بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي هداني لنعمة الإسلام بعد الضلالة، ومكنني من كتابة هذه الكلمات لبيان النعمة التي منّ بها الله - تعالى - على المسلمين بهذا الدين العظيم الذي هو رحمة للعباد من ربهم.
إخواني في الله: أعرفكم بنفسي (عبد الرحمن شوا) وهو اسمي في الإسلام والذي كان سابقاً (جان قوا شوا) وأنا من دولة الصين الشعبية، وأعمل طبيباً بمستشفى في مدينة الرياض.
قد يتشوق القارئ لمعرفة حياتي قبل الإسلام، ويمكن اختصار القول بأنها حياة بهيمية خالية من الطمأنينية واليقينº حيث كنت لا أؤمن بالله، ولا أؤمن بدين أو كتاب، وأقوم بالأعمال المحرمة بجميع أنواعها بلا وازع ديني يمنعني، أو شعور بالذنبº لأن جميع من حولي على نفس شاكلتي وتفكيري، فلا ننكر على بعضنا أي عمل نقوم به، كما كان غائباً عني التفكير في عواقب الأمور، لأن نفسي مهيأة للانغماس في بحر الشهوات والمحرمات، والعقل أعطيناه إجازة عن التفكير فيما هو نافع أو ضار ولكن في بعض الأحيان يكون هناك بعض اللوم من والداي إذا فعلت أمراً لم يرضهما سرعان ما يزول مع الأيام.
لقد عشت في بيئة تحمل في أجوائها الشيوعيةº حيث كان الاعتقاد بعدم وجود الله هو الغالب على أفراد المجتمع، وأن البشر قد جاءوا من الطبيعة، وسوف يعودون إليها، وإنه لا يوجد حساب أو عقاب، ولا يوجد للإنسان هدف من العيش في هذه الحياة سوى قضاء العمر المحدد له، وبعدها تنتهي حياته بمجرد وفاته، ومن ثم يأتي جيل غيرنا، ويسير على نفس النهج الذي سرنا عليه، وهكذا تدور دائرة الحياة بلا توقف أو تغيير، فتأثرت بمن حولي، واعتنقت الشيوعية لكن بغير اقتناع كاملº لوجود بعض الأسئلة في رأسي حول الشيوعية ومبادئها، وبعد فترة من الزمن أمعنت التفكير ووجدت الإجابات ترشدني إلى عدم صحة هذا الدينº لأنه لا يعقل أن تكون هذه الحياة التي نعيش فيها بدون إله يحكم ويتحكم في هذا الكون؟! والرد المنطقي على سؤالي هو وجود إله لهذا الكون. وكان ذلك يتصادم مع الفكر الشيوعي الذي ينفي وجود الله - تعالى -، والأمر الثاني هو أن الشيوعية تدعو إلى المساواة بين البشر، فلا فرق بين غني وفقير والإنسان وما يملك للدولة، فأي شريعة صحيحة تدعو إلى ظلم الإنسان، وهضم حقوقه من باب المساواة بين أفراد المجتمع، وآخر الأسباب هو طلب والدتي لي بأن اعتنق الدين النصرانيº لأنه الأفضل والأحسنº حيث أخبرتني أن من يدخل النصرانية سوف يدخل الجنة، ومن أجل إرضائها قررت ترك الشيوعية والدخول في الدين النصراني، محاولاً أن أجد القناعة التي أبحث عنها.
بعد دخولي في النصرانية قامت والدتي بإعطائي مجموعة من الكتب للقراءة في ديني الجديد من أجل زيادة يقيني ولكنها كانت بمثابة الغربال الذي نقى ووضح كل شيء، فلاحظت بعض الثغرات في هذا الدين الجديد النصرانية مما زادني قناعةً ويقيناً بأنه ليس الدين الحق، فعندما نأكل الطعام نقوم بالدعاء لعيسى - عليه السلام -، ونشكر الله على ما وهبنا من النعم، فكيف نقوم بالدعاء للأول ونشكر الثاني أي هل هناك إلهان بدلاً من إله واحد؟!... كما تباح في النصرانية الخمر والميسر وأكل لحم الخنزير وهي لها ضرر على الإنسانº فالخمر يذهب عقل الإنسان فيجعله يقوم بتصرفات خاطئة، ويفقده النعمة التي أنعم الله بها عليه، وميزه بها عن الحيوان، وأما الميسر فضرره مادي فالإنسان يقوم بالجد والاجتهاد في عمله لأجل المال على حساب صحته وراحته، ومن ثم يتعرض للخسارة في ساعة لهو، وأخيراً أكل لحم الخنزير قد أثبت الطب ضرره على الجسمº لأنه يتغذى على القذارة، ويعيش في الأماكن الموبوءة فأي دين هذا الذي يدعو لمثل هذه الأشياء؟! ومن مواطن التشكيك في النصرانية أيضاً أن الإنجيل قد تعرض للتحريف من قبل البشر، وتختلف الآيات التي فيه من مكان لآخرº مما جعلني أفكر كيف يمكن اتباع دين قد عبثت به أيدي البشر، وحرفت كتابه المنزل؟! ورأيت أن البشر عندما يرتكبون معصية فإنهم يذهبون لبشر مثلهم للتكفير عن ذنوبهم، فإذا كان الأمر هكذا فما هو الداعي لوجود إله يعبد؟!! جميع تلك الأمور السابقة جعلتني متيقناً من هشاشة القاعدة في الدين النصراني، ومحاولة البحث عن دين غيره.
بعد تلك الرحلة القصيرة بين الأديان قررت القراءة عن الإسلام ولكني واجهت صعوبة في البحث عن كتبهº حيث لم تكن متوفرة كما هو الحال بالنسبة للأديان الأخرى، وعندما حاولت الذهاب إلى المسجد لرؤية المسلمين حذرني مجموعة من الأصدقاء من خطر الذهابº لأن الحكومة الصينية تمنع التعامل مع المسلمين، وبذلك فقد كان الإسلام غريباً علي، ووجدت مشقة في الوصول إليه لمعرفة أحكامه ومزاياه، ومن الموانع أيضاً ما حدث لي مع أحد الأجانب عندما جئت إلى المملكة العربية السعودية بعقد عمل في المستشفى، وأخبرته عن عزيمتي على اعتناق الإسلام، فحذرني وأخبرني بأنه سيساعدني على تحسين مستواي المادي والمعيشي، وسوف يؤمن لي جميع متطلبات الحياة الكريمة، وكل ذلك في سبيل عدم دخولي في الإسلام، وبقائي على دين النصرانية، فوافقت وقويت روابط العلاقة فيما بينناº ولكن جاءت الأيام بما كان غائباًº حيث قام بخداعي وسرقة مجموعة من رواتبي بعدما أفهمني بأنه صديقي المخلص، وكسب ثقتي، وأصبح قريباً منيº فكانت هذه بمثابة الصدمة التي أعادت إلي رشدي، وأنارت لي بصيرتي فقد رأيت أن هذه الأديان التي اعتنقتها لا تنهى أصحابها عن منكر، ولا يخافون من القيام بأي عمل.
بعد تلك الحادثة قررت الدخول في الإسلامº لأني قرأت عنه، ووجدت أنه يدعو إلى مكارم الأخلاق في التعامل بين الناس بلا استثناء من خلال تعامل الرسول - صلى الله عليه و سلم - مع أصحابه، وما شعرت به خلال عملي لمدة عامين بين المسلمين أكد لي ذلك كما توجد ميزة أخرى لم أجدها في أي بقعة من العالم وهي ميزة الأمن والأمانº حيث إن الإنسان يخرج من بيته وهو في غاية الطمأنينة بعكس ما نسمع عنه في الدول الأخرى، وبتوفيق من الله - تعالى - اعتنقت الإسلام بعد قناعتي الكاملة بأنه الدين القويم، ودين الحق، وقد ساعدني على ذلك صديقان من السعودية، كانا يساعداني على تعلم أمور الدين، وكانا يحضران لي الكتب والأشراطة الدينية من أجل الاستزادة في الدين وكانت فرحتهما لا توصف عندما أعلنت إسلامي، وكانا خير عون لي، وعلى العكس من هذا فقد واجهت بعض المضايقات من أصدقائي الصينيين واعتبروني مرتداً عن ديني، والبعض منهم نظر لي بعين الاحتقار والسخرية فلا يكلمني، ولا يجلس معي، ويلمزوني بالكلام قائلين: إنني لن استفيد من هذا الدين سوى خسارة أهلي وأصدقائي، وعندما رأيت أن الأمور اتخذت ذلك المنحى دعوت الله - تعالى - أن يمدني بالقوة للوقوف في وجه هذا العدوان الذي يحاول أن يصدني عن ذكره، كما أصبحت أكثر يقيناً وإيماناً بأني على حق، وأسير على الطريق الصحيح، وعودت نفسي على التحلي بالصبر وتحمل المكارهº لأن هذا الدين عظيم ويستحق التضحية بكل شيء، وللقناعة الكاملة بسلامة القرار الذي اتخذته، كما أنني أردت أن أظهر محاسن الإسلام في التعامل، ومقابلة السيئة بالحسنة لعلي استطيع دعوتهم للإسلام فيما بعد.
إخوتي في الله: جل ما أتمناه بعدما هداني الله إلى الإسلام أن أدعو أمي وزوجتي إلى الإسلام حتى أستطيع إنقاذهما من الضلال الذي يعيشانه كما أستغل الموقف لتوجيه رسالة إلى إخواني المسلمين الجدد مثلي فأدعوهم إلى التمسك بتوحيد الله والصلاة، ومعرفة أن الإسلام دين الحق، وأوجه رسالة إلى الذين لم يمن الله عليهم بالإسلام فأقول لهم: إذا لم تعرف الإسلام فابحث عنه، ولا تتردد في دراسته، والدخول فيهº لأنه إذا لم يكن في الدنيا إيمان تفسد الأرض، وحق على الإنسان أن يبحث عن الحق، وإذا فتح الله على قلبك ودخلت في الإسلام فقد حصلت على الدين الذي يرضيك.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد