بسم الله الرحمن الرحيم
إنني أتعاطى الهيروين المخدر.. لكني لا أحب أن أفصح عن سبب وقوعي في الإدمان، لأنني كلما تذكرت ذلك السبب شعرت بألم وحــزن شـــديد لا يعلمه إلا الله.. ومع هذا سأحدثك عن نفسي:
عشتُ أيام طفولتي بكل حنان وبراءة بين والديّ وإخوتي، حتى بلغت سن الخامسة عشرة وكنت وقتها أدرس في المرحلة المتوسطة.
وفي يوم من الأيام دخلت غرفة والدي، فوجدته على غير الحال الذي كنت أراه فيها.
كان بيده مسحوق يضعه على ورقة قصدير ويقوم باستنشاقه، ثم يقوم بحركات غريبة لم تقع عيني على مثلها.
لم أكن أعلم حقيقة ما يجري.. إذ لم أرَ هذا المسحوق الساحق في حياتي.. بل لم أكن أعلم عن المخدرات شيئاً.. وقبل هذا كله وفوق كل اعتبار فأنا أريد أن أكون رجلاً مثل أبي في كل شيء.. لأنه (كما أظن) أبي.
تقدمت إليه.. وبدافع بريء من حب الاستطلاع والتقليد طلبت منه أن أشاركه، لكنه انتهرني وطردني من الغرفة بعد أن هددني بالضرب.. خرجت من الغرفة لكن هذا المشهد لم يفارق مخيلتي أبداً.
مرت الأيام.. دخلت على أبي مرة أخرى، وهو على حال شبيهة بالحال التي رأيته فيها في المرة الأولى.
ومن جديد.. ثارت في نفسي شهوة التقليد.. حتى طغت على ما تقدم من التهديد.
لم أفقد الأمل.. كررت طلبي من والدي أن يشركني معه.. ووسط إلحاح مستمر وإصرار شديد قدم إلي شيئــاً من المسحـــوق.. لكنه اشترط علي - لأنه بالطبع والدي المشفق الحريص على مصلحتي - أن لا أقوم بتعاطيه.........
وليته توقف عند هذه الكلمة فتهون المصيبة.. لكنه - ويا للأسف - اشترط علي ألا أقوم بتعاطيه أمامه بل في الغرفة الأخرى!!!
ذهبت إلى الغرفة الأخرى.. استنشقت المسحوق.. أصبت بصدمة كبيرة حتى ضاقت عليّ نفسي، ودخلت من حينها عالم الوهم والإدمان.
ولم أزل في دوامة الإدمان حتى فشا أمري إلى أحد أفراد الأسرة الغيورين.. حضر إلي، وقام جزاه الله عني خيراً بنصحي وإرشادي.. ثم عرض علي العلاج بمستشفى الأمل واتصل بالمسئولين فهبوا لإنقاذي من الهاوية التي وقعت فيها.
هاأنذا أتنفس الصعداء بعد أيام عصيبة عشت فيها صراعاً مريراً كان المجرم فيه نفسي الأمارة بالسوء، وكانت الضحية فيه أنا. ولقد كادت الأولى (نفسي) أن تقضي على الأخرى (أنا) لولا لطف الله - تعالى -.
إنني أداري نفسي.. فلعلها تسلو بيومي عن أمسي.. لكن بقي من الأمس ما لا يمكن أن أنساه أبداً.. وهو: أن أكـــون أنا الضحية، والجاني هو أبي؟
إنه جرح غائر في القلب.. فأنى لجرح القلب أن يلتئم.
وظلم ذوي القربـى أشدّ مضاضةً على النفس من وقع الحسام المهنّد
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد