المخدرات والتأمل


بسم الله الرحمن الرحيم

 

لقد نشر في موقع السيدة مريم نور موضوعا عن المخدرات والتأمل والتي تربط فيه بين المدمن والمتدين.

ونظرا لأنني من الباحثات والمهتمات بالنفس الإنسانية في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة كان لي هذا التعقيب علي الموضوع المذكور في وقفة مع النفس ممترجة بلحظة تأمل:

 

وكانت رسالتي موجهة إلى الأستاذة مريم وانشرها للإفادة والاستفادة:

 

أوافقك الرأي... من لا يعرف ولا يري الحقيقة يجد الكذبة حقيقة، كما أتفق معك بأن جلسات التأمل الروحي تمنح الشعور بالسعادة، واني أؤمن وأوقن بأن مصدر السعادة الحقيقية الكاملة هو حب الله الذي يقود الإنسان إلى جلسات التأمل الروحي مما يعطيه السعادة الحقيقية الكاملة.

 

لقد ذكرت في مقالك أن المشكلة الحقيقية وراء تعاطي المخدرات هي أنها تدمر سعة الإنسان وقدرته علي التأمل مع الوقت، وتناول موضوعك أن المخدرات مضرة للمتدينين حيث أن هناك شيء رقيق جدا ودقيق للغاية ينهض ويخرج إلى ذاته عن طريق التأمل. إن هذا الشيء ثمين جداº لأنه ينتج من تأمل مستمر ولا يظهر إلا بكثير من الجهد في حين أن كمية قليلة جدا من المخدرات تدمره وتقضي عليه كليا ولي تعقيب ممتزج بتساؤل:

إني أختلف معك في الربط بين من يتناول المخدرات وبين الإنسان المتدين حيث أن المتدين الذي ينعم بجلسات التأمل الروحي ويشعر بنفحات من السعادة الحقيقية في هذا التأمل لا يحتاج أن يتناول المخدرات ولا يلجأ إليها بل سيكون ممن يرفضونها.

 

ألا ترين أن هناك تناقضا بين من يشعر بالسعادة من جلسات التأمل ومن يتناول المخدرات والتسأؤل الذي يطرح نفسه:

 

لماذا يلجأ الإنسان المتدين إلى تناول المخدرات إذا كان ما يسعى إليه ويحتاجه وهو الشعور بالسعادة يجده في جلساته التأملية الروحية؟

 

وإذا اعتبرنا تناول المخدرات مرضا ناتجا عن الرغبة في الهروب من مواجهة مشاكل الحياة والتغلب علي القلق النفسي الذي يعانيه.. فلقد أثبتت الدراسات الحديثة اليوم بأهمية الدين في تحقيق الصحة النفسية للإنسان وأثر الإيمان في التغلب علي مشاكل الحياة والقلق النفسي.

 

ولقد سبق القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة هذه الدراسات منذ 1400 عام في تقرير حقيقة هامة وهو أن الدين والإيمان يجنب الإنسان القلق ويعالج جميع الأمراض النفسية ومعوقات الصحة النفسية في العصر الحديث والتي من بينها تناول المخدرات.

 

واليك هذه المقارنة بين أقوال علماء النفس في العصر الحديث وأقوال القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة عن علاج القلق النفسي:

 

- أقوال علماء النفس في العصر الحديث:

1- وليم جيمس عالم النفس الأمريكي: \" أن أعظم علاج للقلق هو الإيمان \".

 

2- بريل المحلل النفسي: \" أن المرء المتدين لا يعاني قط مرضا نفسيا \".

 

3- ذكر هنري لينيك العالم الأمريكي في كتابه \" العودة إلى الإيمان \".

\" الذين يترددون علي دور العبادة يتمتعون بشخصية أقوي وأفضل ممن لا دين لهم، ولا يقومون بالعبادة \".

 

4- يقول د. اليكسيس كاريل في كتابه \" دع القلق وابدأ الحياة \":

\" إن أولئك الذين لا يعرفون كيف يتخلصون من القلق يموتون صغار السن\"

 

وفي مقال نشرته مجلة \" اريدرز دايجست\" قال د. اليكس:

\" إن الصلاة هي أقوي شكل للطاقة يستطيع المرء توليده\"

 

5- يقول الطبيب توماس هايسلوب:

\" إن الصلاة أهم أداة عرفت حتى الآن لبث الطمأنينة في النفوس وبث الهدوء في الأعصاب \"

 

6- وقد لاحظ الطبيب الفرنسي الكسيس كاريل:

\"إن الصلاة تحدث نشاطا روحيا يمكن أن يؤدي إلى الشفاء السريع لبعض المرضي في أماكن الحج والعبادات \"وهذا ما ذكره في كتابه الإنسان ذلك المجهول\".

 

- أقوال القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة منذ 1400 عام:

قال الله – تعالى -: \" الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون\" [الأنعام:82].

 

\"الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب\" [الرعد:28].

 

\"من عمل صالحا من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون\" [النحل:97].

 

\"ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض\" [الأعراف:96].

 

وقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول لبلال حينما تحين أوقات الصلاة\" \" أرحنا بالصلاة يا بلال \"

كما أوصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالوضوء إذا غضب الإنسان فقال - عليه الصلاة والسلام -: \" إذا غضبت فتوضأ \".

وذلك لما للوضوء من تأثير فسيولوجي حيث يساعد علي استرخاء العضلات وتخفيف حدة التوتر البدني والنفسي.

 

إن سبق القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة جميع علماء النفس والدراسات الحديثة عندما أوضح أن للإيمان تأثيرا عظيما في نفس الإنسان حيث يبعث الأمن والطمأنينة في النفس ويغمر الإنسان الشعور بالسعادة.

 

سيدتي الفاضلة...

إن الإنسان المتدين الذي ينعم بجلسات التأمل الروحي يجد السعادة الحقيقية في حب الله واللجوء إليه وليس له في حاجة إلى تناول المخدرات طالما ما يحتاج إليه يجده في التأمل.

 

مصدر الأمان في الإيمان وحب الله، وذكر الله واللجوء إليه وحده هو السبيل إلى اطمئنان القلوب وفي ذكر الله الحب والمعرفة.

 

السعادة الكاملة في حب الله.

والطريق الآمن في حب الله.

وشفاء القلوب في حب الله.

تطوي صفحات الأيام، وتجف الأقلام ولا زالت الكلمات متدفقة خصبة متجددة تسجل نداء إلى القلوب بفتح الأبواب إلى الحب والخير والسلام.

 

- فهـل مـن عـودة إلى الله ـ

أشكرك علي اهتمامك ومتابعتك، وأعتذر للإطالة ولكن الموضوع كان يحتاج إلى وقفة للتأمل لمن يريد أن يعرف وفي المعرفة الخير الكثير.

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply