قطرات في الشخصية الجذابة ( 2-3 )


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

ها نحن نواصل إبحارنا مع الأستاذ أسامه الجامع في قطراته الرائعة في الشخصية الجذابة، نسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يهدينا لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.   إدارة الموقع

 

القطرة الرابـعة: راع إنسانية الآخرين:

هل مررت يوماً من عند عامل نظافة آسيوي ولم تسلم عليه؟

هل مررت يوماً من عند رجل ذو هيئة محترمة من بلادك ولم تسلم عليه؟ أيهما أكثر؟

بينما رسول الله جالساً مع أصحابه يوماً إذ مرت جنازة يهودي فقام لها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا يا رسول الله: إنها جنازة يهودي. فقال: ((أو ليست نفساً)).

فاستغرب الصحابة حوله.

لا من التفريق بين الإنسان وسلوكه، فإذا أردت أن تعاقب أحداً فعاقب السلوك لا الذات، وإذا غضبت على أحد فاغضب على سلوكه لا ذاته. - استعمل ألفاظ الذوق والاحترام مع الكل، الصغير والكبير من بلدك ومن غير بلدك.

 

القطرة الخامسة: تذكر نعم الله عليك تكن رقيق القلب.

يقول الله - تعالى -: ((اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزقاً لَّكُم وَسَخَّرَ لَكُمُ الفُلكَ لِتَجرِيَ فِي البَحرِ بِأَمرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنهَارَ وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمسَ وَالقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلتُمُوهُ وَإِن تَعُدٌّوا نِعمَتَ اللّهِ لاَ تُحصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)) (إبراهيم: 32، 34).

يقول سيد قطب رحمه: (وهنا يفتح كتاب الكون على مصراعيه، فتنطق سطوره الهائلة بنعم الله التي لا تحصى، وتتوالى صفحاته الضخمة الفسيحة بألوان هذه النعم على مد البصر، السموات والأرض، الشمس والقمر، الليل والنهار، الماء النازل من السماء، البحر تجري بالفلك، والأنهار تجري بالأرزاق، إنها حملة إنها سياط تلذع الوجدان) نحن نتقلب في نعم الله - عز وجل -، نعزف منها ما نشاء في كل لحظة وكل حركة وكل رمشة عين.

 

القطرة السادسة: احترف فن الإنصات.

إن الإنصات في حد ذاته وليس الكل يجيده.

هل أنت ممن يقاطع كلام المقابل لمجرد معرفتك بالموضوع مسبقاً؟

هل أنت ممن يردد على لسانه كلمة اختصر، اختصر؟

هل أنت ممن يكمل كلام المقابل لمجرد خلفيتك المسبقة عن الموضوع؟

هل أنت ممن يستمع إلى الآخرين وبيده جريدة يقرأها أو كتاب؟

استمع إلى كلام التابعي الجليل عطاء بن أبي رباح حيث يقول: \" إن الرجل ليكلمني في المسألة لا أقاطعه منها وأنا أعلمها قبل أن تلده أمه\".

إن الإنصات من كمال الأدب ورجاحة العقل وإن مقاطعة الآخرين أثناء حديثهم لهو ضرب من ضروب الحماقات.

في حوار دار بيني وبين أحد الأصدقاء قلت له: إني أرتاح إلى الحديث معك ولا أدري لماذا؟ فقال لي متبسماً: لست الوحيد الذي يقول هذا الكلام بعد نهاية لقائي معه وانصرف تفكرت في أمره حتى وجدت الإجابة: عرفت لماذا أنني ارتاح إلى الحديث معه دون غيره أتدري لماذا؟

وجدت أن هذا الرجل يستمع أكثر مما يتكلم، ينصت أكثر مما يتحدث، وهناك ميزة أخرى زادته جاذبية وهي أنه يتفاعل معك أثناء الحوار فعلامات وجهه مثلاً تتسم بالمواساة إن كان حديثك معه فيه حزن أو شكوى، وتتسم بالتفاؤل إن كان حديثك معه فيه مرح وبهجة إلى جانب أنه يعطيك قبالة وجهه كلها أثناء الحديث، ولنا في نبينا أسوة حسنة لقد كان يلتفت بجسده كله عند ما يخاطب أحد أو يستمع لأحد.

 

القطرة السابعة: أظهر حبك للآخرين:

قال - تعالى -: ((مٌّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاء بَينَهُم)) (الفتح: 29).

وقال - تعالى -: ((وَاخفِض جَنَاحَكَ لِلمُؤمِنِينَ)) (الحجر: 88).

إننا لا نعاني من نقص حبنا لبعضنا البعض، ولكن من أهم المشاكل التي تواجهنا في حياتنا الاجتماعية، أننا لا نعرف كيف نظهر هذا الحب لبعضنا، أو على الأقل نتبع طرقاً خاطئة في التعبير.

هل قرأت عن ذلك الصحابي الذي كان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فمر به رجل فقال: يا رسول الله إن لأحب هذا، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((أأعلمته؟ قال لا، قال: أعلمه، فلحقه فقال إني أحبك في الله، فقال: أحبك الله الذي أحببتني فيه)).

لقد جلس هذا الصحابي مدة وهو يحب ذلك الرجل، ولم يترجم حبه بفعل ما، فلما علم النبي- صلى الله عليه وسلم - به وجهه بإظهار حبه، وهذا ما حصل، أظهر حبك للآخرين بوجه تعلوه البشاشة والرضي، هل تريد أن أطلعك على مهارة نبوية تجعل الناس ينجذبون إليك؟

كن أنت البادئ بالسلام دوماً، ألم تسمع قول النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام)).

 

القطرة الثامنة: اعرف نمط المقابل:

إن معرفة أنماط شخصية الآخرين أمر بالغ الأهمية لقد اكتشف خبراء علم (حاله) أن لكل إنسان نمط يغلب عليه فإذا سقطت أن تتعرف على نمط الشخص المقابل استعطت وبكل سهولة أن تنسجم معه ومن ثم تستطيع أن تجذبه إليك، وقد قسم الناس إلى 3 أنماط:

(1) النمط الحسي: الشخص ذو النمط الحسي هو الذي نبرات صوت منخفضة، وكذلك حركات يده منخفضة المستوى وتغلب على كلماته.

(2) الكلمات الدالة على المشاعر والأحاسيس: مثل: (إني أشعر أن كلامك هذا جداً ممتع) (إن لك لمسات مرهفة في هذه اللوحة الجميلة).

(3) النمط البصري: الشخص ذو النمط البصري أو الصوري وهو الذي وتيرة صوته عالية، وحركاته يده تصل إلى مستوى رأسه، وتغلب على كلماته أثناء الحوار الكلمات الدالة على صور بصرية واضحة مثل: \" من وجهة نظري \" فإن ما تقوله له انعكاس على المجتمع\" هذه اللوحة مشرقة وألوانها زاهية \".

(4) النمط السمعي: هو الشخص الذي له وتيرة صوت متوسطة، وحركات يده تصل لمستوى صدره، وتغلب على كلماته أثناء الحوار، الكلمات الدالة على ألفاظ سمعية صوتية مثل: \" إن لهجة خطابك لها نغمة مميزة عندك \" \" أنصت إلى نبرة صديق لو سمحت \".

- لكن كيف نستعمل هذه التقنية في حذب الآخرين؟.

- إنك بمجرد معرفتك بالنمط الذي أمام فسوف تعرف المفتاح إلى شخصيته.

- اكتشف نفسك أي الأنماط أنت واكتشف الآخرين معك.

 

القطرة التاسعة: تقنية الألفة.

 يقول- صلى الله عليه وسلم -: ((الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف)).

- كيف نستطيع أن نحقق الألفة بحيث نجتذب المقابل إلينا دون أن يشعر.

- تتأتي الألفة إذا تحققت عناصر ثلاث في المجلس الواحد، السلوك الشعور التفكير.

- إذا جلست مع صديق وأردت أن يتوافق معك ويشعر شعور طيب تجاهك حاول أن تتناغم مع حالته الراهنة، فإذا كان واقفاً فاطلب منه الجلوس أو قف معه، وأثناء الحديث تناغم معه في وضع يده مع بعضهما أو قدميه، أو كيف يضع الشماغ فوق رأسه أم على كتفيه، وكذلك تعبيرات وجهه هل هو منبسط منشرح أم منقبض حزين، وكذلك نغمة صوته وانقباضها وانبساطها، الخلاصة أن تتوافق مع جميع صفاته حتى لو لم يكن معتاداً عليها، فإذا نجحت وانسجمت معه فترة من الزمن فبإمكانك أن تطرح ما ترى وتجد الاستجابة غير المتوقعة فيه.

 

القطرة العاشرة: احذر الانغلاق كن منفتحاً واحتفظ بخصوصيتك.

من المعروف أن لشخصية الشاب المتدين المستقيم خصائص تختلف عن بقية شباب المجتمع الأخرى.

- فهو ينضبط نفسه بسلوك وسمت ينتج عنه نوع من مظاهر التحفظ تجاه من هم في أقرانه سواء كان ذلك في الشارع أو في العمل أو في مقاعد الدراسة، ومن هنا فلا بد أن يكون هناك بعض الموازنة.

- هناك فرق بين أن يكون شخصية المسلم مستقلة تؤثر ولا تتأثر إلا بمن يوافقها دون ذوبان أو مداهنة وبين أن تكون هذه الشخصية متحفظة لدرجة التقوقع وعدم الاختلاط بالمجتمع إلا مع مثيلاتها: يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على آذاهم أعظم أجراً من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على آذاهم)).

وهكذا يكون الداعية الحقيقي.

القطرة الحادي العاشرة: كن خدوماً ولا تنس نفسك.

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان.

والإحسان ليس بالضرورة أن يكون مالاً، فخدمة تقدمها لأخيك، وكلمة طيبة أخرى، ومشاعر وجدانية ترسلها لقلوب محبيك، كلها أفعال تغلغل فعل السحر مع الآخرين، عليك أن تعلم أن النفس البشرية تحب الشخص الخدوم ربما أكثر من غير الخدوم ولو كان متديناً.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply