بسم الله الرحمن الرحيم
لا تزال قوافل التائبين والتائبات ماضية لا يضرها نكوص الناكصين ولا نباح النابحين ولسان حالها يقول:
إذا الكلب لا يؤذيك إلا بنبحه....... فدعه إلى يوم القيامة ينبح
كان ممن التحق بركب الإيمان الفنانة الشهيرة (........) والتي صار لها الآن أكثر من عشرين عاما في مجال الدعوة إلى الله، ارتبط اسمها بالفنانات التائبات وكان لها دور دعوي بينهن.. روت قصت توبتها فقالت: تخرجت من مدارس (ألماردي ديبيه) ثم في قسم الصحافة بكلية الآداب عشت مع جدتي والدة الفنان الشهير (......) فهو عمي.. كنت أجوب طرقات حي الزمالك، وارتاد النوادي وكأنني استعرض جمالي أمام العيون الحيوانية بلا حرمة تحت مسميات التحرر والتمدن. وكانت جدتي العجوز لا تقوى عليِ بل حتى أبي وأمي، فأولاد الذوات هكذا يعيشون إلا من رحم الله - عز وجل -.
حقيقة.. كنت في غيبوبة عن الإسلام سوى حروف كلماته، لكنني برغم المال والجاه كنت أخاف من شيء ما.. أخاف من مصادر الغاز والكهرباء، وأظن إن الله سيحرقني جزاء ما أنا فيه من معصية، وكنت أحيانا أقول في نفسي: كيف أنجو من عذاب الله غدا؟! لكنني كنت اهرب بسرعة من تأنيب ضميري بالاستغراق في النوم أو الذهاب إلى النادي.
وعندما تزوجت، ذهبت مع زوجي إلى ما يسمى بـ \"شهر العسل\"، وكان مما لفت نظري إنني عندما ذهبت \"للفاتيكان\" في روما، وأردت دخول \"المتحف البابوي\" أجبروني على ارتداء البالطو أو الجلد الأسود عند الباب.. فتعجبت من احترامهم لدينهم على ما فيه.. وهنا تساءلت بصوت خافت: فما لنا نحن لا نحترم ديننا؟؟!
وفي مرة أحسست بسعادة عظيمة لحدث ما وفي أوج سعادتي الدنيوية قلت لزوجي أريد أن أصلي شكرا لله على نعمته، فأجابني: افعلي ما تريدين، فهذه حرية شخصيه!!!
وأحضرت معي ذات مرة غطاء وملابس طويلة ودخلت المسجد الكبير بباريس فأديت الصلاة.. وعلى باب المسجد وعند خروجي أزحت غطاء الرأس وخلعت الملابس الطويلة وهممت أن أضعها في الحقيبة، وهنا كانت المفاجأة.. اقتربت مني فتاة فرنسيه ذات عيون زرقاء ـ لن أنساها طول عمري ـ ترتدي الحجاب.. أمسكت بيدي برفق وربتت على كتفي وقالت بصوت منخفض: لماذا تخلعين الحجاب؟ ألا تعلمين أنه أمر الله. كنت استمع لها في ذهول، والتمست مني أن ادخل المسجد لدقائق.. حاولت أن أفلت منها لكن أدبها الجم وحوارها اللطيف أجبراني على الدخول.
سألتني: أتشهدين أن لا اله إلا الله؟ أتفهمين معناها؟
إنها ليست مجرد كلمات تقال باللسان، بل لابد من التصديق والعمل بها..
لقد علمتني هذه الفتاة أقسى درس في الحياة.. اهتز قلبي، وخضعت مشاعري لكلماتها ثم صافحتني قائلة: \"انصري يا أختي الدين\".
خرجت من المسجد وأنا غارقة في التفكير لا أحس بما حولي.. ثم صادف في هذا اليوم أن صحبني زوجي في سهرة إلى نادي ليلي ـ وهو مكان يتراقص فيه الرجال مع النساء شبه عرايا ـ ويفعلون أحياناً ما تترفع الحيوانات أن تفعل مثلهم..
كرهتهم وكرهت نفسي الغارقة في الضلال، لم أنظر إليهم ولم أحس بمن حولي، وطلبت من زوجي أن نخرج حتى أستطيع أن أتنفس، ثم عدت فورًا إلى القاهرة وبدأت أولى خطواتي للتعرف على الإسلام.
وعلى الرغم مما كنت فيه من زخرف الحياة الدنيا إلا أنني لم اعرف الطمأنينة، ولكنني كنت أقترب إليها كلما صليت وقرأت القران. واعتزلت الحياة الجاهلية من حولي وعكفت على قراءة القران ليلاً ونهارًا وأحضرت بعض الكتب الدينية في التفسير والحديث وغيرهما.. وكنت أنفق الساعات الطويلة في حجرتي للقراءة بشوق وشغف.. قرأت كثيراً وهجرت حياة النوادي والغفلة، وبدأت أتعرف على أخوات مسلمات.
ورفض زوجي في بداية الأمر بشدة حجابي واعتزالي طريقة حياتهم، ولم أعد أختلط بالرجال من الأقارب وغيرهم، ولم اعد أصافح الذكور، وكان امتحانا من الله ولكن أولى خطواتي هي الاستسلام لله وأن يكون الله ورسوله أحب إلي مما سواهما.
وحدثت مشاكل كادت تفرق بيني وبين زوجي.. ولكن الحمد لله فرض الإسلام وجوده في بيتنا الصغير وهدى الله زوجي إلى الإسلام الصحيح، وأصبح الآن خيراً مني وداعياً مخلصاً لدينه، أحسبه، وبالرغم من المرض والحوادث الدنيوية والابتلاءات التي تعرضنا لها فنحن سعداء ما دامت مصيبتنا في دنيانا وليست في ديننا.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد