بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال:
أشعر بخوف في بعض الأوقات، ولا أدري بسبب ماذا، ولا أدري مِمَّ أخاف، وتبقى الحالة معي مدة شهر أو شهرين ثم تتلاشى، وأشعر بأن الحياة ليس لها معنى. علماً أني أعاني من ذلك منذ الطفولة. فأرشدوني ماذا أفعل؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أخي الفاضل الكريم اعلم أن الخوف نوعان:
- خوف طبيعي يشعر به كل إنسان سوي عند وجود ما يبرره.
- وخوف مرضي يصيب بعض الأفراد بشدة، دون وجود ما يبرره، وهو ما يطلق عليه علماء النفس بـ (الفوبيا)، وأحياناً بـ (الرهاب).
وإذا كنت تذكر أخي أنك تشعر بالخوف من لاشيء، إلى درجة أنك تشعر أن الحياة معه ليس لها أي معنى، فهذا من النوع المرضي (الثاني).
وأسباب هذا المرض غالباً ما تكون غامضة وغير معروفة، فمن الباحثين من يؤكد أن أسبابه وراثية، ومنهم من يذكر أن للتنشئة الاجتماعية الخاطئة أثراً في ذلك، وقد يبدأ بصدمة يتعرض لها المرء في طفولته، أو في صباه، أو حتى في كبره، في حين هناك من يفترض وجود أسباب بيولوحية، لما لاحظوه من استجابة بعض المرضى للعلاج بالعقاقير..
وإذا أمكن تحديد أسباب المرض، فإن أسلوب العلاج يختلف باختلاف المشكلة، فهناك مثلاً العلاج بالغمر (أي غمر المريض بالحدث الذي يخاف منه مباشرة، مع متابعته بالسيطرة على انفعاله)، أو العلاج بالتحصين المنظم (وهو عكس الغمر، أي يتم تعريض المريض لذلك الشيء الذي يخافه بالتدريج، حتى يتم إزالة الحاجز النفسي).أو العلاج بوقف الأفكار (على افتراض أن الخوف غير المبرر إنما هو نتيجة أنماط خاطئة في التفكير، فيتم مساعدته على التخلص منها بأفكار عقلانية من خلال عدة خطوات منطقية)..
ولكن في مثل حالتك أخي الكريم: تعاني من المرض منذ طفولتك، ولا تعرف أسبابه، ولا تدري مم تخاف، وتشعر معه أن الحياة ليس لها أي معنى.. فإن هذا المرض يستلزم دراسة كاملة لتاريخ حياتك منذ طفولتك، والمواقف والصدمات التي تعرضت لها، وقد يحتاج الأمر إلى أدوية طبية مساعدة، إذ إن اختلال إفراز بعض الغدد يؤثر على الجهاز العصبي للإنسان، مما يجعله عرضة لمثل تلك المخاوف الشديدة.
ولا يمكن أن يتم هذا إلا عن طريق طبيب نفساني متخصص، يحلل تاريخ حياتك، ويغوص في أعماقك، ويعرف كيف تفكر، وكيف تتصرف إزاء تلك المخاوف، ومن ثم يضع الحلول العلاجية المناسبة..
أما إذا أُهملت مثل حالتك بغير علاج، فإنها قد تدوم لسنوات، وقد تستمر طوال الحياة، وهذا سر استمرار تلك المشكلة معك منذ طفولتك كما تذكر.
ومما يعينك على مقاومة تلك المخاوف والتخلص منها، الاستعانة بالله - تعالى -بالدعاء، والإكثار من قراءة القرآن، والحرص على أوراد الصباح والمساء، والمداومة على الرقية الشرعيةº فهي خير علاج لكل الأمراض، فنحن ندفع الأموال الكثيرة في علاج أمراضنا العضوية والنفسية في المراكز والعيادات الطبية، لكننا لا نفكر أن نضيف سبباً آخر في بحثنا الدؤوب عن العلاج من خلال الرقية الشرعية التي لا تكلف عناءً ولا مالاً، رغم أثرها الكبير في علاج مثل حالاتك.
أسأل الله - تعالى -أن يرفع ما بك، وأن يعافيك مما أصابك.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد