العجوز العاملة


بسم الله الرحمن الرحيم

 

سخر الله - عز وجل - للإنسان السعي في أمور الدنيا لا يكل ولا يمل في شبابه وشيخوخته في حال مرضه وصحته. لكن من أراد الله به خيراً يسر له عمل الطاعة وأولها همة في القلب تحرك الجوارح. قال شميط بن عجلان عن قيام الليل لكبار السن وقد ضعفت أجسامهم وأصابتهم الأسقام والأوجاع ومع هذا يقومون الليل قال:\"إن الله - عز وجل - جعل قوة المؤمن في قبله ولم يجعلها في أعضائه ألا ترون أن الشيخ يكون ضعيفاً يصوم الهواجر ويقوم الليل؟! والشاب يعجز عن ذلك\". وكانت صفية بنت سيرين توصي فتقول:\"يا معشر الشباب خذوا من أنفسكم وأنتم شباب فإني ما رأيت العمل إلا في الشباب. وقبلها النبي - صلى الله علية وسلم - الذي قال في حديث عظيم:\"بادروا بالأعمال سبعاً هل تنظرون إلا فقراً منسياً أو غنى مطغياً أو مرضاً مفسداً أو هرماً مفنداً أو موتاً مجهزاً أو الدجال فشر غائب ينظر أو الساعة فالساعة أدهى وأمر\"امرأة كبيرة مسنة أحدودب ظهرها وارتعشت أطرافها وهزل جسمها لكن الله - عز وجل - استعملها في طاعته فهنيئاً لها هذا الخير وقد قال ابن القيم في الفوائد:(من أراد من العمال أن يعرف قدره عند السلطان فلينظر ماذا يوليه من العمل وبأي شغل يشغله). هذه المرأة ولت وجهها نحو الدعوة إلى الله رغم كبر السن وعدم القراءة أو الكتابة.. قالت إحدى الداعيات: ذهبت يوماً إلى المستشفى في الصباح الباكر فإذا بي أرى امرأة كبيرة في السن تأتي مبكرة مثلي ولعل ابنها أتى بها وذهب إلى عمله لكن طال تعجبي وهي تحمل كيساً كبيراً يخط منها على الأرضبين الحين والآخر حتى استوت على كرسي ثم بدأت توزع الكتب على المراجعات وكلما أتت مراجعة جديدة وجلست قامت إليها وأهدتها كتاباً قالت الداعية: فجاء موعدي وقمت إلى الطبيبة ثم إلى مراجعات في المستشفى انتهى بي إلى الصيدلية ثم عدت إلى مكاني الأول الذي أتيت إليه قبل أربع ساعات فإذا المرأة في مكانها وتعمل عملها فعلمت أنها من أكبر الداعيات وما أتت إلى هذا المكان إلا لهذا العمل العظيم مع تأكدي من بعد منزلها وكبر سنها وضعفها ومع هذا تحمل كيساً لا يحمله إلا الأشداء من الرجال يا ترى كم من امرأة استقام أمرها؟ وكم من فتاة صلح حالها؟ كم من سافرة تحشمت؟ وكم من مفرطة أنابت؟ وكل ذلك في ميزان حسنات هذه المرأة العجوز من أجر الفاعلة شئ! أليست هذه نعمة من الله عظيمة؟ بلى والله! دعونا نأتي لأمر أقل: كم مرة نذهب إلى المستشفيات؟ قد يكون مرة أو مرات دعونا نستثمر هذه الفرصة بحمل الكتب إلى أماكن المراجعين والمراجعات هذا إن ضعفت الهمة عن فعل المرأة العجوز وإلا فنحن أحق وأولى من الضعيفة المسكينة لكن! ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.\"ومن عمل صالحاً فلنفسه\".!.

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply