بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمد الشاكرين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..........
{وَالعَصرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسرٍ, إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوا بِالصَّبرِ} سورة العصر
الصبر خلق رفيع جليل،، به يأتي الفرج وينال المراد وهو خلق الأنبياء جميعا - عليهم السلام - والله - عز وجل - خاطب الرسول - صلى الله عليه وسلم - مرات كثيرا موصياً إياه بالصبر.......
فقال: {وَاصبِر وَمَا صَبرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحزَن عَلَيهِم وَلاَ تَكُ فِي ضَيقٍ, مِّمَّا يَمكُرُونَ}النحل127
\"واصبر -أيها الرسول- على ما أصابك مِن أذى في الله حتى يأتيك الفرج، وما صبرك إلا بالله، فهو الذي يعينك عليه ويثبتك، ولا تحزن على مَن خالفك ولم يستجب لدعوتك، ولا تغتم مِن مكرهم وكيدهم; فإن ذلك عائد عليهم بالشر والوبال.... \" **
وقال - عز وجل -: {فَاصبِر إِنَّ وَعدَ اللَّهِ حَقُّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعضَ الَّذِي نَعِدُهُم أَو نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَينَا يُرجَعُونَ}غافر77
\" فاصبر أيها الرسول، وامض في طريق الدعوة، إن وعد الله حق، وسيُنجِز لك ما وعدك، فإما نرينَّك في حياتك بعض الذي نعد هؤلاء المشركين من العذاب، أو نتوفينَّك قبل أن يحلَّ ذلك بهم، فإلينا مصيرهم يوم القيامة، وسنذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون. \" **
وقال عز من قائل: {فَاصبِر صَبراً جَمِيلاً}المعارج5
\" فاصبر -أيها الرسول- على استهزائهم واستعجالهم العذاب، صبرًا لا جزع فيه، ولا شكوى منه لغير الله.... \" **
وقال - سبحانه - موجها خطابه إلى المؤمنين: {يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللّهَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ}آل عمران200
\" يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه اصبروا على طاعة ربكم، وعلى ما ينزل بكم من ضر وبلاء، وصابروا أعداءكم حتى لا يكونوا أشد صبرًا منكم، وأقيموا على جهاد عدوي وعدوكم، وخافوا الله في جميع أحوالكم; رجاء أن تفوزوا برضاه في الدنيا والآخرة........ \" **
إذا فالصبر هو خلق مهم بالنسبة للداعية عليه أن يتحلى به فالدعوة إلى الله - عز وجل - بحاجة إلى هذا الخلق الرفيع ومخاطبة الناس بالحكمة والموعظة الحسنة والصبر على أذاهم وتحمل الاستخفاف مهم يقول - عليه السلام -: \" المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم \" رواه أحمد والترمذيٌّ وابن ماجه وإسناده حسن
وعلى الداعية أن يعلم أنه لا بقاء للحق إلا بالصبر إن النصر مع الصبر، وبالصبر يتوقع الفرج، ومن يدمن قرع باب يلج، والصبر ثوابه الجنة وكذلك عليه أن يعلم أن طريق الدعوة طريق شائك قد يقل فيه المناصرين والمستأنسين يقول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: \" لا تستوحشوا طريق الحق لقلة رواده \" طريق ذات شوكة بحاجة للصبر والمصابرة وخاصة إذا كانت دعوته صدعاً بوجه الكفر وأهله فلقد لاقى الصحابة الكرام ألواناً وأصنافا من العذاب في سبيل ترك دينهم الذي يعد إنقلابا على مفاهيم الجاهلية والكفر يومها وإلى يومنا هذا ولكنهم أبوا ذلك فتحمل الضرب والتعذيب والشتم وترك الديار والأهل وصبروا على دينهم وتواصوا بالصبر وتواصوا بالحق وما تركوه وما لان جانبهم وما استكانوا بل استمروا في نشر الدعوة والعمل على إخراج الناس من عبادة الأوثان إلى عباة الله الواحد الأحد وعملوا على إخراج الأمم من ظلم الأديان إلى عدل الإسلام ورحمته حتى كان لهم ما وعدهم به الله - عز وجل - من نصر وتمكين يقول رسولنا الكريم: \" واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا \"
وفي وصايا لقمان وهو يعظ ولده يقول - سبحانه -: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأمُر بِالمَعرُوفِ وَانهَ عَنِ المُنكَرِ وَاصبِر عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِن عَزمِ الأُمُورِ}لقمان17
فالدعوة إلى دين الله - عز وجل - مهمة عظيمة علينا أن نعطيها حقها من الصبر والثبات حتى تظهر نتائجها فليس من السهل إزاحة الركام الهائل من الجاهلية والعادات والتقاليد والأعراف بيوم وليلة أو بجهد يسير بل هو بحاجة إلى مجاهدة ومثابرة وصبر وعلى الداعية أن يتحلى بقدر كبير من الصبر والتحمل والاحتساب ليواجه ما يراه من استخفاف وازدراء ومحاربة لدعوته {وَلَا يَستَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ}
واعلم أنك إذا أُعطيت الصبر فإنك ذو حظ عظيم وعليك ما دمت تتدعو الناس إلى الخير وتأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر أن توطن نفسك على احتمال المكاره منهم، وتقبل الأذى من جهتهم فإنك إنما تأمرهم بترك أمر دأبوا على فعله واستكانت نفوسهم لفعله.
فالداعية الناجح هو من لا ييأس من الإصلاح إن كان صلاح المجتمعات أو صلاح النفوس واستجابة القلوب، فإن أخفق مرة فلابدَّ أن يفلح مرات، وإذا صبر فلابدَّ أن تفتَّح له أبواب القلوب الموصدة فالنصر صبر ساعة فلقد كتب الله العاقبة للمتقين والنصر لدعاة الحق ولكن هذا النصر لا يتحقق إلا بعد أمد ولا تشرق الشمس إلا بعد ليل طويل حالك مليء بالمتاعب والفتن والابتلاءات تزيغ القلوب وتحير العقول.
{أَم حَسِبتُم أَن تَدخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوا مِن قَبلِكُم مَّسَّتهُمُ البَأسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصرَ اللّهِ قَرِيبٌ}البقرة214
\" بل أظننتم - أيها المؤمنون - أن تدخلوا الجنة، ولمَّا يصبكم من الابتلاء مثل ما أصاب المؤمنين الذين مضوا من قبلكم: من الفقر والأمراض والخوف والرعب، وزُلزلوا بأنواع المخاوف، حتى قال رسولهم والمؤمنون معه -على سبيل الاستعجال للنصر من الله تعالى-: متى نصر الله؟ ألا إن نصر الله قريب من المؤمنين. \" **
يقولون متى نصر الله استعجالا للفرج والغوث,
{حَتَّى إِذَا استَيأَسَ الرٌّسُلُ وَظَنٌّوا أَنَّهُم قَد كُذِبُوا جَاءهُم نَصرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدٌّ بَأسُنَا عَنِ القَومِ المُجرِمِينَ} يوسف110
\" ولا تستعجل -أيها الرسول- النصر على مكذبيك، فإن الرسل قبلك ما كان يأتيهم النصر عاجلا لحكمة نعلمها، حتى إذا يئس الرسل من قومهم، وأيقنوا أن قومهم قد كذبوهم ولا أمل في إيمانهم، جاءهم نصرنا عند شدة الكرب، فننجي من نشاء من الرسل وأتباعهم، ولا يُرَدٌّ عذابنا عمَّن أجرم وتجرَّأ على الله. وفي هذا تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم -. \" **
ولقد ورد في صحيح البخاري عن خباب بن الأرت - رضي الله عنه - قال: شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متوسد بردة في ظل الكعبة فقلنا: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟ فقال: قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين، أو يمشط بأمشاط الحديد مادون لحمه وعظمه ما يصده ذلك عن دينه،، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون\" .
فلنصبر على الدعوة لدين الله - عز وجل -....... ولنتقدي برسل الله - عليهم السلام - أجمعين
{يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللّهَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ}آل عمران200
\" يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه اصبروا على طاعة ربكم، وعلى ما ينزل بكم من ضر وبلاء، وصابروا أعداءكم حتى لا يكونوا أشد صبرًا منكم، وأقيموا على جهاد عدوي وعدوكم، وخافوا الله في جميع أحوالكم; رجاء أن تفوزوا برضاه في الدنيا والآخرة. \" **
{لَتُبلَوُنَّ فِي أَموَالِكُم وَأَنفُسِكُم وَلَتَسمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبلِكُم وَمِنَ الَّذِينَ أَشرَكُوا أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِن عَزمِ الأُمُورِ}آل عمران186
وفقنا الله وإياكم إلى ما فيه خير للإسلام والمسلمين
--------------
** التفسير الميسر
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد