الإخلاص


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الإخلاص هو أصل العمل، وبه يُقبل ويتحقق الثواب، فإن حقيقة العبادة أنها سر يتعلق بالقلب، وينبع من الروح، وليست شكلاً يتعلق بالمظهر، قال - تعالى - (وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعبُدُوا اللَّهَ مُخلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء) وقال: (إِنَّا أَنزَلنَا إِلَيكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ فَاعبُدِ اللَّهَ مُخلِصًا لَّهُ الدِّينَ) وقال - جل شأنه -: (قُل إِنِّي أُمِرتُ أَن أَعبُدَ اللَّهَ مُخلِصًا لَّهُ الدِّينَ) وقال: (قُل إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ العَالَمِينَ* لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسلِمِينَ).

 

وقال - صلى الله عليه وسلم -: \"إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه\"، وعن أبي موسى قال: \"جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: \"يا رسول الله، أرأيت الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال: \"من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله\". وأخبرنا -صلى الله عليه وسلم- عن أن الإخلاص يأتي بالأجر، حتى وإن لم يقوموا بالعمل، فقال: \"لقد خلّفتم بالمدينة رجالاً ما قطعتم واديًا، ولا سلكتم طريقًا إلا شَرَكُوكم في الأجر… حبسهم المرض\".

 

وكان بعض الصالحين يقول: \"دلّوني على عمل لا أزال به عاملاً لله - تعالى - فقيل له: انوِ الخير، فإنك لا تزال عاملاً وإن لم تعمل\".

فالنية تعمل وإن عدم العمل، فإنه من نوى أن يصلي بالليل فنام كتب له ثواب ما نوى أن يفعله.

وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: \"أفضل الأعمال أداء ما افترض الله - تعالى - والورع عما حرّم الله - تعالى -، وصدق النية فيما عند الله - تعالى -\".

وقد عرَف السلف الصالح قيمة النية وصعوبة تحقيقها، فقد قيل لسهل: أي شيء شر على النفس؟ قال: الإخلاصº إذ ليس لها فيه نصيب، وقال أبو سليمان: طوبى لمن صحّت له خطوة واحدة لا يريد بها إلا الله - تعالى -\".

ونبّه ابن المبارك - رحمه الله - إلى أن العمل بغير إخلاص لا فائدة منهº إذ ليس فيه ثواب، فقال: قل لمن لم يخلص…: لا تتعب.

وذهب ابن الجوزي - رحمه الله - إلى أبعد من ذلك، فأوضح أن من لم يخلص لن يكمل الطريق إلى ربه - سبحانه و تعالى - فقال: إنما يتعثر من لم يخلص.

فالعمل بغير نية عناء، والنية بغير إخلاص رياء، والإخلاص من غير تحقيق هباء، قال - تعالى -: (وَقَدِمنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِن عَمَلٍ, فَجَعَلنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا).

وليت شعري.. كيف يصلح عمل بغير نية؟ ولماذا يتعب المرء نفسه في مشقة ليس له فيها إلا الجهد والتعب؟ فلنراجع أعمالنا، ولنصحح نياتنا، ولنتذكر دائمًا..

\"قل لمن لم يخلص …: لا تتعب\".

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply