الفوضى مشكلة كبرى


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

المحتويات:

المقدمة.

معنى الفوضى.

مرادفات الفوضى.

الفوضى صور ونماذج.

أخطار وأضرار الفوضى.

الأخطار والأضرار المتعدية للغير.

العلل والأسباب.

الفوضى مشكلة كبرى.

 

المقدمة:

هذا العنوان هو حقيقة نلمسها في حياتنا وعلاقاتنا، ونراها في بيئاتنا ومجتمعاتناº فإن كثيراً منا يشكو من هذه الفوضى والعشوائية، ونذكر فلاناً بأنه فوضوي أو عشوائي قد نقول: \" إن به رجة أو هفة \" أو \" هو إرتجالي \" أو نحو ذلك من المعاني، والحقيقة أن تلمٌّس بعض جانب الخطأ وبعض المظاهر السلبية أمر مهم، نحتاج إليه دائماً، ونحتاج إلى التذكير والتواصي به باستمرارº لأن كثيراً من تلك الأخطاء أو الظواهر تتسلل الى واقعنا، وتكون في بادئ الأمر غريبة أو نادرة شاذة، ثم تنتشر شيئاً فشيئاً، حتى تغدو مألوفة معروفة غير منكرة ولا مستهجنة، ثم بعد ذلك تصبح متأصلة متجذرة مستعصية على التغييرº حتى يستسلم الناس لها، وتغدو بعد ذلك أصلاً خلافه هو الشذوذ وأمراً مقرراً معتبراً ما يعارضه هو الذي يلقى العناء والمشكلات.

ولا شك أن مثل هذا خلل كبير ومشكلة حقيقة كبرى، ومن ثم أردنا في مثل هذا اللقاء أن نسلط الضوء على هذه الظاهرة، ولنا عود واستتمام - إن شاء الله - كما ساذكر في آخر اللقاء.

 

سنقف هنا مع المعنى والمرادفات، ثم نثنِّي بالصور والنماذج، ونعرج بعد ذلك على الأخطار والأضرار، ونختم بالعلل والأسباب، ونعظ بعد ذلك بالوقايه والعلاج بمشيئة الله - تعالى -.

 

معنى الفوضى:

قال ابن فارس في معجمه: (فوّض) الذي هو الأصل الثلاثي أصل صحيح يدل على اتكال في الأمر على الآخر ورده إليه، ومنه قوله - تعالى -: {وأفوّض أمري إلى الله}، ومن ذلك قولنا: \"باتوا فوضى\" أي مختلطين، ومعناه أن كلاً فوّض أمره إلى الآخر فمعنى الفوضى مشتق من هذا الأصل الثلاثي (فوض) أي وكل الأمر الى غيره ورده إليه ليسد عنه اعتماد على نفسه، والفوضى تعني الاختلاط، بحيث أن كل واحد قد اتكل على غيره فاختلط الأمر بحيث لم يعد مستباناً.

 

وفي لسان العرب قال: فوّض إليه الأمر وسيَّره إليه، وجعله حاكماً فيه، وقوم فوضى مختلطون، وقيل في معنى القوم الفوضى: هم الذين لا أمير لهم ولا من يجمعهم قال الأفوه الأودي:

لا يصلح القوم فوضى لا سراة لهم **** ولا سراة إذا جهالهم سادوا

قال: وصار الناس فوضى أي متفرقين، والوحش فوضى أي متفرقة تتردد، وقوم فوضى أي متساوون لا رئيس لهم، وأمرهم فوضى أي مختلط والمفاضله هي المساواة والمشاركة.

 

من المعاني اللغوية للفوضى:

وإذا وقفنا على هذه المعاني نستطيع أن نلمح أن المحور التي تدور عليها أو يدور عليها معنى الفوضى بما هو في موضوعنا:

أولا: الاتكال لا الاعتماد

فالفوضى تعني الإتكاليه غير الإيجابية، فتجد الفوضوي لا يعتمد على نفسه، بل غالباً ما يتكّل أو يعتمد أو يفوّض أو يرمي بالأمور والمهمات على غيره.

 

ثانياً: الاختلاط لا الوضوح:

فتجد أمر الفوضوي مختلطاً لا يعرف له إلى سبيل الوضوح هدفاً أو غاية، ولا يعرف طبيعة المهمة المناطه به أو الواجب الملقى على عاتقه، أو المرتبط بعنقه بل عنده غبش في الرؤيا واختلاط فيها.

 

ثالثاً: الاستواء لا التفاضل:

فعنده أن الأمور مع اختلاطها فيها تساوي - كما قلنا - فوضى أي متساوون لا رئيس لهم، فعنده تستوي الأمور، ليس عنده مهم وأهم، ولا جد ولا هزل، فالفوضوي غالباً ما تجد الأمر المهم عنده تافه، وأيضا قد يجعل التافه مهمّاً، ولا يكون عنده ذلك التفريق، بل كثير من الأمور المختلفة يجعلها عنده متساوية، فليس عنده بالتالي ترتيب الأولويات.

 

رابعاً: التفرق والتردد:

فأمور الفوضوية غالباً مبعثرة مختلطة غير منتظمة ولا مرتبة، ومن ثم يكون حاله وشأنه التردد والحيرة، فمرة هنا ومرة هناك، ومرة يبحث عن أمر عنده أو عن شيء قد امتلكه واقتناه، ولكنه لم يضعه في موضعه الصحيح.

وهكذا تجد أن هذه المعاني من إتكالية وغبش، أو عدم وضوح الرؤية، وعدم تحديد الأولويات، وعدم وضوح الغايات، وغير ذلك كله سمة من سمات هذه الفوضوية.

 

مرادفات الفوضى:

1 – العشوائية:

لأن بعض الناس يقول فلان عشوائي - أي فوضوي - وأصله في اللغة يدل على ظُلمة وقلة وضوح في الشيء، وهذا له كما نلاحظ تعلق وارتباط بالمعنى الذي سبقه، ومن هنا يسمى العشاء عِشاء لماذا؟ لأنه أول ظلمة الليل الذي تبدأ الرؤيا فيه تضعف، ويبدأ الظلام يغطي على الأشياء، والعشواء من النوق، أو من الجمال هي التي كأنها لا تبصر ما أمامها، فتخبط كل شيء بيديها، وشاهد هذا قول زهير المشهور:

رأيت المنايا خبط عشواء من تصب **** تمته ومن تخطئ يعمَّر فيـهـرم

 

ومن ذلك أيضاً في لغه العرب أنه\" لفي عشواء من أمرهم \" أي في نوع من عدم الوضوح، و حصول الإختلاط وفي مختار الصحاح قال: \" وركب فلان العشواء إذا خبط أمره على غير بصيرةº لأنه يفعل الأمور وهو لا يعرفها كأنه لا يبصرها \".

وفي لسان العرب: \" عش الطير أوقدها ناراً لتعشى منها فيصيدها، يجعلها تفتقد الرؤيا فلا تستطيع أن تتخذ المسار الصحيح والهرب للنجـاة \".

وعشى يعشو إذا ضعف بصره، وفلان خابط خبط خبط عشواء يعني لا يحسن الأمر، ومن الأمثال السائرة كما في اللسان \" هو يخبط خبط عشواء \" يضرب مثلاً للسائر الذي يركب رأسه ولا يهتم لعاقبته، وتعاشى الرجل في أمره إذا تجاهل. وإذا أردنا أن نستخلص نجد أن جزء من هذه المعاني يرتبط بما سبق، فهناك ضعف في البصيرة وعدم وضوح عدم تدبر للعواقب، ومعرفة للغايات والأهداف.

 

2 ـ الارتجالية:

وهناك هذا الأمر البيّن في الصلة بين الكلمتين ومعانيهما، الارتجالية أيضاً لفظة مرادفة، وكما في مختار الصحاح: \" ارتجال الخطبة والشعر ابتداؤهما من غير تهيئه قبل ذلك \"، والارتجالي هو الذي يدع الأمر دون أن يستعد له أو يفكر فيه ويخطط له، وارتجل الفرس ارتجالاً إذا خلط العنق بالهمجله، يعني مع السرعة لا يحسن الاستمساك بالأمور على وجهها الصحيح، ويقال - كما في لسان العرب -: \" ارتجل الرجل ارتجالاً إذا ركب رجليه في حاجته ومضى \"، يعني الذي يمشي هكذا سريعاً مندفعاً دون الحاجة إلى معرفة المسار وما يحتاج إليه، ويقال: \" ارتجل مارتجلت \" أي اركب ما ركبت من الأمور، يعني كما يقولون على كما تشاءº فإن الأمر في الآخر عاقبته يعود عليك.

 

3 ـ الهفهفة:

وأيضا نحن نستخدم في بعض ألفاظنا العامية كلمات أحببت أن أذكرهاº لأنها من العربي الصحيح فيقولون عن فلان بأنه \" مرجوج \" أو \" مهفوف\" وهذا من الرجّة أو الهفة، وهي كلمات صحيحة لها صلة أو قرب في المعنى من معنى الفوضى، فالرجّة أصلها من الرجّ وهو أصل يدل على الإضطراب، ويقال للضعفاء من الرجال الرجّاج أي الذي دائماً يضطرب ويتردد، ضعيف في عقله فلا يستطيع التمييز والإختيار، ضعيف في إرادته فلا يتسطيع العزم والحزم، ضعيف في صبره فلا يستطيع الثبات والمواصلة، فكل من كان عنده هذا الإضطراب وعدم الثبات في هذه النواحي وغيرها فهو في هذا الباب.

 

وفي معجم ابن فارس: \" الرجّ تحريك الشيء، وارتجّ الكلام إذا التبس \"، ولذلك أيضاً هو من معنى الهفةº لأن الهفّة أصلٌٌ يدل على خفة وسرعة في سير وصوت، وهفو أصل يدل على ذهاب الشيء في خفة وسرعة، ومنه هفا الإنسان إذا زلّ، لماذا يقولون هفا الإنسان؟ هفا الهفوة هي الزلة لماذا؟ لأنها تقع - كما يقولون - بسرعه وخفة من غير ذلك القصد، الهفو أخف من المعصية وأخف من الخطيئة هي هفوة، ولذلك يقولون سامح أخاك إذا هفى يعني الهفوة من الأمر اليسير الذي يكون سريعاً وعابراً.

فهذه بعض المعاني لعل في بعضها كما قلت بعض الطرافة، لكن لعل في ذكرها أيضاً بعض الفوائد.

 

الفوضى صور ونماذج:

من صور فوضى الشباب والطلاب:

فوضى الحاجيات:

نجد صوراً كثيراً من الفوضى في حياة الشباب والطلاب، مثلا في الفوضى الدراسية تجد الكتب المبعثرة التي بعضهم - كما كنت - أتحدث مع بعض المدرسين في هذا اليوم يجعل كتبه في درج مكتبه طاولته في المدرسة حتى اليوم الثاني، وأحياناً ينساها، وأحياناً يعطيها غيره، وأحياناً يضع الكتاب في غير مكانه فيبحث عنه فلا يجده..ومثل ذلك - أيضاً - تجد الأدوات الناقصة فيذهب الى المدرسة أو الإختبار، وليس معه قلم، أو ليس عند دفتر، أولم يحضر الكتاب، أو أحياناً وهذا أصبح من الأمور التي لم تعد مستنكرة، الأدوات فيها الحقيبة التي يحفظ فيها كتبه ودفاتره.من الفوضى أن لا يكون عنده ما يحفظ فيه، لكن الآن أصبحت السجادة أو الحبل، أو غيرها أصبحت حقيبة وكأنها يعني لم تعد شيئاً مستغرباً.

 

فوضى التأجيل:

أيضاً التأجيل والتسويف كثيراً ما يكون من أعظم أسباب الفوضى عند الطلاب، أنه يؤجل مثلاً الإجابة على أسئلة الواجب حتى وقت متأخر، وبعضهم يكون الواجب عنده في الحصة الرابعة أو الخامسة فيؤجله حتى فسحة اليوم الدراسي نفسه، وبالتالي تجد عنده دائماً اضطراب وفوضى، دفتر يحتاج أن ينقل من طالب آخر والواجب لم يقم بكتابته.

 

فوضى في الاستمرار:

وكذا أيضاً المذاكرة المتقطعة مرة يقول أن الرياضيات صعبة، ويعطيها الوقت ليذاكره، ثم يملّ منها فيرمي الرياضيات التي كانت عنده صعبه ومهمة، ويقول - كما نسمع -: غداً تُفرج، أو يحلّها الحلال، أو غير ذلك مما يقول.

 

فوضى في الرؤية والأهداف:

أيضاً التنقل بين التخصصات، وخاصة في المرحلة الجامعية، بعض الطلاب يبدأ في الطب ثم إما لصعوبة، وإمّا لاستطالة الطريق ينتقل إلى العلوم، بعد ذلك يجد العلوم يكتشف أنها لا تناسب ميوله ينتقل إلى الاقتصاد، وبعد ذلك يرى أن الاقتصاد في كسادٍ, فيحوّل وينتقل ما بين التخصصات والأقسام، ويضيع عليه ما يضيع في مثل هذا.

 

فوضى فراغ:

الذي يتوهمونه ويظنونه موجوداً عندهم، فمرة يعني له أنه يجب عليه قتل الفراغ ينبغي أن يستثمرها في الرياضة وتقوية البدن، فليسجل في الأندية وفي بعض مراكز التدريب وفي كذا ويهتم، وبعد فترة يترك ذلك يقول: لا! فالجلسات مع بعض الأصدقاء، وتكون جلسات فارغة، أو أحياناً يندفع الى ممارسات خاطئة في ركوب السيارات، والتنزه في الطرقات، والسير في الأسواق والمعاكسات والمغازلات، ومرةً يجد أن هذا لا يحسن، وبالتالي في كل مرة يخطر له خاطر، وكأنه إناء فارغ حسبما يملأ به يمكن أن يملأ ثم يندلق ما فيه ويملأ بشيء آخر وهكذا.

 

فوضى في الجِد:

حتى أننا نجد فوضى في الجد أو في الأعمال الجادة، وقد نسميها فوضى الجادين، طالب أو شاب فيه خير وصلاح بعد سماع أو توجيه أو تشجيع أن يشرع في حفظ القرآن فيأتي إلى حلقات التحفيظ ويواظب ويجدّ، لكن بعد فترة ينقطع ويترك، أو يبدأ من الأجزاء الأخيرة ثم يضطرب، ويقول: لا من البداية أفضلº لأنه من تجوز الصعب سهل عليه ما بعده، والترتيب أحسن فيبدأ من الأول، ثم يقول: لا! هناك السور التي فيها فضيلة، والتي فيها تكرار كالكهف يوم الجمعة، وكسورة تبارك وغيرها، فأحفظ بعض السور ثم ارجع لذلك ثم لا يمسك هنا ولا يمسك هنا ويضع منه هذا ويضيع منه هذا، أحيانا أيضاً يقول دروس العلم وتجد عنده هجمة شرسة تغلب على فكره، فإذا به يقول: العلم، وطلب العلم، وأهمية العلم، وضرورة حفظ المتون، وضرورة قراءة الكتب، وضرورة حضور الدروس، ويبدأ بأمور عالية، وبحماسة زائدة، ثم بعد ذلك ينقطع، أو لا يفهم، أو إذا لم يفهم يعني يحاول أن يفهم كما شاء، أو يتعالم ثم بعد ذلك يترك.

 

أو تكون عنده الحماسة في القراءة فيقرأ بعض الكتب الكبيرة والضخمة، حتى يشعر بالنشوة والفائدة، ثم يراها صعبه فيتركها فيأخذ بعض الكتب الصغيرة، ثم يراها في نظره بسيطة أو سطحية، أو يقرأ كتاباً من أوله ثم يرى أنه طويلاً فيتركه، أو يقول: لا أنا أختار ما أحتاج إليه، أو يقرأ بعض الفصول، فتجد أيضاً حتى من يأخذ بالأعمال الجادة تجد أيضاً أن بعضهم عنده شيء من هذا الاضطراب، وأحياناً يقول: الهوايات تمنيتها وضرورة العناية بها، فيجد أن الهوايه عنده مثلاً: في الخط، أو في بعض الأعمال اليدوية أمر جيد ويرى أيضاً من الناحية الشرعية أنه أمر مفيد، وأن المهنة أو الاحتراف أو الهواية جيدة بعد ذلك يتغير رأيه، فيرى أن هذا مضيعة للوقت، وأنه لابد أن يقضي وقته فيما هو أهلٌ له، وتجد مثل هذه الصور أيضاً كثيرة ومنتشرة وموجودة.

 

فوضى موظفين:

ونجد أيضاً صوره أخرى كثيراً نلمسها ونعايشها في الاضطراب والفوضى والعشوائية والارتجالية، إلى غير ذلك، فتجد الموظف عنده معاملات مهمة، يأتي المراجع ويراجعه فيبحث ويبحث، ثم يقول له: راجعني في يوم ثانٍ,، بعد أن يذهب الرجل يجد أن المعاملة في الدرج الذي لم يفتحه! وما ذلك إلا أنه لا يرتب أو لا يكتب، أو لا يدوِّن فيهمل، وعنده فوضى، وعدم اهتمام واتكال على أن الآخر هو الذي ينبغي أن يقوم بهذا العمل، أو أن الآخر هو عليه العمل أو نحو ذلك.

 

أيضاً صوره أخرى من الاضطراب في المواعيد المضيعة، يعطي الموعد ثم لا يكون موجوداً، أو يعطي موعداً ثم يكون مجازاً، أو يعطي موعداً ثم يقول معه لم تنتهي الأوراق أيضاً، ويقابل ذلك تجاوز وتخليط يتجاوز صلاحياته، فيعمل عمل ليس عليه بأن يأتيه، مثلاً إنسان يعزّ عليه أو صديقه فيجامله، فيترك مكتبه ليقضي حاجة الآخر في مكاتب أخرى، أو يدخل على الآخرين يمارس عملهم نيابة عنهم، فيأتي الموظف الذي هو مكلف بهذا العمل يجد أن هناك عمل قد أُدي بالنيابة عنه، وفيه خطأ، أو تجد بعض هذه الجوانب أيضاً كثيرة.

 

فوضى آباء:

وعلى مستوى الأسرة أو دور الموظف أو الأب في أسرته تجد أيضاً في بعض النواحي أو السياسة الحالية التي ينتهجها، مرة إسراف وتبذير، ومرة إقتار وسوء تقدير، مرة يقول لك: أنفق ما في الجيب، يقول لك غداً يأتي مع رزقه، ثم أحياناً يأتي وقد أسرف وضيّع بعض الأموال، ويأتي أمام الحاجات فيضطر إلى الديون، والديون تركبه ديون أخرى، وقد يبدأ بعد ذلك في مشكلات أخرى، ويدخل - كما نرى - ونلمس يشتري السيارت بالتقسيط، ويبيعها بالنقد، ثم بعد ذلك يريد أن يخطط لهذا، وتجد - كما يقولون - شبكة معقدة ومختلطة، لا يعرف فيها رأسه من رجله، حتى يمشي بعد ذلك وهو يكلّم نفسه من كثرة ما اختلط عليه الأمر، واضطربت عليه الأحوال، وانعدمت عنده الرؤيا.

إضافة إلى فوضى في التعامل مع الأبناء مرة متابعة لصيقة ومتابعة شديدة، ومرة حريةً موهومةً وثقةً مزعومةً، وأحياناً غياب وتفريط وعدم سؤال، ولا يعرف أحدهم عن ابنه في أي مرحلة هو! فإذا جاء راسباً دعي بالويل والثبور وعظائم الأمور، وربما كان من حمقه أنه يرى أن ابنه عبقري، وأن الذين رسّبوه هم الذين لا يفهمون ولا يدركون، وتجد بعض الصور من الاختلال الذي نلمسه بشكل واضح في تدبير الأمور وتسييرها في الحياة التي يتولاها الأب أو ولي الأمر.

 

فوضى نسائية:

في مجال النساء والأمهات.. وما أدراك ما مجال النساء والأمهات! فإن الاختلاط والفوضى والعشوائية في هذا الجانب أكثر من غيره، فإن الرجل في الغالب عنده حزم وجد أكثر لماذا؟ لأن عليه مسؤولية وواجب أكبرº وكذلك لأنه يتعب ويكدّ، فغالباً يحسب حساباً أكبر، أما المرأة بطبيعة وجودها فهي مكفولة محفوظة لها رعايتها وصيانتها ونفقتها، فبعض النساء من لا تعي و لا تدرك تجد عندها صور عظيمة من الفوضى.

من صور الفوضى عند النساء:

1 ـ سهر الليل ونوم النهار:

كثير من النساء خاصة التي ليس عندها عمل وكثيرات من ليس لهن عمل، وإن كان العمل الأعظم هو القيام بشأن الأسرة، ورعاية البيت، وتربية الأبناء، فتسهر في الليل ثم تنام في النهار حتى يملّ النوم منها، ولا تقوم بأي عمل ولا إنجاز في تلك الفترة، وربما كان عندها خادمة تعتمد عليها، وتجد أن هذا يكفيها.

 

2 ـ سوء التنظيم وانعدام الترتيب في البيت:

تجد - كما يقولون- البيت كأنه قطعة من الحراج، شيء هنا وشيء هنا، وشيء مبعثر وشيء ملقى، والكلمة الأساسية في المرأة هي أنها أقدر وأكثر اهتماما بالتنظيم والترتيب وحسن الرعاية، ولا يكون تدبير البيت لا بمثل هذا.

 

3 ـ الزيارات الفارغة والمهمات التافهة:

زيارات فارغة بعض النساء ليس عندهن هم إلا أن تذهب إلىح هذه وتلك والأخرى والأولى والثانية والثالثة.. في أمور لا طائل منها، وزيارات لا فائدة من ورائها، أو المهمات تجد بعض النساء مشغولة تقول لك: ليس عندي وقت فراغ وكذا.. ما هي المهمات التي عندها، عندها مهمة أن تزور فلانةº لأن عندها شيئاً معيّناً، أو مهمتها أن تذهب الى السوقº لأن هناك منتج جديد لا بد أن تراه وكذا وكذا الى آخر ذلك أيضاً.

 

4 ـ أولويات مختلطة:

عندها أبناءها.. عندها مهمتها.. ومع ذلك تختلط عليها الأمور، فتجد أنها لا تحسن المشاغل أو الاهتمامات، مرة تجدها مهمومة ومشغولة، وعندها تركيز وتجمع معلومات، وتتصل وتشتري كتب، وتذهب أحياناً للعيادات والأطباء، ماذا عندها؟ ما هو الموضوع الخطير الذي جعل هذا عندها اهتمام بالرشاقة والرجيم؟ قيل لها أن عندك وزناً زائداً.. تذهب تبحث في الكتب والمجلات وتستشير الصديقات، وتراجع العيادات لأجل هذا الأمر المهم أو الخطير، وتضيع لوراء ذلك ربما أشياء كثيرة من تعليم أبناءها، وتربيتهم، ورعاية زوجها إلى غير ذلك.

 

5 ـ الصراخ الدائم:

تجد بعض النساء لا تحل الأمور إلا بالصراخ، وإن كان الصراخ لا يحلّ الأمور فهي دائماً ساخطة.. تصيح بهذا، وتصرخ على هذا، وقد تشتم وقد تدعوا على هذا! وهذا حال صعب، ودليل على التخبط، وعدم القدرة على حسم الأمور وعلاجها بالطريقة الناجحة، فمثل هذه المرأة تجدها في قلق مستمر وفي شكوى دائمة تقول: أنا سأصنع ماذا؟ أم ماذا عندي تربية الأولاد، أم ترتيب البيت، أم رعاية الزوج، أم زيارة الصديقات؟! وتجد دائماً هذه الفوضى والعلل؟

 

فوضى العلاقات الاجتماعية:

المواعيد المختلة شاع بين الناس أنك تأتي إليه في الموعد الذي ضربه لك فلا تجده! ويأتيك بعد ساعة أو ساعتين وابتسامته ملء وجهه، وإذا كنت غاضباً أو عاتباً تخطاك ببعض الجرعات الكلامية المخدرة: يا رجل لا تكبّر الأمور المسألة سهلة يعني ما فات ما الذي فات عليها إلى آخر ذلك من الأمور هذه فوضى أيضاً.

 

فوضى الزيارات المفاجئة:

التي تأتي في كثير من الأحوال من غير موعد ولغير مهمة وغرض ثم تكون طويلة وثقيلة ومملة ومعطلة.

 

فوضى الإنسان:

لا بد أن يكون منظماً ومرتباً -كما سنذكر - الصلات الزائدة بعض الناس يقضون الأوقات الطويلة مع بعضهم البعض.. صداقه

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply