عنها .. جئت أبحث !!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

جئته شيخًا كبيرًا قد ألقى الله عليه حلل المهابة، وزيّنه بالعلم، وأحاطه الناس بمحبة وإجلال.

لا أدري كيف ارتميت بين يديه! زاد قلبي في الخفقان، بدأت أنفاسي تتسابق..

لم يتفاجأ.. لم يتردد أن يسألني:

ما شأنك؟

فقلت له: جئتك باحثًا عن السعادة.

فقال: وما صنعت لها؟

فقلت: تعلمت العلم، وارتقيت به أعلى المناصب والدرجات، وخضت غمار التجارة، ففُتح عليّ بالأموال، فجمعتها، وأنفقتها فيما أستلذ وأشتهي، وتنقلت في البلدانº فرأيت الحضارات العظيمة، والصور الجميلة، والمناظر الخلابة...

فقاطعني بقوله: ثم ماذا بعد.. !؟

فقلت: تزوجت أجمل النساء، ورزقت بالأولاد، وسكنت أبهى القصور، وزينتها بالحدائق، وأقمت عليها الخدم، لا أعرف المرض ولا المرض يعرفني..

فقال لي: وما حالك اليوم؟

فقلت له: أستمتع بهذا كله.

فقال: وماذا تريد بعد هذا؟

فقلت: أريد السعادة؟

فذرفت عيناه، ثم قرأ قوله - سبحانه -: {فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُم مِنِّي هُدًى فَمَن اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلٌّ وَلَا يَشقَى}.

فقلت: هذه التي أريد..!

ثم استرسل ينشج في بكائه فقرأ قوله - تعالى -: {وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيَامَةِ أَعمَى}.

فصرخت قائلاً: منها فررت..منها فررت...

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply