هل يوجد في الدنيا مثله


بسم الله الرحمن الرحيم 

قال الدكتور محمد البار في كتابه (عمل المرأة في الميزان):

كنت أعجب من أحد الشيوخ المرضى الذين كنت أقوم بعلاجهم في أحد المستشفيات، التي كنت أعمل بها في أحد ضواحي لندن، كان الرجل لا يمل من الكلام عن ابنه البار، الذي لم يعد له نظير في العالم اليوم!!

وانتظرت أن أرى ابنه فلم أره، فسألت الرجل: أين ابنك هذا الذي حدثتني عنه، لم أره يزورك؟

هل هو مسافر؟ فأجاب الرجل: لا إنه موجود، ولكنه لا يأتي لزيارتي إلا يوم الأحد،

فقد عودني ذلك منذ سنين … وترقرقت عينا الرجل … فسألته هل ينفق عليك؟

ولم يبد على الرجل أنه فهم السؤال، فأعدت عليه السؤال، فقال: لا أحد ينفق على أحد في هذه البلاد …

إنني أستلم كذا من الجنيهات من الضمان الاجتماعي، وهي لا تكاد تكفيني للقوت، وللتدفئة، ولكن هل

هناك أحد في الدنيا مثل ولدي، الذي يزورني كل يوم أحد منذ سنوات؟! انتهى.

 

هذه القصة تحمل في طياتها كثيراً من العبر:

فمنها: ما وصل إليه المجتمع الغربي من تفكك أسري، يجعل الولد لا يزور والده العاجز المريض،

ولا يسأل عنه، ولا يرى أن لوالده حقوقاً يقوم بها، مهما كانت ضرورية، وإن كانت من مقومات الحياة، لذلك كان هذا العجوز يرى أن ابنه بار به، مع أنَّه لا يزوره إلا مرة واحدة في نهاية الأسبوع.

 

ومنها: أنَّ هذا الوضع يعد فريداً من نوعه عندهم، لذلك كان العجوز معجباً بولده، لأنَّ غيره لا يزور والده أصلاً.

 

ومنها: انتشار دور العجزة، وامتلائها بالآباء والأمهات، مع أنَّ أبناءهم موجودون، ولديهم القدرة على إيوائهم.

 

ومنها: تخلي الأبناء عن آبائهم، فلا ينفق الولد على الوالد، مهما كان الولد غنياً، ولو تكرم عليه بالإقامة عنده فلا يأذن له بذلك إلا إذا التزم الوالد بدفع أجرة سكناه، أو قام بخدمةٍ, لولده مقابل السكن، كما فعل ذلك الشاب البريطاني ـ الذي نشرت الصحف عنه ـ حين وافق على سكنى والدته العجوز عنده، مقابل أن تقوم بخدمته، وخدمة أبنائه، وزوجته، وأن تنظف بيته، وكان ذلك يعد تكرماً من الولد، وبراً بها عندهم، لأنهم لا يتصورون براً أكثر من هذا البر.

وهذا يجعلنا نحمد الله - تعالى -الذي أكرمنا بالإسلام، الدين الذي أوجب على الأبناء أن يبروا آباءهم أمهاتهم، وجعل أقل درجات البر أن ينفق الولد على والديه، وأن يكرمهما إلى أن يرضيا عنه، وصدق الله القائل [ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً].

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply