التنور


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 رأيت أن المحسد من الناس هو صاحب النعمة.

وكل صاحب نعمة محسود

 

أن يحسدوني فإني غير لائمهم *** قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا

فدام لي ولهم ما بي وما بهم *** ومات أكثرنا غيظا بما يجد

 

والحاسد كائن يرى أنه نشاز في هذا الكون..، وأن كل شي ضد مواهبه، هذا هو عذره بيد أنه يبرر ضعفه وعجزه وخوره..، وأكثر ما يشعل تنور الغضب في قلبه عجزه عن تحقيق ما حققه المحسود.

ولو لم يكن من خطر هذه الآفة إلا أنها كانت أول ذنب على ظهر الأرض لكفى بها مذمة لصاحبها.

يقول معاوية راضي الله عنه: وليس في خصال الشر اعدل من الحسد.

فالحاسد لا يغتم إلا وقت سرورك، ولا يضيق صدره ولا ينطلق لسانه الا وقت نجاحه..

 

وشكوت من ظلم الوشاة ولن تجد *** ذا سؤدد إلا إذا أصيب بحسد

لا زلت يا سبط الكرام محسداً *** والتافه المسكين غير محسد

 

الغيظ ذاد الحاسد..

وعدم الرضى شرابه

ومقيلة تحت دوحة القلق المخيفة...

وحياته جافة جفاف قلبه من محبة الآخرين أطفأ بغيضه وغيرته المذمومة نور \" لا تحاسدوا \"

واذكي بتصرفاته نار البغضاء، فخسر أولا، وآخراً..

ومع هذا لو عرف المحسود ما لحاسده له عليه من يد، ومعروف لقبل بين عينيه، وجعله له من الأصفياء وقربه إليه تقريبا..

 

عداتي لهم فضل علي ومنة *** فلا اذهب الرحمن عني الاعاديا

هموا بحثوا عن زلتي فاجتنبها *** وقد نافسوني فارتقيت المعاليا

 

بل قد لا تشعر بالنعمة أحيانا ولا بالفضل والمنحة أزمانا..

حتى يقيض الله لك حاسدا عليها وأنت لا تشعر فيستيقظ منك قلب غافل

وطرف حائر، فتري هذه النعم العظيمة من حولك، وأنت لا تشعر.. وهذه حسنة من حسنات الحاسد وهو لا يشعر والا حسدك عليها أيضا..

وان تعجب من احد فعجب حال الحاسد..

اقل من محسودة نوما..

وأكثر منه هما وغما...

قلبه يحترق، وشرايينه تضطرب..

مادام يحمل دائه الذي أشقاه..

تضج الأمة كلما رأى صاحب نعمة.. وينقض مضجعه كلما سمع صوت نجاح وهو يهوي تحت وطئت حسده، والمحسود يصعد الجوزاء بإبداعه ونجاحه وعمله.

إن عيش المحسود لن يهنئا أبدا حتى يعلم أن بضاعته دارت في سوق الحاسدين، وأنها استحقت مدح المادحين، حينها، وحينها فقط يدرك سر حسد المحسود..

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply