بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ لقاءَ اللهِ - سبحانه وتعالى - ودُخولُ الجنةِ والفوزُ بنعيمِها، إِنَّمَا هُو مَقرونٌ بإِخلاصِ العَملِ للهِ وحدهِ، يَقولُ اللهُ - تعالى -: ((قُل إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثلُكُم يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُم إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشرِك بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً))[1]، ولا بُدَّ مِن معرفةِ العبدِ فِي هَذا اللِّقاءِ مَا يَحصلُ من عِقابٍ, وسعادةٍ, وشقاء، فإنَّ العبدَ متى استحضرَ ما أَعدَّ اللهُ للمتقينَ مِن جَناتٍ, وعيونٍ,، استحضرَ هَذه اللذةَ الطارئَةَ المُنقطعةَ الناشئةَ عَن ثناءِ الناسِ ومدحهم، واستشعرَ ما أُعدَّ للمُرائينِ من عذابٍ,، وفرَّ هَارباً إِلى اللهِ مُخبتاً مُنيباً، ولم يخش مِن النَّاسِ ودَّهم، فينبَغي لَه حِينئذٍ, أَن يَتذكرَ المَوتَ وقِصرَ الأَمل، وعَذابَ القَبرِ ونَعيمِه، ومَا أَعدَّ اللهُ للمتقينَ فِي الجَنةِ وللأَشقياءِ فِي النَّار، أَمَّا المَوتُ وقِصرُ الأَملِ فيقولُ اللهُ- تبارك وتعالى -: ((كُلٌّ نَفسٍ, ذَائِقَةُ المَوتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّونَ أُجُورَكُم يَومَ القِيَامَةِ فَمَن زُحزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدخِلَ الجَنَّةَ فَقَد فَازَ وَمَا الحَيَاةُ الدٌّنيَا إِلَّا مَتَاعُ الغُرُور)) [2]ِ،
ويَقولُ - سبحانه وتعالى -: ((وَمَا تَدرِي نَفسٌ مَاذَا تَكسِبُ غَداً وَمَا تَدرِي نَفسٌ بِأَيِّ أَرضٍ, تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير)) [3]، ويقولُ - عز وجل -: ((حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوتُ قَالَ رَبِّ ارجِعُونِ([4]، وقَالَ ابنُ عمرٍ,: أَخذَ رَسولُ اللهِ r بمَنكبي فَقالَ: ((كُن في الدٌّنيا كَأنكَ غَريبٌ أو عَابرُ سبيل، وكانَ ابنُ عمرٍ, يَقول: إِذَا أَمسيتَ اليومَ فلا تَنتظر الصَّباحَ وإِذا أَصبحتَ فلا تنتظر المَساء، وخُذ مِن صِحتكَ لِمَرضك، ومِن حَياتِك لمَوتك)).
فَعلينَا أَن نعلمَ أَننا لا نَعلم مَتى يَأتينَا الأَجل، فَكم مِن مُؤملٍ, أَن يَعيشَ سنين فَيبنِي ويَهدم، ويَسعى جَاهداً لجمعِ المَزيد، و لا يَعلم المِسكينُ أَنَّ اسمهُ قَد أُدرجَ ضِمنَ المَقبوضِينِ فِِي هَذا العام، وهَب أَنَّك عِشتَ يا عبد اللهِ، فَكم تَكون مدةُ عَيشك؟ ومَاذا بَعد ذلك؟ أَو ليسَ مصيركَ إِلى حَالةِ الاحتضارِ، حينَ يأتي ملكُ الموتِ ومعهُ المَلائكةُ الذينَ قالَ اللهُ - سبحانه وتعالى - عَنهم: ((حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ المَوتُ تَوَفَّتهُ رُسُلُنَا وَهُم لا يُفَرِّطُون)) [5]َ.
فهل يا تُرى يكونُ كفَنك وحَنوطُك من الجنةِ أم من غيرِها؟، أَتُرى يَكونُ المَلائكةُ الذينَ يَصعدونَ بروحكَ بيضُ الوجوهِ أم سودُها؟، أَتُرى تَخرجُ منك كأطيبِ ريحِ مسكٍ, وُجِدَت على وجهِ الأرضِ، أم كَأنتنِ ريحٍ, جِيفةٍ, وُجِدَت على وجهِ الأرض؟، أَتُرى يُنادونكَ بأحسنِ أَسمائكَ التِي تُحبٌّ أن تُسمى بِها فِي الدٌّنيا أَم بِأقبحِهَا.
----------------------------------------
[1] سورة الكهف آية رقم 110
[2] سورة آل عمران آية رقم 185
[3] سورة لقمان آية رقم 34
[4] سورة المؤمنون آية رقم 99
[5] سورة الأنعام آية رقم 61
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد