قلة الطعام من غمد التهجد وقلة المنام، وضربتها بأيدي الخمول وقلة الكلام حتى تنقطع عن الظلم والانتقام، فتأمن من بوائقها من بين سائر الأنام، وتصفيها من ظلمة شهواتها فتنجو من غوائل آفاتها، فتصير عند ذلك نظيفة ونورية خفيفة روحانية، فتجول في ميدان الخيرات، وتسير في مسالك الطاعات كالفرس الفارة في الميدان، وكالملك المتنزه في البستان.

225- أعداء الإنسان ثلاثة: ديناه، وشيطانه، ونفسه، فاحترس من الدنيا بالزهد، ومن الشيطان بمخالفته، ومن النفس بترك الشهوات.

226- في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق.

227- جوع الراغبين منية، وجوع التائبين تجربة، وجوع المجتهدين كرامة، وجوع الصابرين سياسة، وجوع الزاهدين حكمة.

228- معاشر الصديقين! جوعوا أنفسكم لوليمة الفردوس فإن شهوة الطعام على قدر تجويع النفس.

229- الدنيا حانوت الشيطان، فلا تسرق من حانوته شيئاً فيجيء في طلبه فيأخذك.

230- الدنيا بلغ شؤمها أن تمنيك لما يلهيك عن طاعة الله، فكيف الوقوع فيها.

231- الدرهم عقرب فإن لم تحسن رقيته فلا تأخذه، فإنه إن لدغك قتلك سمه، قيل: وما رقيته؟ قال: أخذه من حله ووضعه في حقه.

232- ما في القلب للأسخياء إلا حب ولو كانوا فجاراً وللبخلاء إلا بغض، ولو كانوا أبراراً.

233- قيل ليحيى بن معاذ: من آمن الخلق غداً؟ قال: أشدهم خوفاً اليوم.

234- من عبد الله - تعالى -بمحض الخوف في بخار الأفكار، ومن عبده بمحض الرجاء تاه في مفازة الاغترار، ومن عبده بالخوف والرجاء استقام في محجة الادكار.

235- حبك الفقراء من أخلاق المرسلين، وإثارك مجالستهم من علامة الصالحين، وفرارك من صحبتهم من علامة المنافقين.

236- قال رجل ليحيى: متى أدخل حانوت التوكل، وألبس رداء الزهد، وأقعد مع الزاهدين؟ فقال: إذا صرت من رياضتك لنفسك في السر إلى حدً لو قطع الله عنك الرزق ثلاثة أيام لم تضعف في نفسك، فأما ما لم تبلغ هذه الدرجة فجلوسك على بساط الزاهدين جهل ثم لا آمن عليك أن تفتضح.

237- في وجود العبد الرزق من غير طلب دلالة على أن الرزق مأمور بطلب العبد.

عفوة يستغرق الذنوب فكيف رضوانه؟ ورضوانه يستغرق الآمال فكيف حبه؟ وحبه يدهش العقول فكيف ودّه؟ ووده ينسي ما دونه فكيف لطفه؟

238- مثقال خردلة من الحب أحب إلي من عبادة سبعين سنة بلا حب.

239- إلهي! إني مقيم بفنائك، مشغول بثيابك، صغيراً أخذتني إليك، وسربلتي بمعرفتك، وأمكنتني من لطفك، ونقلتني في الأحوال، وقلبتني في الأعمال، ستراً وتوبة، وزهداً وشوقاً، ورضاً وحباً، تسقيني من حياضك، وتهملني في رياضك، ملازماً لأمرك، ومشغوفاً بقولك، ولما طر شاربي ولاح طائري فكيف أنصرف اليوم عنك كبيراً وقد أعتدت هذا منك صغيراً، فلي ما بقيت حولك دندنة، والضراعة إليك همهمة، لأني محب ول محب بحبيبة مشغوف، وعن غير حبيبة مصروف.

240- الإخلاص يميز العمل من العيوب كتمييز اللبن من الفرث والدم.

241- من استفتح باب المعاش بغير مفتاح الأقدار وكل إلى المخلوقين.

242- أيها المريدون طريق الآخرة والصدق، والطالبون أسباب العبادة والزهد، اعلموا أنه من لم يحسن عقله لم يحسن تعبد ربه، ومن لم يعرف آفة العمل لم يحسن أن يحترز منه، ومن لم تصح عنايته في طلب الشيء لم ينتفع به إذا وجده، واعلموا أنكم خلقتم لأمر عظيم، وخطر جسيم، وأن العلم لم يُرد ليُعلم إنما خلقتم لأمر عظيم، وخطر جسيم.

243- إن العلم لم يُرد ليُعلم إنما أريد ليُعلم ويُعمل به: لأن الثواب على العمل بالعمل يقع على العلم، ألا ترى أن العلم إذا لم يُعمل به عاد وبالاً وحجة وانظروا ألا تكونوا معشر المريدين ممن قد تركوا لذة الدنيا ونعيمها، ثم لا يصدق طلبكم الآخرة فلا دنيا ولا آخره، وفكروا فيما تطلبون فإن من لم يعرف خطر ما يطلب لم يسهل عليه الجهل في جنب طلبه

244- اعلموا أنه من لم يهن عليه الخلق لم يعظم عليه الرب، ومن لم يكن طلبه في طريق الرغبة والرهبة والشوق والمحبة كان متحركاً في طلبه مخلصاً في عمله لا يجد لذة العبادة ولا يقطع طريق الزهادة، فاتقوا الله الذي إليه معادكم، وانظروا ألا تكونوا ممن يعرفهم جيرانهم وإخوانهم بالخير والإرادة والزهادة والعبادة وحالكم عند الله على خلاف ذلك.فإن الله إنما يجزيكم على ما يعرف منكم لا على ما يعرفه الناس، ولا تكونوا ممن يولع بصلاح الظاهر الذي إنما هو للخلق ولا ثواب له بل عليه العقاب ويدع الباطن الذي هو لله وله الثواب ولا عقاب عليه.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply