بسم الله الرحمن الرحيم
هذا السؤال يتبادر إلى ذهن الكثير من الآباء والأمهات، والكثيرين منهم يستعدون الآن لتجهيز هذه الهدايا بعد انتهاء الإمتحانات ومعرفة النتائج.
أعرف صديقة لي، ابنها جهز جدولاً للهدايا. لكل مادة هديتها، ولكل مستوى يحصل عليه له هديته الخاصة. وأبويه محتارين في اختيار الهدايا له.
ماذا تظنين أختي الأم، وأخي الأب؟ هل تظن أن هذه الطريقة فعالة لتشجيع ابنك على النجاح؟؟
أرى بعضكم يقول نعم سيدرسون لينالوا هذه الهدايا. صحيح؟؟
أذكر أن والدتي كانت تستخدم هذا الأسلوب مع أخيº لأن مستواه كان ضعيفاً جداً.. وكان عندما ينجح، أول ما يصل إلى البيت يقول لأمي، الآن الآن نذهب لشراء الهدية، ولكن للأسف هذه الطريقة لم تنفع معه طويلاº لأنه في السنوات الآتية لم يستطع النجاح وبالتالي لم يحصل على الهدايا.. وبعد أن رسب مرتين في المدرسة، هل ترك التعليم؟؟ لا. شعر بالألم الشديد من فشله الدراسي، وعرف أنه سيتأخر في إنهائه للدارسة، وأن الكسل نتيجته الفشل.. فبعد ذلك، بدأ يدرس بهمة بدون هدايا!!
أعود لموضوع الهدايا وسأشرح أربعة أفكار:
1. أن الأبوين أوصلوا لأبنائهم رسالة معناها نحن لا نحبكم!
2. أن الأبوين قتلوا حب العلم عند الأبناء، بالهدايا!
3. أن الأبوين لا يهتمون بمصلحة أبنائهم حقاً عندما يهدونهم!!
4. أن الأبوين سعوا إلى فشل أو تأخر أبنائهم بسبب الهدايا!
مستغربين من النقاط.. طيب اقرأو التالي!
الفكرة الأولى: أن الآباء أوصلوا لأبنائهم رسالة معناها نحن لا نحبكم!
سأعطيكم مثال بسيط، تخيلي أختي أن يأتي إليك زوجك ويهديك هدية ويقول لك، ترى هذه الهدية لك لأنك صرتي تطبخين لي بمهارة. أو تخيل يا أخي أن تهديك زوجتك هدية وتقولك، يا زوجي هذه الهدية لك لأنك صرت تهتم في العيال أكثر!!
ممكن تخبروني عن شعوركم عند أخذ الهدايا؟؟ ألم تقل لكم الهدايا أنك تستحقها فقط للعمل الذي فعلته ولكن ليس لأننا نحبك. نفس الشيء بالنسبة لأبناء، نحن نوصل إليهم رسالة، أنتم تستحقون الهدايا نظير نجاحكم، وليس للأننا نحبكم فقط.
الفكرة الثانية: أن الأبوين قتلوا حب العلم عند الأبناء، بالهدايا!
سأعطيكم مثال بسيط للتوضيح. الله - سبحانه وتعالى - وعدنا بالجنة في مقابل أشياء كثيرة حسنة نعملها في الحياة وفي مقابل طاعته واتباع أوامره. فالعمل هو تجنب الشهوات والمحرمات والصدقات وأفعال الخير والجزاء هو الجنة؟
ومن فيهم الأقيم، بالتأكيد الجنة وهذا هو الصحيح. فدائما الجزاء أثمن من العمل حتى يحفزنا لنسعى له.
نعود لموضوع الهدايا. العمل هو الدراسة والتعلم، والجزاء هي الهدية.. يا ترى من فيهم الأقيم؟ أكيد العلم والدراسة.. ولكننا بالهداية، نغرس في الأبناء، أن العلم ليس بقيمة، لذلك نحفزهم للدراسة بالهدايا وكأنها هي الأقيم.
فما رأيكم الآن هل قتل الآباء حب العلم عند الأبناء بالهدايا أم لا؟
الفكرة الثالثة: أن الأبوين لا يهتمون بمصلحة أبنائهم حقا عندما يهدونهم!!
البعض فعلا يهدي حتى يحفز ابنه للنجاح وعدم الفشل. ولكن للأسف صارت موضة الآن، أن الأم تحفز أبنائها للتفوق أو النجاح حتى تتفادى الإحراج أمام صديقاتها بمستوى أبنائها. إذا هي مسألة مفاخرة على حساب مصلحة الأبناء، حتى لا نكون أمام الآخرين فاشلين في تربية أبنائنا. وكل واحدة تقول أبنائي درجاتهم كلها امتياز!
لا يهمكم درجاتهم، مقبول جيد ممتاز، ليس مهما، المهم يا إخواني وأخواتي حبهم لطلب العلم وسعيهم إلى ذلك. فهذه الدرجات هي تقييم نظام التعليم لهم ولا يحتم أنهم يحبون العلم والتعلم.
الفكرة الرابعة وهي الخاتمة: أن الأبوين سعوا إلى فشل أو تأخر أبنائهم بسبب الهدايا!
نعم فبعد كل ما شرحته في الأعلى، من إظهار حبنا لأبنائنا في مقابل نجاحهم وبالتالي نهديهم، وكذلك التقليل من شأن العلم بإهداء هدايا قيمة للتشجيع، وحماسنا لنجاح أبنائنا للمباهاة بهم وعدم التعرض للإحراج أمام أصدقائنا من فشلهم.
أخبروني الآن، هل سيدرس الابن فعلا للعلم والنجاح، أم سيتخذ ألف عذر وعذر للتخاذل والكسل أو الغياب، وستجدونه يتراجع يوما بعد يوما كارها الدراسة والمدرسة، وللأسف الكثيرين من البذخ والدلال لم يستطيعوا إكمال حتى الثانوية. وفشلوا في دراستهم. لأن أبويهم سعوا إلى فشلهم وتأخرهم بالهدايا أو الدلال.
إخواني وأخواتي الآباء والأمهات، أرجو أن تراجعوا أنفسكم من الآن لتعرفوا أين موقعكم في تربيتكم لأبنائكم.
لا أطلب أن لا تعطونهم هدايا عند نجاحهم الآن، فلا تصدمونهم بذلك... ولكن على الأقل أخبروهم أننا نعطيكم هذه الهدايا فقط للأننا نحبكم. وحتى إذا ما نجحوا أعطوهم هداياº لأنكم تحبونهم وهم يستحقونها أي لا رابط لها بالدراسة.
بعد ذلك ابدأو من هذا الصيف بمراجعة تربيتكم لأبنائكم، وارسموا خطة لتغرسوا لديهم حب العلم وليس حب الدرجات!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد