التميز في إدارة الموارد البشرية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

عرضنا في العدد السابق عن دور المدير في بناء الإدارة المتميزة وتحديدا في دوره في بناء منظومة التميز في العملية التنظيمية، وناقشنا معكم أهمية التنظيم في بناء الإدارات وأن عملية التنظيم تأتي منطقياً بعد عملية التخطيط.

واليوم نستكمل معكم في جزئنا الرابع عن التميز في إدارة الموارد البشرية ودور المدير فيها.

 

أولاً: مفهوم وأهمية إدارة الموارد البشرية:

 يمكننا تعريف إدارة الموارد البشرية على أنها عملية تزويد المؤسسة بالكفاءات البشرية المؤهلة، والحفاظ عليها، وتحفيزها وتطويرها لتحقيق أعلى مستويات الأداء والانجاز. وتتضمن كافة النشاطات المتعلقة بالحصول على الموارد البشرية وتوفير بيئة عمل مناسبة لها لتقديم أفضل ما عندها والعمل على تنمية مهاراتها وقدراتها لتحقيق أهداف المؤسسة بكفاءة وفعالية.

 

 وترتبط أهمية إدارة الموارد البشرية بأهمية العنصر البشري نفسه. ويقول عالم الإدارة بيتر دراكر بهذا الصدد أن إدارة الناس وليس إدارة الأشياء هي التي يجب أن تحتل الاهتمام الأول والرئيسي للمدير المتميز. وتعتبر الموارد البشرية هي العنصر الحاسم في تحقيق ما يسمى \" بالميزة التنافسية للمؤسسات \"

 

وتأتي أهمية الموارد البشرية من خلال ما أظهرته نتائج البحوث والدراسات أن الإدارة السليمة للموارد البشرية تؤدي إلى النتائج التالية:

1- تحسين الإنتاجية ورفع الأداء وتفجير الطاقات لدى العاملين.

2- تزايد إدراك المديرين بأن قدرة المؤسسة على التنافس والتميز والإبداع تعتمد على رأس المال البشري لديها.

3- تغير القيم الوظيفية لدى العاملين حيث يتطلعون إلى الاحترام والتقدير والمشاركة في صنع القرارات التي تتعلق بعملهم.

 

ثانياً: تخطيط الموارد البشرية:

يمثل تخطيط الموارد البشرية العملية التي تستخدمها إدارة الموارد البشرية لتأمين حصولها على الأعداد والنوعيات المناسبة من الأفراد لتعيينهم في الأماكن المناسبة وفي الأوقات المناسبة، والذين يكونون قادرين على انجاز مهام وواجبات الوظائف التي تمكن المؤسسة من تحقيق أهدافها بكفاية وفعالية.

 

والتخطيط المتميز للموارد البشرية يرتبط بالتخطيط الاستراتيجي للمؤسسة وبأهدافها وبرامجها، وبدونه قد تجد المؤسسة نفسها وجها لوجه أمام مشكلة نقص في الكفاءات اللازمة أو مشكلة فائض في أعداد بعض الموظفين أو عدم انسجام بين مؤهلاتهم والتخصصات المطلوبة لانجاز أعمال المؤسسة.

 

وتأتي بعد هذه المرحلة مرحلة الجذب أو الاستقطاب، ثم مرحلة الاختيار والتعيين، ويفترض أن يتم فيها تعيين أشخاص أكفاء في الوظائف المناسبة وعلى أسس موضوعية يُراعَى فيها مبدأ الجدارة والكفاءة لأن الهدف هو اختيار أفضل الأفراد لشغل الوظيفة. ويتطلب ذلك الحياد والموضوعية في تقييم المرشحين لشغل الوظائف الشاغرة، وإعطاء فرص متكافئة للجميع. ولذلك تجري عدة اختبارات للمرشحين ليتم على أساسها اختيار الأكفأ، كما يتم تشكيل لجنة للتقييم والاختيار لضمان الموضوعية والحياد في قرار التعيين.

 

ويتضمن التخطيط المتميز للموارد البشرية عدة عوامل، أهمها ما يلي:

· تحديد الاحتياجات والكفاءات الوظيفية للمؤسسة.

· تقدير أعداد وأنواع الوظائف لمختلف الإدارات والأقسام في المؤسسة.

· وضع الخطط لتوفير الموارد البشرية اللازمة لانجاز مهام ومشاريع المؤسسة والوحدات المختلفة فيها.

· التخطيط لتطوير العاملين في المؤسسة، ورسم مسارهم الوظيفي، لضمان تقدمهم الوظيفي والمهني.

· ترجمة احتياجات المؤسسة وأولوياتها إلى خطط وأنظمة عمل تتعلق بالتوظيف والتدريب وتقييم الأداء والحوافز والرواتب وما شابه.

· المحافظة على مستويات أداء فعال وإنتاجية عالية.

 

ثالثا: تحفيز الموارد البشرية:

تتمثل أهمية تحفيز الموارد البشرية في أنها أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على الأداء المتميز، كما يتضح من معادلة الأداء الوظيفي التي وضعها بعض خبراء الإدارة، وهي:

الأداء = القدرة × الدافع × التكنولوجيا × تصميم المهام × قواعد السلوك الجماعي × الأقسام الأخرى.

- القـدرة: وتتمثل في معلومات ومهارات الموظف المتعلقة بالعمل، وما تلقاه من تعليم وتدريب وخبرة عملية تمكّنه من أداء عمله على النحو المطلوب.

- الدافـع: ويعني رغبة الموظف في القيام بالعمل، وحماسه لإنجاز ما هو متوقع منه.

- التكنولوجيا: ويقصد بها الآلات والمعدات التي يستخدمها الموظف في أداء عمله، وتشمل حداثة التكنولوجيا وملاءمتها للعمل وتدريب الموظف على استخدامها.

- تصميم المهام: ويعني طريقة تقسيم العمل و المهام المكلف بها الموظف، وصلاحياته، وإجراءات العمل، والقواعد والتعليمات التي تحكم سير العمل.

- قواعد السلوك الجماعي: فالفرد يعمل ضمن جماعة لها أعراف ومعايير أداء محددة، وعلى الفرد التقيد بها. وإلا فانه يتعرض لضغط الجماعة ونبذها له.

- الأقسام الأخرى: إذا كانت الأقسام الأخرى غير متعاونة، فإن ذلك سيعيق الأداء، لأن التنظيم عبارة عن شبكة من الوحدات والأقسام المترابطة.

ويتمثل دور المدير الإداري المتميز في هذه المعادلة في تدريب الموظف وتنمية مهاراته (القدرة في المعادلة)، وكذلك في تشجيعه وتقدير أدائه وتحفيزه (الدافعية في المعادلة) وفي (تصميم المهام) إلى حدٍ, ما، وذلك عن طريق توزيع الأعمال وتفويض الصلاحيات.

 

ويتضمن التحفيز المتميز للعاملين في المؤسسات ما يلي:

·  وجود أنظمة موثقة ومطبقة لتحفيز العاملين وتشجيعهم على تقديم المزيد من الجهود والعطاء، وتبين بوضوح شروط عملهم وما لهم من حقوق وما عليهم من التزامات.

·  إتباع سياسة مكافآت وحوافز تتسم بالعدالة والموضوعية والشفافية

·  وضع سلّم رواتب وأجور ومكافآت ومزايا أخرى بما يتماشى مع العاملين.

·  تبني استراتجيات مناسبة لتعزيز رضا الموظفين والاحتفاظ بهم.

·  تبني سياسات وإجراءات عادلة وموضوعية فيما يتعلق بتقييم الأداء والترقيات.

·  تقدير جهود الموظفين الأكثر تميزاً، ومراعاة الفروق الفردية والتنوع الثقافي والاجتماعي للعاملين.

·  توفير ظروف عمل صحية وملائمة تساعد الموظف على الأداء المتميز والمبدع.

·  تبني وتعميم أنظمة وتعليمات واضحة ومفصلة بشأن تظلمات الموظفين وشكاواهم، وتعميمها على جميع العاملين.

·  تبني برامج لرعاية الموظفين وتحقيق الرفاهة لهم والحافظة عليهم كالتأمين الصحي والضمان الاجتماعي ومكافأة نهاية الخدمة وغيرها من المنافع الإضافية.

·  لقياس مدى رضا العاملين وتحديد ما يواجهونه من مشكلات، والاستفادة منها في تحسين مستويات رضا العاملين.

 

رابعا: تقييم أداء الموارد البشرية:

تقييم الأداء هو عملية قياس كفاية الأداء الوظيفي الحالي للموظف، والحكم على قدرته واستعداده للتقدم وتحمّل المسؤولية في المستقبل. ويعتبر تقييم الأداء الوظيفي معيارا فرعيا من معايير إدارة الموارد البشرية التي تتضمنها جوائز الأداء المتميز.

 

وتتمثل أهداف تقويم الأداء الوظيفي المتميز وأهميته في التالي:

§ مساندة القرارات الإدارية المتعلقة بشؤون الموظفين كالترقية أو منح المكافآت أو النقل أو الفصل من الخدمة.

توفير التوثيق اللازم لسلامة وملاءمة القرارات الإدارية والذي يتمثل في تقارير الأداء الوظيفي.

توفير أساس سليم لاتخاذ قرارات إدارية صائبة و عادلة، وذلك بدلا من الاعتماد على الحكم الشخصي.

إرشاد ونصح العاملين، وتوفير معلومات مرتدة أو تغذية عكسية للموظف فيما يتعلق بأدائه وذلك لكي يتعرف على مواطن القوة في أداءه لتعزيزها، وأوجه القصور لتلافيها.

وضع خطط لتحسين الأداء وذلك عن طريق تحديد الاحتياجات التدريبية للعاملين على ضوء تقارير الأداء الوظيفي، وتوفير التدريب اللازم لتلبيتها.

التنبؤ بقدرات العامل في المستقبل لضمان وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.

§ إشعار الموظف باهتمام رئيسه به ومتابعته لأدائه، وذلك من خلال التغذية العكسية التي يزوده بها.

 

ويتضمن تقييم الأداء الوظيفي المتميز في المؤسسات ما يلي:

·  وجود أنظمة موثقة تطبقها المؤسسة لتقييم أداء العاملين بشكل موضوعي وعادل، ويُظهِر نقاط القوة والضعف في أدائهم.

·  وجود نظام دقيق ومحدد لقياس أداء الموظفين، بحيث يتسم بالشفافية والوضوح، وأن يكون معلنا لجميع الموظفين.

·  أن تكون فلسفة النظام قائمة على أساس أن الهدف من تقييم الأداء هو هدف إيجابي من خلال تحسين أداء الموظف وتلافي القصور.

·  توفّر معايير تقويم أداء تستند إلى تحقيق النتائج، اعتماداً على طريقة \"الإدارة بالأهداف والنتائج\".

·  أن تكون معايير التقييم وثيقة الصلة بأداء العاملين.

·  أن تكون نتائج تقويم الأداء علنية بحيث يحق للموظف المعني الاطلاع على تقرير أدائه الوظيفي ومناقشته مع رئيسه إذا رغب.

·  أن يشمل تقييم أداء الموظف فترة التقييم كلها، وأن لا يتأثر بالحداثة أي بسلوك الموظف في آخر شهر أو شهرين مثلا.

·  أن يتضمن نظام تقييم الأداء نصوصا واضحة ومعلنة تحمي حق الموظف في التظلم، والرجوع إلى جهة أعلى لرفع تظلمه إليها.

 

وخلاصة القول

إن إدارة الموارد البشرية من الوظائف الإدارية الهامة في منظماتنا اليوم، حيث أصبحت الموارد البشرية قوة تنافسية في كثير من المؤسسات ومن خلالها يتم تفعيل الطاقات الكامنة لدى العاملين.

ولذلك فان المدير الناجح والذي يبحث عن النجاح لا بد أن يهتم بتوفير نوعا من الآلية المنظمة لإدارة وتطوير الموارد البشرية في مؤسسته لتساهم هذه الآلية بكل فاعلية في تحقيق أهداف المؤسسة وإستراتيجيتها ورؤيتها الإستراتيجية و تقدمها في هذا العالم المتغير وهذه التحديات التي تواجهها، بل هذه التحديات التي تواجه إدارات الموارد البشرية على وجه الخصوص.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply