بسم الله الرحمن الرحيم
يلاحظ أن مجموعة من الكتاب في الصحف، والمتحدثين في الفضائيات ووسائل الإعلام يدعون إلى الفسق والفجور ويشككون في الدين والقيم والأخلاق ويروجون للفساد والزندقة ويدعون إلى عدم التقيد بثوابت الدين والنصوص الشرعية حتى لو كانت صحيحة الورود صريحة الدلالة، إن هؤلاء وأمثالهم في سابق الزمان ولاحقه ينطبق عليهم ما جاء في كتاب الله العزيز: \"المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون (67) وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم (68) كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون (69)\" (التوبة).
فمن الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف دعوة النساء إلى التبرج وترك الحجاب، وقد صدقت الكاتبة أم أنس التي علقت في كتيب لها على قصص تتعلق بالمرأة والأزياء، عندما نصحت أختها قائلة:\"احذري دعاة السوء وأدعياء التقدم الذين يجلبون بخيلهم ورجلهم على إفساد المرأة وإخراجها من الصون والعفاف إلى العري والإسفاف مستخدمين مختلف الوسائل وشتى الطرق\"، ولا شك أن من دعاة السوء أولئك الذين يستغلون بعض الفتاوى المبنية على اجتهاد خاطئ من بعض الفقهاء المتقدمين، مثل تلك الفتوى التي تقول بجواز النظر إلى المرأة الأجنبية وعورتها من المرآة أو في الماء.
إن بعض الناس يتجاهل النصوص الصريحة من الكتاب والسنة مثل أولئك الذين يشتمون أصحاب رسول الله ص مع أن السب والشتم محرم في حق كل الناس، فما بالك بأصحاب رسول الله، يذكرنا هذا بموقف الشيخ عبد الرحمن بن أبي ليلى مع الحجاج بن يوسف عندما دخل إلى مجلسه فقال الحجاج يا قوم إذا أردتم رجلاً يشتم عثمان بن عفان فها هو ذا عبد الرحمن بن أبي ليلى، فاستاء الشيخ وكان معروفاً بأنه يصدع بالحق ولا يهاب فيه أحداً، فصاح بأعلى صوته متحدياً الحجاج قائلاً: والله يا حجاج، لا أشتمه أبداً، فبهت الحجاج، وقال: ما يمنعك ألا تشتم عثمان قال: يمنعني من ذلك آيات ثلاث من كتاب الله، قال الحجاج: ما هذه الآيات؟ فقال:
الأولى: قوله - تعالى -:\" للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون (8)\" (الحشر)، وقد كان عثمان من هؤلاء يا حجاج.
أما الثانية: فقوله - تعالى -: \"والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على\"أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون (9)\" (الحشر)، وقد كان عثمان من هؤلاء يا حجاج.
وأما الثالثة: فقوله - تعالى -: \"والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم 10 \"(الحشر)، وقد كان عثمان من هؤلاء يا حجاج.. لا أشتمه أبداً.
وخرج الشيخ من مجلس الحجاج والحجاج لا يفتأ يتمتم وقد أذهلته قوة الحق عن جبروته: صدق ابن أبي ليلى، صدق ابن أبي ليلى.
ومما يستغرب في هذا الزمان أنه ظهرت مجموعة تدعي الغيرة على الدين والتمسك بسيرة السلف فيتطرفون ويخرجون عن أحكام الشرع بقتل الأبرياء وتشويه أحكام الإسلام في قتال الأعداء، ويدعون نسخ الآيات التي فيها الأمر بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن القتال لا يكون إلا ضد المعتدين، فرفضوا ذلك بحجة النسخ بآية السيف مع أن هذه الآية نزلت في قتال المعتدين كما هو واضح في الكتاب والسنة، وواضح أيضاً أن الله حرم العدوان على الذين لا يقاتلون المسلمين ولا يحتلون بلادهم، قال - تعالى -: \"ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين 190\" (البقرة).
ما أتى الدين نقمة وهلاكاً
بل حياة ورحمة للعباد
ودين الإسلام بحمد الله هو دين الوسطية والاعتدال \"وكذلك جعلناكم أمة وسطا\" (البقرة:143)، \"وما جعل عليكم في الدين من حرج\" (الحج:78)،\" ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا 29 \"(الإسراء)، ولا تفريط ولا إفراط في دين الإسلام.
فالواجب في هذا العصر أن يتوجه العرب والمسلمون لتحرير فلسطين من المعتدين الصهاينة فإذا توحدت كلمة العرب والمسلمين من أجل ذلك، فلن تستطيع أمريكا ولا الدول الأوروبية أن تمنعهم من حقهم في تحرير بلادهم والدفاع عن أنفسهم وإقامة دولة فلسطين على أرض فلسطين، المهم لاتحاد والتضامن والاعتصام بحبل الله وعدم التفرق، قال - تعالى -: \"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على\"شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون 103 ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون 104 ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم 105\" (آل عمران).
فالذين يفرقون كلمة العرب والمسلمين بأفكارهم المنحرفة ودعوتهم إلى الفساد ونشره في المجتمعات الإسلامية والذين يشوهون الإسلام ويعتدون على الأبرياء والنساء والأطفال والذين يسبون الصحابة ويشتمونهم كل أولئك إنما يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، أما الذين يدعون إلى وحدة المسلمين وإلى تطهير مجتمعاتهم من الفساد وإلى التمسك بمبادئ الإسلام واتباع سنة السلف الصالح من الصحابة والتابعين، فهؤلاء يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وهذه صفة المؤمنين قال - تعالى -: \"والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم 71 \"(التوبة)، وقال - تعالى -: \"كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون 110\" (آل عمران).
نسأل الله أن يجعلنا من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ولا يجعلنا من الآمرين بالمنكر والناهين عن المعروف.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد