بسم الله الرحمن الرحيم
\" اعلم أن والدي يطلب منك أن توجهنا، ولكن لا أريد أن أكون مثله! \" بهذه العبارة خاطب أحد أبناء الدعاة مربياً فاضلاً أحضره والده.
وخاطب ابن آخر والده - وهو يعد من كبار الدعاة اليوم - قائلا: \" يا أبي ماذا تريد مني؟ هل تريد مني أن أصبح مثل هؤلاء المتدينين؟ ولكنني لا أرغب في ذلك!. ولك علي عهد أن لا أرتكب الفواحش أو التدخين أو أتصرف بطريقة تسيء لك أو لي ولكن دعني وحياتي\".
قال بعض السلف لابنه: والله يا بني أني إذا ذكرتك في الصلاة أطيل السجود! ادعوك الله لك.
هذه الحوارات تدل على ما يعترك في صدور الأبناء والآباء من الدعاة والعلماء حول قضية الاستقامة.
يلتصق بقضية أبناء الدعاة والعلماء محاور عدة لها تأثير سلبياً أو ايجابياً على الأبناء ومنها:
أولا: المفاهيم الخاطئة لدى الطرفين:
فمثلا لدى بعض الأبناء تصور خاطىء انه إذا سار على طريقة والده فسيحرم نفسه من متع كثيرة يتمتع بها غيره من أقرانه.
كما يسعى بعض الأبناء إلى إثبات شخصيته واستقلاله وانه ليس صورة من أبيه ولو بالابتعاد عن خط الاستقامة.
كما أن لدى بعض الدعاة تصورات خاطئة منها أن الأبناء سيرزقون الاستقامة بالبرمجة المغناطيسية أو الآلية أو الوراثية أي بمجرد أنه مستقيما فسيكون الأبناء كذلك من غير بذل جهود تربوية متقنة محببة لها طابع الديمومة، وهذا إن لم يقولوه بألسنتهم ولكن يدل عليه انشغالهم عن أبنائهم، ولذا يتفاجأ الأب بعد فترة أن ابنه لم ينشأ كما توقع بل ويمارس سلوكيات خاطئة.
ولعل من المفاهيم الخاطئة لدى البعض أنه يريد التربية بالوكالة فيوكل أمرها للمدرسة أو المسجد أو الأم أو الصحبة الصالحة أو مربيا خاصا ويعتمد عليها اعتمادا كليا، من غير متابعة دقيقة من طرف خفي، وقد يحصل في واحد من هذه الجهات عجزاً وتقصيراً، وينمو هذا الخلل في شخصية الابن وتعجز هذه المحاضن عن العلاج، في غفلة شبه تامة من الأب.
وآخرون يتوجعون بحرقة على أبنائهم، ويشتكون مر الشكوى كلما تذكروا هذه المشكلة ويكتفون بعد ذلك ببرامج وأعمال محدودة متقطعة لا يمكن أن تغير سلوك الأبناء.
ثانياً: الصحبة:
وهذه يغفل عنها كلا الطرفين الآباء والأبناءº فهذا شاب نشأ مستقيما في بيت صالح حتى وصل إلى مرحلة الثانوية، فتعرف على مجموعة سيئة من الطلاب، وكان يجد متعة في الاستماع إلى أحاديثهم ولم يكن يظن أن الأمر سيتجاوز حد الأحاديث، حتى جاء يبكى لأنه وقع في كبيرة الزنا وهو لا يصدق نفسه أنه سيصل إلى هذا المستوى.
وبعض الآباء يجهل أن من المؤثرات السلبية الاستهداف المقصود من بعض شياطين الأنس لأبناء الدعاة والمشايخ لإغوائهم، ويشعرون بمتعة شيطانية في تحقيق ذلك فهو يمثل نوعا من التحدي لهم، وكم تألمت حينما قرأت في أحد الصحف أن جهاز مخابرات لدولة عربية استطاع أن يخترق صفوف الصالحين المجاهدين من خلال استدراج أبنائهم إلى ممارسات أخلاقية منحلة ليتم توظيفهم بعد ذلك للتجسس على آبائهم.
ثالثاً: ضعف البرامج التربوية المناسبة لأبناء الدعاة وخصوصا في مراحل المراهقة:
وقدّم بعض الفضلاء جهودا طيبة في إيجاد محاضن تربوية للأبناء، ولكنها بالكاد أن تناسب الأبناء الذين في المراحل الابتدائية وأوائل المتوسطة، حتى إذا كبروا قليلا نفروا نفوراً كبيراً، وقد يستجيب بعض الأبناء لضغوط والديه في صغره للارتباط بهذه البرامج، حتى إذا شب عن الطوق اظهر رفضه بصورة صريحة أو غير صريحة.
رابعاً: ضعف التواصل الايجابي المؤثر بين الآباء من الدعاة وأبنائهم:
فكأنما هناك حاجز غير مرئي بينهم، فلا الابن يستطيع أن يصارح والده بقضاياه المختلفة سواء كانت هموماً ومشاكلاً أو اهتمامات ورغبات، وكذلك بعض الآباء مع خبرته الدعوية والتربوية يشعر بحاجز نفسي يحول بينه وبين التواصل الإيجابي مع أولاده، فكلما أراد أن يبدأ درساً إيمانياً في البيت أخّره وسوف فيه، حتى تمر السنين وهو على هذا الحال، وحينما يكسر هذا الحاجز ويبدأ يجد فوائد لم تكن تخطر له على بال!
حدثني أحد الدعاة الفضلاء: أنه بدأ درساً تربوياً في البيت، ووزّع المشاركة على الجميع، فكان اللقاء جميلاً، ووجد صدى رائعاً في الأبناء، وأثّراً حسناً فيهم.
وحدثني آخر قال: عقدت لقاء مع الأبناء على طاولة الطعام بحضور أمهم، وطرحت عليهم الهدف من هذا اللقاء، وأننا نريد أن نتشاور في أمورنا، ونتعاون على الرقي في حياتنا العائلة.. يقول: قد لا تتصور ما تركه هذا الحوار من أثر ايجابي فينا جميعاً.
الحديث حول المؤثرات في أبناء الدعاة والعلماء متشعب، ولكي يكون حديثنا أقرب للواقع أتمنى أن تقوم جهة بإعداد استبانة حول قضية أبناء الدعاة والعلماء، والمؤثرات السلبية والايجابية عليهم، ويسرني التعاون معهم من البداية إلى النهاية.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد