ثمار العبودية


بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:

 

أيها الأحبة في هذه الأسطر نتحدث عن ثمار العبودية، نتحدث معكم عن فوائد العبادة عموماً ويدخل فيها فوائد الصيام خصوصاً وذلك لأن العبادة فيها عزة الإنسان وفيها فلاحه، وفيها قربة من الله - تعالى -، وفيها تحقيق الغاية من وجوده قال الله - تعالى -: {وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعبُدُونِ} [(56) سورة الذاريات]º فللعبادة ثمار وفوائد ومكاسب في الدنيا والآخرة في النفس والمجتمع فلنتأمل معاً ثمار العبودية وفوائدها لنحققها بشروطها وهي أن تكون خالصة وأن تكون موافقة لشرع الله.

 

أول شيء من ثمار العبادة: أن الإنسان ينجح إذا حقق العبادة ينجح في تحقيق الغاية من وجوده فيأتي إلى الدنيا ويخرج منها وقد عرف مهمته في الحياة فيخرج منها وقد أدى الفرض قدر المستطاع وحسب القدرة والتوفيق من الله - تعالى -قال - تعالى -: {وَاعبُد رَبَّكَ حَتَّى يَأتِيَكَ اليَقِينُ} [(99) سورة الحجر].

 

وقال - تعالى -: {وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعبُدُونِ} [(56) سورة الذاريات] فالذي لا يعبد الله - تعالى -يعيش بلا هدف {أَفَمَن يَمشِي مُكِبًّا عَلَى وَجهِهِ أَهدَى أَمَّن يَمشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ, مٌّستَقِيمٍ,} [(22) سورة الملك].

 

يعرف البداية ويعرف النهاية ويعرف الطريق ويعرف ما تحتاجه الطريق.

 

ومن ثمار العبادة وفوائدها: الانسجام مع بقية المخلوقات {وَلِلّهِ يَسجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ طَوعًا وَكَرهًا وَظِلالُهُم بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ} [(15) سورة الرعد].

 

{أَلَم تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرضِ وَالشَّمسُ وَالقَمَرُ وَالنٌّجُومُ وَالجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابٌّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيهِ العَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مٌّكرِمٍ, إِنَّ اللَّهَ يَفعَلُ مَا يَشَاء} [(18) سورة الحـج].

 

فكل ذلك طائع لله - تعالى -: {ثُمَّ استَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرضِ اِئتِيَا طَوعًا أَو كَرهًا قَالَتَا أَتَينَا طَائِعِينَ} [(11) سورة فصلت] فيحقق الانسجام مع بقية المخلوقات فيطيع الله ويسجد له وهو الخضوع والانقياد ويمشي مع بقية أجزاء الكون في تناسب وفي انتظام وانسجام وإلا فإنه إذا أعرض عن ذكر الله وأعرض عن العبودية لله فإنه يعيش في حالة انفصام مع كل شيء، وإذا مات استراح منه العباد والبلاد والشجر والدواب ويلعنه من في السموات ومن في الأرض، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \"أما المنافق فيستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب\".

 

ومن ثمار العبودية لله - تعالى -: إظهار سر قوله - تعالى -: {إِنِّي أَعلَمُ مَا لاَ تَعلَمُونَ} [(30) سورة البقرة].

 

ومن ثمار العبادة: إرغام الشيطان.

 

ومن ثمار العبادة: النجاح في الابتلاء {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ, قَدِيرٌ، الَّذِي خَلَقَ المَوتَ وَالحَيَاةَ لِيَبلُوَكُم أَيٌّكُم أَحسَنُ عَمَلًا وَهُوَ العَزِيزُ الغَفُورُ} [1-2 سورة الملك] أخلصه وأصوبه.

 

{وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ, وَكَانَ عَرشُهُ عَلَى المَاء لِيَبلُوَكُم أَيٌّكُم أَحسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلتَ إِنَّكُم مَّبعُوثُونَ مِن بَعدِ المَوتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِن هَذَا إِلاَّ سِحرٌ مٌّبِينٌ} [(7) سورة هود].

 

{كُلٌّ نَفسٍ, ذَائِقَةُ المَوتِ وَنَبلُوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينَا تُرجَعُونَ} [(35) سورة الأنبياء] أي اختبار وامتحان فينجح المؤمن العابد في الابتلاء ويحقق العبودية لله - تعالى -.

 

ومن ثمار العبودية: أنها طريق الولاية لله - تعالى -.

 

ومن ثمار العبودية: أنها طريق المحبة لله - تعالى -.

 

فليست المحبة بالادعاء ولقد ادعى اليهود والنصارى أنهم أحباب الله وأولياؤه فكذبهم الله - تعالى -: {وَقَالَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحنُ أَبنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُل فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَل أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّن خَلَقَ يَغفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلّهِ مُلكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَمَا بَينَهُمَا وَإِلَيهِ المَصِيرُ} [(18) سورة المائدة] لماذا؟ لو كنتم أحبابه وأولياؤه هل يعذب الحبيب حبيبه هل جرت العادة بذلك إنما تجري العادة أن الحبيب يكرم حبيبه ولا يعذبه ولا يهينه فلماذا يعذبكم ويهينكم إنما ذلك بسبب ذنوبكم ومعاصيكم قال - تعالى -: {قُل إِن كُنتُم تُحِبٌّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحبِبكُمُ اللّهُ وَيَغفِر لَكُم ذُنُوبَكُم وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [(31) سورة آل عمران].

 

فطريق الولاية وطريق المحبة هي العبودية لله - تعالى -ولهذا قالوا يا رسول الله: \"من أكرم الناس؟ قال أتقاهم قالوا ليس عن هذا نسألك قال فيوسف نبي الله إن نبي الله بن نبي الله بن خليل الله قالوا ليس عن هذا نسألك قال عن معادن العرب تسألوني خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا.

 

ومن ثمار العبودية أنها طريق المعية فالله مع عباده بالحفظ والقرب والذكر \"أنا مع عبدي إذا ذكرني، أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني {فَاذكُرُونِي أَذكُركُم وَاشكُرُوا لِي وَلاَ تَكفُرُونِ} [(152) سورة البقرة] وقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَليَستَجِيبُوا لِي وَليُؤمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرشُدُونَ} [(186) سورة البقرة].

 

كما أن العبودية هي طريق النصر فإننا لن ننتصر على أنفسنا وعلى عدونا إبليس ولا على أعدائنا الكفار ولا على مغريات الحياة الدنيا لا ننتصر على ذلك إلا بتحقيق العبودية لله فالعبودية هي طريق النصر ولهذا قال - تعالى -: {وَلَقَد سَبَقَت كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرسَلِينَ، إِنَّهُم لَهُمُ المَنصُورُونَ، وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغَالِبُونَ} [171-172-173 سورة الصافات].

 

كما أن العبودية هي سبب الثبات في الفتن والمحن قال الله - تعالى -: {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَولِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدٌّنيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلٌّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء} [(27) سورة إبراهيم].

 

وقال - تعالى -: {وَلَو أَنَّهُم فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيرًا لَّهُم وَأَشَدَّ تَثبِيتًا} [(66) سورة النساء] وقال - عليه الصلاة والسلام -: \"العبادة في الهرج كهجرة إلي\". فكما أن الهجرة كانت في الزمن الأول زمن الفتنة والمحنة كانت سبب للخروج من المحنة ولاضطهاده فكذلك العبودية لله - تعالى -سبب للثبات في الفتن والمحن.

 

كما أن في العبودية صيانة العرض وحفظ الجاه فإن العاصي يعرض نفسه لعذاب الدنيا وخزي الآخرة فالعاصي بالزنا مثلاً يعرض نفسه للسمعة السيئة والإثم القبيح إنه زاني وبالجلد وبالفضيحة، ويعرض نفسه لأنواع السمعة السيئة والابتذال والإهانة عند الناس وكذلك قل في شارب الخمر والقاذف والكذاب وغير ذلك من أنواع المعاصي التي تهين العبد وتذله وتجعله لا مكانة له في المجتمع ففي الطاعة صيانة العرض فلا يزال الناس يكنون الاحترام والتقدير لأهل الطاعة ويجعلون لهم مكانة في قلوبهم وأما المعصية فإنها ذل إهانة للإنسان قال - تعالى -: \"وقد خاب من دساها\" أي دنسها بالمعاصي ففي العبودية صيانة العرض وحفظ الجاه.

 

كما أن في العبودية صلاح السلوك والأخلاق وحسن الصيت ول

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply

التعليقات ( 1 )

شكرا !!!!

-

حسام هنهن

22:18:41 2019-10-14

اشكركم على هذه المعلومات المفيدة جدا