صناعة اليأس


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الإحباط الذي يعيشه بعض الناس يجعلهم كالغريق الذي يطلب النجاة على ظهر (قشة)!.. ونحن _ أحيانا كثيرة _ بمحض إرادتنا وسابق إصرارنا نصنع هذا الإحباط واليأس ثم نغرق فيه.

 

 صناعة اليأس تبدأ حين نخطيء في صناعة الأمل.. حينما (نتهور) في الخروج من اليأس ولو بالتمسك (بقشة) أمل.. حينما نرسم صورا مثالية للأحداث والأشخاص والمجموعات ثم نفاجأ بواقع مختلف.. مختلف جدا عن الخيال الذي نسجناه.. إن من الخطأ أن يعيش المرء بلا أمل ولكن الخطأ الفاحش هو في التخبط في توزيع الأمل.

 

راقب الساحة من حولناº كثيرا ما نتخلى بغضب عن مشاريع وأشخاص و مؤسسات ليس لأنَّ دورها كان أصغر مما يجب بل لأن الأمل المعقود عليها كان أكبر مما ينبغي.. انظر مرة أخرى.. ستجد أن اليأس الذي ساد بين الإسلاميين بسقوط دولة الطالبان لم يكن إلا جراء سوء التقدير والأمل (المفرط) الذي أسهمنا في زرعه.. إن الواقع لم يخذلنا مثلما خذلنا إصرارنا على التعامي عن الحقائق بدل التعامل معها، والمشكلة تتعقد أكثر حين نجعل من كل معركة وكل قضية (مسألة مصيرية) تحدد مستقبل الإسلام.. كأنَّ كل عصابة في أي زمان هي عصابة بدر بعينها التي ذكرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دعاءه فقال (اللهم إن تَهلك هذه العصابةُ لا تعبد بعد اليوم).. إننا نسهم بلا وعي في إشاعة الإحباط واليأس بين الناس من حيث نريد أن نزرع الأمل.

 

اقرأ هذه الأيام عن الأمل (المتخم) الذي ننفخ فيه حول انسحاب أمريكا مهزومة من العراق بسبب عمليات المقاومة.. ثم انظر إلى الرسالة التي تبعثها بعض الكتابات والتصريحات عن الكارثة التي ستحل بالأمة لو لم تنتصر المقاومة!.. وعن المصير المظلم الذي سينتظر المسلمين حينذاك!.. في خضم هذا الجو المفعم بالأمل فلا مجال للبحث والتقييم الصادق لكل شيء، وليس انتقاصا من قدر أحد لو أنزلنا الأمور منازلها، فلماذا لا نكون واقعيين قليلا لكي لا نصدم في كل مرة، ولا نحبط في كل مرة: مرة لأننا لم نعرف الظروف والأحوال، ومرة لأننا لم ندرس الأفراد والمجموعات، ومرة لأننا لم نتخيل أبدا أن أولئك أو هؤلاء بشر كالبشر، إنه لا مكان لليأس قط إن أحسنا صناعة الأمل.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply