بسم الله الرحمن الرحيم
لما شاء الله لآدم أبي البشر - عليه السلام - أن يهبط إلى الأرض، لتكون مستقراً له ولذريته ومتاعاً إلى حين، إثر المخالفة التي زينها له الشيطان.. حينما أكل من الشجرة التي نهاه الله عنها في الجنة، وضع الله قانوناً لعباده، فأهل الخير يختارون فعل الخير والطاعة، وأهل الشر يختارون فعل الشر والمعصية،
وترتب على ذلك وجود الجنة والنار، الجنة لمن أطاع الله، والنار لمن عصاه. وتبعاً لذلك فإن أصحاب الجنة لهم مواصفات خاصة، وكذلك أهل النار.
روى مسلم في صحيحه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: \"أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال، وأهل النار خمسة: الضعيف الذي لا زبر له، الذين هم فيكم تبع لا يبتغون أهلاً ولا مالاً، والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه، ورجل لا يصبح ولا يمسي، إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك\"، وذكر البخل والكذب، والشنطير الفحاش.
والمقسط هو العادل، والذي لا زبر له: أي لا عقل له يمنعه مما لا ينبغي، لا يبتغون،أي لا يطلبون ولا يرغبون، لا يخفى، أي لا يظهر، والشنظير، الفحاش سيئ الخلق.
هذه صفات أهل الجنة وصفات أهل النار، وهذه النماذج موجودة في حياتنا المعاصرة،
وقد وجدت في الماضي، وستستمر إلى ما شاء الله..
* فالرجل الرحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، والعفيف المتعفف ذو العيال، هذان الصنفان اللذان يدخلان في أهل الجنة لا تخلو المجتمعات المسلمة منهما، إلا أنهما يعيشان في الخفاء، فلا يعلم بهما إلا القلة الملتصقة بهما بحكم الجوار أو القرابة، ويجهلهما كثير من الناس.
* أما أهل النار فذكر الحديث منهم: الضعيف الذي لا زبر له، أي لا يتورع عن الانزلاق والسقوط الأخلاقي، ويحب أن يكون دائماً عالة على غيره في مأكله مشربه، وفي كل شيء، فلا يهمه إلا اتباع شهوته وإشباعها، فهو كالحيوان بل أضل!
- أما الصنف الثاني فهو: الخائن الذي لا يخفى له طمع، وإن دق، إلا خانه!!
ديدنه الخيانة، صغرت أم كبرت، دقت أم جلت، خفيت أم ظهرت، فهو في تصوره ومفهومه وحساباته لا يستطيع أن يعيش إلا بهذه الطريقة التي تجري في عروقه مجرى الدم.
ففي ظنه أنه لو ترك ذلك السلوك المشين لمات وانتهى، كالجُعل عندما يستنشق هواءً نقياً صدفة فإنه يموت من توه في مكانه.
- أما الصنف الثالث من أهل النار فهو الرجل الذي لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك! يتظاهر لك بالصداقة والإخلاص والنصح والأخوة، وهو يضمر في نفسه الخيانة والمخادعة، فهو يخطط للتطاول على عرضك وشرفك ومالك، يبدو كالحمل الوديع، وملمسه ناعم كالثعبان، ولكنه يترقب الفرصة المواتية للانقضاض عليك وأنت لا تشعر، فيجب عليك أن تكون دائماً في حذر من هؤلاء.
- أما الصنف الرابع من أهل النار فهم أهل البخل والكذب، وهذه الصفات من أشنع صفات المنافقين، فالبخل رذيلة والكذب رذيلة، وهما من أخلاق ضعاف الإيمان الذين ترتعد فرائصهم لأدنى هزة أو صوت!! [يحسبون كل صيحة عليهم] (المنافقون:4)، لا يثقون بالله ولا بوعوده بالرزق والخير والأمان، فتراهم يعددون أموالهم ويكنزونها ويخبؤونها، محرومون منها، وتراهم عالة على الغير، وقد استمرؤوا الكذب وقول الزور، فلا أحد يصدقهم أو يثق بهم، ويكونون دائماً مثار سخرية وتهكم من الغير، لأنهم سقطوا من أعين الناس، فأذلهم الله وألبسهم ما كانوا يعتقدون ويضمرون من سوء الفعل والعمل.
- والصنف الخامس والأخير من أهل النار، هو\"الشنظير\"، وهو الفحاش السيئ الخلق الذي لا يقول خيراً، بل يسب ويلعن ويقذف البريء والمحصن ولا يقول إلا باطلاً، ملك الشيطان لسانه وعشش في عقله، يسيّره كما شاء، فتنفر منه الخلق وتلعنه في سريرتها، وتتعوذ بالله من شره، يعشق الجدل والمراء وقول الفحش وشهادة الزور والبهتان، وهو الخصم الألد اللجوج الذي لا يقنعه رأي أو صلح أو منطق!
وسواء ظهر الحق أو خفي فإنه مستمر في لجاجته وعدوانيته وخصومته ويشغل السلطات والمحاكم بالدعاوى الكيدية واستئجار شاهدي الزور، مع أنه في الأصل شاهد زور من الدرجة الأولى!
ولا تخلو المجتمعات من أمثال هؤلاء، فتلك سنة الله [ولن تجد لسنة الله تبديلا] (الفتح: 23).
فإن كنت من أحد الأصناف الخمسة وإني أربأ بك عن هذا وما دمت في زمن المهلة والفسحة وإمكانية التوبة والندم والاستغفار والإعتذار إلى الله، فاغتنم ما بقي من حياتك وتصالح مع الله، وتب إليه وانطرح بين يديه بالدعاء في وقت السحر وأوقات الإجابة، فإذا علم صدقك وعزمك على التوبة تاب عليك وقبلك، فتحظى بحسن الخاتمة، إن شاء الله.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد
التعليقات ( 2 )
اغتنم ما بقي
-Dr. Saad Elgazar
22:53:13 2021-08-25
ادع لي
15:13:35 2021-01-11