الباحث الصامت


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

النص

الباحث الصامت إنه الطبيب البيطري (الفردوسندياكو) فلبيني الجنسية، قدم ليعمل في وادي بن هشبل في اختصاصه، وعاش حياة عادية يتقلب فيها ما بين العمل والبيت، يأكل ويشرب ويعمل كما يأكل الناس ويشربون ويعملون، والحياة في تصور كثير من الناس هي هذا وحده.

إنما الدنيا طعام...وشراب ومنام... فإذا فاتك هذا... فعلى الدنيا السلام.

 

التصورات الجاهلية جعلت أكثر الناس يعيشون هذا الفهم وينطلقون بسلوك مطابق لذلك التصور، وصاحبنا واحد من أفراد البشر العاديين، لكن موقفاً واحداً بدا في حينه صغيراً، كان فيما بعد له أثر كبير في حياته، غير مجرى حياته كلها، دخل (بقالته المعتادة) يشتري منها بعض حاجياته، فرأى ملصقاً جديدا بعيداً عن ملصقات الدعاية والإعلان، مكتوباً عليه \" إذا أردت أن تتعلم العربية فاتجه إلى مكتب دعوة وتوعية الجاليات بأبها \" وفيه خارطة توضح عنوان المكتب، ووجدها فرصة سانحة: قدم إلى بلاد العرب فالأجدر به أن يتعلم تلك اللغة وأتى إلى المكتب، ووجد وجوهاً غير الوجوه، واستقبالاً غير الاستقبال، وابتسامات تختلف عن ابتسامات التجار، وإقبالا فريداً من نوعه في عالم المادة.

وكتم أنفاسه طويلاً، وعاش ستة أشهر صامتاً، متأملاً ينظر إلى الغادين والرائحين ويتفرس الوجوه، ينظر الملامح، ولم يخبر عن نفسه بشيء من شهادته التي يحملها.

بعد هذه الفترة الطويلة من الرقابة للسلوك والأعمال والتصرفات وجد حياة جديدة، روحاً تنبعث في هذه الحياة، رآها في العيون والملامح، وأدركها في القلوب والمشاعر.

أقبل إلى الإخوة في يوم الجمعة ليقول لهم: شكراًً لكم لقد عرفتموني على طريق الحق، ولا بد أن أعلن أمامكم أنني رضيت بالله - تعالى -رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيا ورسولاً، وأنا منذ اليوم أخوكم \" عيسى \".

وهلل الجمع وكبر، فرحين بأخ جديد، ولد الآن في ظل الإسلام، وفي رحابه الطاهرة.

وانطلق عيسى بعد ذلك داعياً إلى الدين الجديد، ليضم إلى سجله عملاً ضخماً لم يحصل عليه كثير ممن عاش سنين في الإسلام، جاء في الجمعة التي بعدها وقد صحب معه رجلاً هندياً يعتنق الهندوكية ليسلم على يديه.

لقد دخل إلى مكتب جاليات أبها باحثاً صامتاً، وانقلب إلى مسلم قانت لله رب العالمين، وانطلق داعياً إلى هذا الدين، وكسب في برهة قليلة أجراً عظيماً وثواباً كبيراً (ومن أحسَن قولاً ممَن دعَا إلى الله وعَمل صَالحاً وقَال إنني من المُسلمين) سورة فصلت).

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply